بالتأكيد ليسوا أغبياء أولئك المرضى الخبثاء الذين يستغلون الأطفال جنسيا عن طريق الإنترنت، هم أذكياء جدا ولكنهم مصابون بلوثة الشذوذ التي صرفتهم عن استثمار عقولهم فيما ينفعهم وينفع من حولهم إلى الإضرار بهذه الفئة الغالية علينا جميعا أطفالنا فلذات أكبادنا وأحباب الله. والحق أنه حين نستشعر المشكلة فإننا ينبغي أن نعمل وقائيا قبل أن تقع الفأس في الرأس، فوصول أولئك المستغلين للأطفال أصبح محتملا في أي لحظة وزمان ومكان، إذ لا تخلو يد طفلة أو طفل من هاتف ذكي بين يديه، هذا الجهاز الذي بحجم كف اليد أضحى مكانا ملائما كي يرمي أولئك الخبثاء سنارتهم المحملة بالطعم الجذاب المسموم الذي يستدرجون فيه ومن خلاله الطفل بكل مكر وخداع وبعيدا عن أعين والديه وأسرته. ويأتي (الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت) والذي عقد في الرياض في الفترة من 15 – 17 صفر 1438ه برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية هذه الرعاية الكريمة التي تؤكد على الأهمية الكبرى لهذا الملتقى موضوعا ومضمونا وما سيطرح فيه وما سيتمخض عنه من توصيات. وجاء شعار الملتقى (مسئولية مشتركة) الذي افتتح وبدأت جلساته الثلاثاء الفائت ليضع النقاط على الحروف، فليس ثمة شك في أن الوقاية والعلاج لمشكلة استغلال الأطفال جنسيا عبر الإنترنت ليست مسؤولية مقتصرة أو محددة على الجهات الرسمية، فالبيت والأسرة والمسجد والمدرسة والإعلام الهادف كلهم شركاء في مكافحة هذا الاستغلال المقيت. وتشير الدراسات إلى أن جرائم استدراج الأطفال عبر مواقع الإنترنت تتم عن طريق برامج المحادثات، والبريد الإلكتروني، وشبكات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية وعبر إنتاج مواد إباحية للأطفال ونشرها وعرضها وتداولها وتصفحها وتعريض الطفل لمشاهدة هذه المواد الإباحية عبر الإنترنت ووسائل التقنية. وهنا يأتي الدور التوعوي المهم الذي يجب أن يكون في سن مبكرة بحسب مطوية معنونة ب (متى نبدأ بتوعية الأطفال بالتحرش الجنسي) وفيها ضوابط التوعية للأطفال، ومنها أن تكون مناسبة لسن وحاجة الطفل وأن تكون مستمرة ومتكاملة وبأسلوب حواري هادئ وعن كيفية التوعية تجيب المطوية بأربعة أساليب هي: غرس مراقبة الله وتقديم القدوة وتعزيز ثقة الطفل بنفسه وتوفير البيئة الآمنة وقص القصص التوعوية. ومن خلال وسم الملتقى أنقل هذه الفوائد المهمة فجريمة الاستغلال غير محصورة في دولة معينة فقد تبدأ في دولة وتتم في دولة أخرى، من المهم منع الاختلاء مع الطفل من قبل شخص آخر بلا مبرر، ومن أسباب الابتزاز تقديم الحاجات الأساسية للطفل غير المتوفرة له، ويحدث الابتزاز للطفل عبر الإنترنت بعد الحصول على بياناته الخاصة وصوره بعد التواصل طويل المدى، ومن وسائل المبتزين للأطفال كسب ثقة الطفل عن طريق اللعب معه ومساعدته على الفوز، لا بد من تعليم الأطفال رباعية الحماية من التحرش الجنسي وهي (اعرف - ارفض - اهرب - اخبر) رباعية الحماية هذه التي يجب على كل أم وأب ومرب تعليمها لأطفالهم فهي ستكون عونا لهم بعد الله في الحماية من التحرش، وتشير دراسة أمريكية إلى أن 82% من الجرائم الجنسية على الإنترنت تستهدف الأطفال، دور الوالدين مهم جدا عبر المتابعة والتثقيف والنقاش، ولكي ينجح ذلك لابد من توافر الثقة بينهم، للمدرسة دور مهم في تثقيف الطفل بما يتناسب مع تفكيره ونضجه العقلي. هذا الملتقى النوعي الأبرز الذي شارك فيه نخبة من الخبرات البحثية والأكاديمية والأمنية والهيئات الدولية والجمعيات الوطنية المتخصصة، هو لأجل أطفالنا ولمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة وحماية أجيال المستقبل من أولئك المجرمين من ذوي التوجهات والسلوكيات المنحرفة الذين استغلوا الإنترنت لهتك براءة الأطفال. * تربوي