تكاليف الاقتراض الحكومي القياسية في سوق السندات ارتفعت منذ منتصف العام، بعد عدة أعوام من التراجع الثابت. عوائد السندات لأجل عشرة أعوام كانت تتراجع خلال معظم هذا العقد، بحيث أن تكاليف الاقتراض في ألمانيا انخفضت إلى ما دون الصفر للمرة الأولى تماما قبل منتصف هذا العام. مع ذلك، منذ نهاية يونيو، ارتفعت العوائد بأكثر من 30 نقطة أساس. هذا ليس بالضبط هزيمة نكراء لسوق السندات، خاصة بالنظر إلى نقطة الانطلاق المنخفضة بشكل استثنائي؛ المسار ضحل، والأسواق تتحرك بخطوات متقاربة إلى حد كبير. لكنها قد تكون بداية تشير إلى انعكاس في الاتجاه العام. على خلفية سياسية واقتصادية غير مستقرة بشكل خاص، قراءة الإشارات الناجمة عن أسعار الفائدة هي أصعب بكثير من المعتاد. لكن في هذه الحالة، هناك ثلاثة تفسيرات ممكنة -التي ليس بالضرورة أن تكون متضاربة- لمعنى تكاليف الاقتراض الأعلى في سوق الدخل الثابت. استطلاعات الرأي تُشير استطلاعات الرأي إلى أن نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة سوف تعمل على تغيير الأمور. بعد النتائج المفاجئة لاستفتاء خروج بريطانيا في يونيو وانتخابات العام الماضي، ربما يكون الناخبون في المملكة المتحدة مترددين في الكشف عن نواياهم الحقيقية. نهج ترامب غير التقليدي لصُنع السياسة من غير المرجح أن يكون موضع ترحيب من قِبل المستثمرين. في الأول من نوفمبر، 1370 خبيرا اقتصاديا أصدروا رسالة تتهم ترامب بتفضيل «التفكير السحري ونظريات المؤامرة على التقييمات الواقعية لخيارات السياسة الاقتصادية الممكنة». نتيجة لذلك، الارتفاع في عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 أعوام إلى حوالي 1.8 بالمائة من مستوى منخفض وصل إلى 1.36 بالمائة في بداية يوليو يُمكن أن يكون دليلا على أن مديري الصناديق يطالبون بتعويض أعلى كضمانة نتيجة لفوز ترامب. ثم إن الانخفاض في أسواق الأسهم العالمية يُعزز الاحتمال أن الأموال الذكية تتجه إلى الهوامش حتى يتم تحديد موقف ترامب الحقيقي. احتمال ارتفاع معدل التضخم، الذي يؤدي إلى تآكل الدخل من السندات في المستقبل، عادة ما يرفع العوائد أكثر. كذلك فإن أسعار المواد الاستهلاكية تُظهر أخيرا علامات على الحياة -اليابان هي استثناء ملحوظ- بعد أشهر من الجمود. ارتفاع مكاسب الأسعار مرة أخرى، مكاسب الأسعار ترتفع من مستويات منخفضة للغاية. لكن الإجماع بين خبراء الاقتصاد هو أن معدل التضخم في الولاياتالمتحدة سوف يتجاوز هدف الاحتياطي الفيدرالي في كل ربع من العام المُقبل. المملكة المتحدة من المرجح أن تُظهر متوسط زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية يبلغ 2.3 بالمائة في العام المُقبل، وحتى معدل التضخم في منطقة اليورو من المتوقع أن يكون بمتوسط يبلغ 1.3% في عام 2017، مقارنة مع 0.2% فقط لهذا العام. لذلك من المعقول أن السندات ببساطة تستجيب إلى التغيير في الأُسس الاقتصادية من خلال عدم احتساب التسارع في معدل التضخم في الأرباع القادمة. لمصلحة المعاشات التقاعدية لدينا، ينبغي أن نأمل أن بيئة العوائد المنخفضة بشكل قياسي سيتبيّن أنها حالة شاذة. البنك المركزي الأوروبي لا يزال في السوق، مع عمليات شراء بقيمة 80 مليار يورو (90 مليار دولار) من السندات كل شهر. لكن هناك تكهنات متزايدة بأن البنك المركزي الأوروبي سوف يُخفّض عمليات الشراء ليعكس الانخفاض في خطر الانكماش. على سبيل المثال، المجلس الألماني للمستشارين الاقتصاديين قال في الفترة الأخيرة إن السياسة الحالية «تُهدد الاستقرار المالي» وإن «البنك المركزي الأوروبي ينبغي أن يعمل على إبطاء عمليات شرائه للسندات وإنهائها في وقت مُبكر». في الوقت نفسه، يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي يستعد لزيادته الثانية في أسعار الفائدة منذ أكثر من عقد من الزمن. الأسعار في سوق العقود الآجلة تُشير إلى احتمال بنسبة تبلغ حوالي 70 بالمائة لارتفاع في الذكرى السنوية الأولى لقرار البنك برفع أسعار الفائدة، الذي اتُّخِذ في ديسمبر من العام الماضي. في المملكة المتحدة، احتمالات إجراء تخفيض ثان لأسعار الفائدة في ديسمبر، بعد تخفيف السياسة النقدية (تخفيض سعر الفائدة) في فترة ما بعد استفتاء خروج بريطانيا في أغسطس، انخفضت إلى 7 بالمائة من أصل 40 بالمائة قبل سبعة أسابيع فقط. لذلك لا عجب أن عالم السندات التي تعطي عوائد أقل من الصفر بدأ في التقلص. وفقا لحسابات أجراها فيل كونتز، زميلي في بلومبيرج، فإن القيمة السوقية للسندات التي تعطي عوائد سلبية في مختلف أنحاء العالم تراجعت إلى 9.9 تريليون دولار، الذي يظل مع ذلك يعتبر مبلغا هائلا، لكنه تراجع بنسبة 19 بالمائة عن الذروة التي وصل إليها في يونيو الماضي عند 12.2 تريليون دولار. سوق السندات تواجه الإمكانية -البطيئة لكن المؤكدة- المتمثلة في إخراجها من غرفة العناية المركزة، أي السيولة التي لا تنفذ من البنوك المركزية. هذا ربما يتخذ شكلا يقوم على التخفيف من إجراءات التيسير الكمي أو إنهاء السياسات النقدية المتساهلة للغاية التي كانت تعتمد على أسعار فائدة قريبة من الصفر أو أدنى من ذلك. قال جون مينارد كينز: «عندما تتغير الحقائق، أغيِّر رأيي. فما الذي ستفعله يا سيدي؟» تشير أسواق السندات إلى أن الحقائق تتغير الآن. الأداء الذي كانت عليه في الأشهر الأخيرة ربما ينتهي به المطاف أن يصبح أقل أهمية من الأسباب التي أدت إلى التحول في تلك السوق.