عزا استشاريون نفسيون ومختصون، تزايد حالات استغلال الأطفال إلى غياب الثقافة العاطفية عن مناهج التعليم العام والجامعي، وفق رؤية صحيحة من خلال مناهج توافق الشريعة وعادات وتقاليد المجتمع. ولفتوا ل «اليوم» ضمن الملف الشهري الحادي عشر «تطبيقات الجوال والألعاب تستدرج الأطفال.. الإهمال يغتالهم»، إلى أن غياب الثقافة العاطفية يعد من أهم مسببات قضايا استغلال صغار السن من النواحي الفكرية والأخلاقية، مشيرين إلى أن الثقافة العاطفية أقوى الأسلحة التي تحمي صغارنا من الانحراف والابتزاز. وأكد المختصون والتقنيون أن استغلال الأطفال عبر تطبيقات الجوال والألعاب من خلال الهواتف الذكية تجاوز نسبة 30 بالمائة بعد طفرة الإنترنت والتقنيات الحديثة. وشددوا على أن حالات ابتزاز الأطفال داخل وخارج المملكة كثيرة، وترجع لعوامل أخرى إضافة إلى غياب الثقافة الجنسية، فمنها الفقر، والتفكّك الأسري، وفقدان الوازع الديني، والتربية الصحيحة، وانتشار التقنية الحديثة، منوّهين بدور الأم وتأثيراتها الإيجابية والسلبية في تشكل شخصية الطفل. وبيّنوا أن 85 بالمائة من ألفاظ المواقع المحببة للأطفال عبر مواقع «يوتيوب» وغيرها في المملكة غير سوية، وهذا يجعل الكثير من الأطفال يقومون بتقليدهم والبحث عن مفرداتهم على محركات البحث، مشددين على أهمية تقنين استخدام الأطفال للأجهزة الذكية وعمل اجتماعات دورية لجميع أفراد الأسرة والحديث بصراحة، وشرح الطريقة الصحيحة لاستخدام الهواتف الذكية، ووجود مراقبة من فترة لأخرى، ومشاركة الأطفال في التطبيقات التي يستخدمونها. المخدرات والاستغلال ابتداء، قالت الدكتورة فاطمة محمد كعكي -استشارية الطب النفسي وطب علاج الإدمان بمستشفى الأمل-: إن حالات استغلال الأطفال جنسياً داخل وخارج المملكة كثيرة، وترجع لعدة عوامل منها: الفقر ويتم استغلال وابتزاز الأطفال لحاجتهم؛ سواء المادية أو المعنوية، والثاني التفكك الأسري الذي ينتج عنه استغلال من قبل المروّجين. وأشارت إلى أن المخدرات لها علاقة وثيقة بالاستغلال والإساءة الجنسية. والعامل الثالث يتمثّل في فقدان الوازع الديني بعكس السابق، عندما كان الأهالي يربّون أطفالهم على ثقافة العيب والحرام التي أتت أُكلها في ذلك الوقت، في حين يجب في وقتنا الحاضر تربية الأطفال على عدم الاقتراب من الغرباء أو تقبيلهم أو لمسهم وتنبيههم على ذلك. والعامل الرابع يكمن في حرص أولياء الأمور على تربية أبنائهم التربية الصحيحة وعدم زرع الخوف في نفوسهم. والعامل الأخير، انتشار الوسائل الإعلامية ومنها الهواتف والتكنولوجيا الحديثة التي أصبحت منتشرة بكثرة في أيدي الأطفال. وأضافت كعكي: إن أغلب الأسر التي يتعرض أبناؤها إلى استغلال جنسي يفضلون عدم الإبلاغ خوفا من التشهير والفضيحة مما يفاقم المشكلة لدى الطفل وتتسبب في حالات نفسية وإدمان، إضافة إلى أن يتحول الطفل في المستقبل إلى معتدٍ أو معتدى عليه، مطالبة بوجود لجنة قوية لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي، لافتة إلى أن هناك حالات كثيرة متأثّرة بحوادث استغلال جنسي من الصغر من أقاربها وتفاقمت مشكلاتهم لعدم علاجها من الصغر، مشيرة إلى أن أغلب حالات الاستغلال الجنسي للأطفال حسب دراسة للأمم المتحدة في 2014 يأتي من أقرب الناس للأطفال. وبيّنت أن في الماضي، كان من الصعوبة مشاهدة أفلام جنسية أو التواصل مع الغرباء، وفي الوقت الحالي أصبح العالم كله بين يديك بإيجابياته وسلبياته، وأصبح الأطفال بارعين وضليعين في فك كل الشفرات التي تحجب المواقع الإباحية لمعرفتهم القوية بالتقنية الحديثة، لافتة إلى أن من بعض الحالات التي مرت عليها لفتاة صغيرة تشاهد أفلاما إباحية عبر الجروبات، وتطور الوضع لديها عن طريق محادثة، وبدأت تتعرّى لعمل أفلام مع جروبات مما تسبب لوالدها بصدمة كبيرة، مؤكدة أن الفتاة ليس لديها مشكلة سوى اختلال في الوازع الديني والمفاهيم، ولم تجد من يستمع إليها من الوالدين مما أوصلها لذلك، مشددة على ضرورة تدريس مناهج توعية بالثقافة العاطفية أو الجنسية المخفية. وقال الدكتور سعد عمر الخطيب كبير استشارييّ الطب النفسي واستشاري الطب النفسي للأطفال: إن الاستغلال الجنسي موجود لدى جميع شرائح المجتمع الأغنياء والفقراء وفي كل دول العالم، ومعظم الدراسات تقول إن استغلال الأطفال جنسياً ما يقارب 10 بالمائة قبل طفرة الإنترنت والتقنيات الحديثة، ثم تزايدت النسبة لتتجاوز 30 بالمائة من خلال مقاطع إباحية وتعريض الأطفال لمشاهدتها، الذي يُعد استغلالا من خلال الهواتف وما يُعرض على الطفل من مشاهد. الثقافة الجنسية وتساءل الدكتور الخطيب قائلا: لماذا أطفالنا أكثر عرضة لمثل هذه الممارسات دون الأطفال الآخرين في الدول الأخرى؟ مرجعا السبب في ذلك إلى أنه ليس لدينا الثقافة العاطفية «الجنسية» بشكل عام، وليست موجودة ولا تُدرّس في جميع مراحل التعليم العام وحتى الجامعي، وتكون في إطار محدد ويتقاذف المربّون مسؤولية تعليمها والتثقيف بها، لافتا إلى أن هناك دراسة أُجريت في منطقة من مناطق المملكة أظهرت أن ثلثيّ أطفالنا مستغلون جنسيا. وأضاف أن التثقيف في الأمور الجنسية غائب، ومَن يتحدث فيه يُطلق عليه أنه يريد إفساد المجتمع، لافتا إلى أن مثل هذه الممارسات لم تصل إلى أن تكون ظاهرة وتُعد قليلة، ولابد من التركيز على المناعة والوقاية قبل العلاج التي تتمثل في التثقيف والتعليم بخطورة المواقع والهواتف الذكية، ووضع ضوابط مثل الغرب الذي يشدّد على التعامل مع الأطفال، مشيراً إلى أن مقاييس تحذير التعامل مع الأطفال في الوطن العربي تختلف عن الغرب الذي يشدّد على التعامل مع الأطفال لاختلاف الثقافة الجنسية لديهم. وأوضح أن هناك علامات تحذيرية توحي بتغيّر سلوك الطفل في حال تعرّضه لمثل هذه الممارسات الجنسية؛ تتمثل في تصرفات لا تتناسب مع سنه من انطوائية وخلاف ذلك، لافتاً إلى أن كثرة استخدام صغار السن الأجهزة أفقدتهم التواصل مع الآخرين، ما يجعل البعض منهم يُصابون بالتوحّد، مشيرا إلى أن بعض المثقفين وأولياء الأمور يتهرّبون من تثقيف أبنائهم جنسياً خجلاً من الحديث في ذلك، مشدّدا على أنه يجب توعية الأطفال بالثقافة العاطفية بوجود مناهج متخصصة في التعليم العام وحتى الجامعي، وألّا يقتصر التثقيف على أمور ثانوية قد لا تفيد، خصوصاً الفتيات، لبناء مجتمع صحيح خالٍ من العقد النفسية بسبب هذه المشاهدات. الطفل ليس مذنبا وطالب الدكتور الخطيب بألا يُعامل الطفل الضحية كمذنب، وتثقيفه بما يُقبلُ رؤيته وما لا يُقبل في التقنيات الحديثة، ومعرفة أن هناك قانونا لحماية المبلّغ وسرية المعلومات، مؤكداً أن مؤسسات الدولة تطوّرت ولكن بخطى بطيئة لا تتواكب مع الأحداث المتسارعة الخاصة بالأطفال واستغلالهم، لافتاً إلى أن بعض وسائل الإعلام لا تقوم بدورها الصحيح في تقديم الرسالة التوعوية، وتركّز على جوانب تُظهر المجتمع على أنه سلبي وهي من الرسائل غير المقبولة. وأوضح معتوق الشريف -رئيس اللجنة السعودية لرعاية الطفولة- أن الأم وتأثيراتها الإيجابية والسلبية هي من تشكّل شخصية الطفل، وكثير من الأطفال يلجؤون لأمهاتهم أكثر من الآباء، حيث تبدأ الأم بتلقين الطفل في سنواته الأولى وغرس قيم وأساسيات صحيحة منها؛ التثقيف الجنسي بتنبيه الطفل بمواقع في جسده يُمنع لمسها من أي شخص. وأضاف الشريف: إن المجتمع مرّ بمراحل متعددة كونه مجتمعا ناشئا، فكثير من الأسر أثرت في حياة الأطفال، سواء من الأسر التي اعتمدت على الخدم، والأسر التي تكوّنت من زيجات من الخارج، التي أثّرت في كثير من القيم داخل الأسر السعودية، وأصبحت هناك ثقافات متعددة تدخل لفكر الطفل سواء داخل المنزل أو في المدرسة والمجتمع، إضافة إلى الدعوات لحرية المرأة والحرية الشخصية التي أثّرت نوعا ما، في ظل غياب كثير من القيم وانتشار الكثير من الممارسات الجنسية منها؛ استغلال الأطفال جنسيا والتي كانت غائبة عن مجتمعنا في السابق. وأشار إلى أن الأقران لهم تأثير، ومهما منعنا الطفل من التعامل مع الهاتف ربما يجد خارج المنزل وسيلة، ومن يدله على بعض الممنوعات ويسمح له برؤية مثل هذه الأشياء، لذلك نحتاج إلى الجانب التوعوي والثقافي الذي يُعد من أهم الأمور من أطباء ونشطاء باستطاعتهم تقديم رؤية وإصدارات توعوية تفيد الأسر والأطفال، ولو اتحدت كافة شرائح المجتمع ومؤسساته لحدّت من ظهور السلوكيات السلبية لبعض الأطفال، لافتاً إلى أن ثفافة العيب وكتمان الأمر بدأت تتلاشى نوعاً ما، بلجوء الكثير من المتضررين من أولياء الأمور إلى الجهات المختصة. ولفت إلى أن المجتمع يفتقد الإصدارات الثقافية ولا سيما للطفل، خصوصا المصورة منها، إضافة إلى افتقار مجتمعاتنا للمكتبات المنزلية والعامة ومحدوديتها، بالإضافة إلى جودة المناهج والمقررات الدراسية، وتفاعل أقطاب مهمة في المجتمع كأطباء علم النفس والأطباء بشكل عام لمحاربة الظواهر السلبية ومنها؛ استغلال الأطفال جنسياً، مشيراً إلى أن أكثر الجامعات وكليات الطب ليس لديها مناهج تعالج القضايا الآنية في المجتمع، ولذلك الكثير من الجامعات تعتمد على بعض النشطاء الذين يقدمون ثقافة الأطباء الجدد في هذا الجانب. سلبية الآباء وبيّن أن كثيرا من الأطباء الذين يتعاملون مع المستغلين جنسيا والمعنفين ليس لديهم دراية بكتابة تقرير عن التحرّش والعنف، وفي حالات كثيرة تم الوقوف عليها كان الأطباء النفسيون عاجزين وخائفين من التعامل مع الجهات الأمنية لخوفهم من أولياء الأمور الذين يرفضون إبلاغ الجهات الأمنية خوفا من الفضيحة. وقال الشريف: إن التوعية الجنسية عبارة عن اجتهادات شخصية من بعض الجهات وعلى خجل، في ظل عدم تفعيل خط مباشر للدعم الأسري في هذا الشأن، مشيراً إلى أنه على الإعلام بجميع وسائله دور مهم في التوعية والتنوير للمجتمع بطرح يتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع، مطالباً بتفعيل دور الشباب والأطفال في استقطابهم وتوجيههم التوجيه الصحيح من خلال فعاليات وبرامج يُعدها ويقدمها الشباب والأطفال ليكون لهم دور فاعل في المجتمع لعلمهم التام باحتياجاتهم النفسية والاجتماعية. وقال المهندس نايف عوض الثبيتي -مدير مركز تقنية المعلومات بالكلية التقنية بجدة-: إن نسبة كبيرة من أولياء الأمور سلبيون في التعامل مع وجود أحدث الأجهزة في أيدي أطفالهم، وهم لا يتجاوزون العاشرة من العمر مما يعرّضهم لخطر الاستغلال والابتزاز من قبل ضعاف النفوس، مؤكداً أن الطفل أمانة يجب العناية به والحفاظ على سلوكياته بتقنين استخدامه للهواتف الذكية. وأضاف: إن عمل «كنترول» على الأجهزة مع الأبناء صعب جداً في العالم المفتوح، مع العلم بأن الجهات الحكومية عملت فلترة للمواقع وحجبت الكثير منها، إلا أن هناك برامج مفتوحة ومتاحة على الهاتف لكسر أى حجب، مؤكداً على دور ولي الأمر لحماية الأبناء وعدم تركهم بمفردهم مع الأجهزة داخل غرف النوم، والتوضيح للأبناء بمخاطر الأجهزة وتطبيقاتها التي تُعد خطيرة وإباحية بشكل كبير، منوهاً إلى وجود القوانين من خلال نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، ولكن ينقصها التفعيل والتطبيق الفعلي على أرض الواقع. على الصعيد ذاته، قالت هوازن عبدالله الزهراني -المستشارة التربوية والناشطة في حقوق الطفل-: إن المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات الخليجية تطرّقا لقضايا الطفل، بوجود خط المساندة 1919 في الشؤون الاجتماعية، حيت المجتمع المدني في المملكة أسرع من الكثير من دول الخليج، مشيرة إلى أن الشركات المصنعة هي الذكية في صنع أجهزة ذكية لممارسة الحياة بطريقة أسهل وفي متناول الجميع. الابتزاز جنسيا وفكريا وأضافت: إنه يجب الاهتمام بقضية استغلال الأطفال جنسيا، التي وصلت حاليا للاستغلال الفكري من الإرهابيين، خصوصا في بعض الألعاب «أون لاين»، التي تضلل فكر الطفل والمراهق، إضافة إلى استغلال الأطفال عن طريق سكايب سواء فكريا أو جنسيا، حيث يتم جذب الطفل بإرسال صور ومقاطع خصوصا للأطفال المحرومين عاطفيا. وأشارت الزهراني إلى أن 85 بالمائة من ألفاظ الممثلين في مواقع اليوتيوب في المملكة إباحية وغير سوية، ما يجعل الكثير من الأطفال يقومون بتقليدهم والبحث عن مفردات إباحية سمعوها في محركات البحث، ويتعرضون لمشاهد إباحية لا تليق بأعمارهم، إضافة إلى أن بعض ضعاف النفوس يستغلون الأطفال بطلب صور ومقاطع بحجة زيادة المتابعين لهم في حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعدها يتم استدراج الأطفال وابتزازهم جنسيا. ولفتت إلى أنه من الحلول: الحوار والمصداقية والشفافية مع الأطفال وعدم تأنيبهم، وشغل الفراغ العاطفي لدى الطفل بما يفيد بالاحتواء والحب وتشجيعه على المشاركة في الأنشطة الحركية، من خلال نواد أسرية وأنشطة منخفضة التكاليف، وزيادة أندية الحي في الأحياء، حتى يستطيع الجميع المشاركة فيها، مطالبة بلجنة محايدة في كل القطاعات المعنية بالطفل لمتابعة الطفل المعنّف والمستغلّ في المدارس ودور الأيتام وكل الجهات التي ترعى الطفل. الحوار أمان من جانبها، قالت الدكتورة سحر كامل رجب -المستشارة النفسية والأسرية-: الطفل عندما يشعر بأن والديه يستمعان له يشعر بالأمان ويتحدث بصراحة دون خوف، وأن يكون هناك تشجيع من الوالدين عن الحديث في كافة الأمور التي تخص الطفل مهما كانت، حتى لا يخرج عن السيطرة، ويذهب لمن يستمع إليه في محيطة الخارجي من خلال التطبيقات الحديثة الموجودة في الهواتف الذكية، مشيره إلى أن من علامات تعرّض الطفل إلى استغلال جنسي؛ الانعزالية والتأتأة والخوف من الكلام، وهي مؤشرات تدل على حدوث مشكلة للطفل. وأضافت: إنه يجب تقنين استخدام الأطفال للأجهزة الذكية وعمل اجتماعات دورية لكافة أفراد الاسرة والحديث بصراحة، وشرح الطريقة الصحيحة لاستخدام الهواتف الذكية، ولابد من وجود مراقبة من فترة لأخرى والمشاركة معه في التطبيقات التي يستخدمها، مؤكدة أن بيئة الطفل متى كانت صالحة ستكون التنشئة جيدة، ويكون الطفل متزنا سلوكياً، إضافة إلى غرس القيم والسلوكيات الإيجابية من الصغر بالحوار والصراحة مع الأهل. وقال يحيى خضران الحارثي -مساعد مدير دار الملاحظة الاجتماعية بجدة-: إن الطفل مثل المزرعة تبدأ بالبذور وزراعتها ليكون النتاج سليما، حيث إن الطفل مهيأ من صغره لغرس قيم تحميه طوال حياته، تتمثل من سنواته الأولى وحتى العاشرة من عمره، التي تكون فيها الأحداث التي تعرض لها الطفل سواء إيجابية أو سلبية راسخة في الذهن حتى الكبر، وهذه المرحلة التي يجب فيها الاهتمام بها والنقطة الأخرى تتمثل في التفكك الأسري من طلاق والبعد بين الأزواج وترك الأطفال والانشغال بالأجهزة والأصدقاء، التي تسهم بشكل كبير في تعرّض بعض الأطفال إلى الاستغلال. وأضاف الحارثي إلى أن المراقبة والمتابعة من الأسرة للطفل اختفت وأصبحت شبه معدومة من الوالدين والمدرسة، حيث تقلّصت المناهج الدينية والتي تعد مشكلة وخطأ فادحا مما يتسبب في انعدام الوازع الديني، إضافة إلى إهمال الطفل في المنزل وفي المدرسة وبيده جهاز يتجول به كيفما يشاء والتعرف على أصدقاء في الجروبات وتبادل المشاهد الإباحية، ما يجعله فريسة سهلة للاستغلال في ظل غياب الوالدين وانشغالهما. وقال الكاتب الصحفي بسام فتيني: نحتاج إلى مؤسسات مجتمع مدني متخصصة في ثقافة التواصل الاجتماعي واستغلال الأطفال جنسيا والتي لابد أن يكون لها لجنة أو مؤسسة مجتمعية بوجود صلاحيات تكفل حماية الأطفال، مشيراً إلى أن الكلام النظري يختلف على أرض الواقع عن العملي، ويجب مشاركة الأبناء في التواصل معهم عبر التطبيقات التي انضموا إليها، وإذا لم نواكب أبناءنا سنتخلّف كثيراً وتصعب بعدها معالجة الأمور. وأضاف فتيني: الثقافة الجنسية أصبحت مطلبا ويجب تثقيف أبنائنا في المنزل والمدرسة والمجتمع، ورغم وجود معارضة يجب البدء لحماية الأبناء من الاستغلال جنسياً وابتزازهم، مشيراً إلى أنه متى ما وجد الرادع القوي للمعتدين والمستغلين وتحرر الأسر من الخوف من الفضيحة سنصل إلى مجتمع خالٍ من المشاكل للأطفال. وقالت هوازن باداود -من إدارة برامج قناة أجيال-: إن أغلب وسائل الإعلام لا تزال تقف عاجزة عن طرح مثل هذه السلبيات في التليفزيونات الحكومية، ولابد من حرية في التعاطي مثل هذه السلبيات لحماية الأبناء بما يناسب الطفل والكبار والعادات والتقاليد، مؤكدة أن الوعي الآن اختلف عما كان عليه في السابق وسقف الحرية ارتفع لطرح مثل ذلك، ووجدت حملات مثل حملة لا تلمسني، إضافة إلى أن لدينا في قناة أجيال برامج في آداب الإنترنت، وتقنينا لوسائل التواصل الاجتماعي، مشددة على أن للإعلام والأسرة دورا مهما وحيويا في الرقابة والحفاظ على الأبناء من الاستغلال والابتزاز، خصوصاً في ألعاب الأون لاين. وأضافت باداود: إن هناك لجنة مكونة من عدة جهات حكومية لعمل فريق عمل لمكافحة الجرائم الإباحية ضد الأطفال وقناة أجيال إحدى هذه الجهات لوضع خطة عمل لمكافحة الجرائم ضد الأطفال، مشيرة إلى أن هناك قوانين تحمي الطفل، ولكن ليس لدى المجتمع ثقة في المؤسسات التي تحمي الطفل، وهناك خوف على الأطفال من دور الحماية. وقالت الإعلامية مها شلبي: إنه يصعب عمل كنترول على الطفل مع انفتاح العالم في فضاء الإنترنت، إضافة إلى فضول الطفل وحبّه للاكتشاف، والأفضل التوعية والحوار مع الأبناء في الوقت الحالي، حيث تُعتبر التوعية الأهم تليها المراقبة، مشيرة إلى أن لكل فئة عمرية أسلوبا في التعامل والتوعية والبرامج التي تخدم كل مرحلة عمرية. في سياق متوازٍ؛ وأصدر المركز الوطني الاسترشادي لأمن المعلومات بهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في وقت سابق دليلا بعنوان «حماية الأطفال من مخاطر شبكة الإنترنت» يقدّم للآباء والقائمين على رعاية الأطفال المشورة والمعلومات، والأدوات اللازمة، لإبقاء الأطفال في مأمن عند استخدام شبكة الإنترنت. ويبيّن كيفية توجيههم وتعريفهم بأساليب استخدامها، والتعامل معها بأمأن، ويُعنى الدليل بإيضاح ما يمكن للأطفال فعله على شبكة الإنترنت، كما يبيّن المخاطر المرتبطة باستخدامها، والإستراتيجيات التي يمكن الأخذ بها؛ لتقليل المخاطر. وأوضحت الهيئة في الدليل أن الكثير من الآباء يوفّرون الهواتف المحمولة لأطفالهم لأهداف أمنية، ومن أهمها: أن يكونوا دائماً على اتصال بهم، ولكن القليل منهم يكون على دراية بالمخاطر التي تحيط بالطفل عند توفّر هذه التقنية معه في أي مكان وزمان، فهذه التقنية في تطورها المتسارع أصبحت تتخطى ما عُرف عنها، فهناك العديد من الهواتف المحمولة توفّر خدمة الاتصال بالإنترنت عبر شبكات اتصال الجيل الثالث، ما يسمح بتصفح الإنترنت بمحتواه النصي أو الصوتي، أو الصور الثابتة والمتحركة، وتتوفّر هذه الأجهزة بين أيدي الأطفال بسهولة، نظراً لكثرتها وتعدد خدماتها ومناسبة سعرها في بعض الأحيان، وهكذا أصبح الإنترنت مكاناً عاماً يمكن الدخول إليه في أي وقت، وأي مكان، مما يشكّل خطرا واضحا على الأطفال. توصيات الندوة * تثقيف الأسرة لتستطيع مساعدة الطفل وزرع الثقة والحوار بشفافية. * كسر حاجز ثقافة العيب والحديث بكل شفافية لحماية الأبناء وطرح المناهج للثقافة الجنسية في المدارس لمواكبة مشاكل المجتمع ببرامج فعّالة. * التربية الأساس مع تعاون الجهات المختصة. * تفعيل مكتبات الطفل ودور الشباب والأطفال في الأحياء واستغلال طاقات الشباب والأطفال وسنّ القوانين وتفعيلها، والطرح الإعلامي المتزن وفق منهجية صحيحة. * طرح المناهج للتثقيف في الحياة الجنسية في المدارس بلغة تناسب المجتمع والطفل. * إحياء المكتبات داخل الأحياء من خلال أمانات المدن بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام. * دعم قناة أجيال السعودية لتكون رائدة في مجال الطفل وقضاياه. * تسهيل إجراءات وجود جمعيات متعلقة بالطفل ومساعدة الوزارة في قضايا الطفل. * إقرار نظام يحمي المبلّغ وفيه خط واضح لمسار التبليغ من أول البلاغ إلى اتخاذ الإجراء. * تفعيل دور الأسرة وأن تكون رقابة أسرية وتوعوية من خلال الأسرة. * متابعة الألعاب التي فوق 18 سنة ومنع بيعها ومتابعة الألعاب الخاصة بالطفل. * وجود برامج تثقيفية في الإعلام في القنوات والإذاعات للأطفال والمراهقين. * الاعتراف بالواقعة وعدم توبيخ الطفل. * المطالبة بوجود جمعيات لدعم الأطفال المستغلين. * الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال. هوازن الزهراني وهوازن باداوود أثناء الندوة د. كعكي تطرح وجهة نظرها وإلى جوارها د. سحر رجب فتيني متفاعلا خلال الندوة بين الثبيتي والشريف