أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي، أن من صور الاستهانة والاستخفاف بالشريعة ومقام النبوة عدم تعظيم وتقديس الشعائر الزمانية والمكانية، التي أمر الله - تعالى- بتعظيمها، وحث النبي - صلى الله عليه وسلم- على حبها وإجلالها، ومن ذلك شهر الله الحرام محرم ومكة المشرفة والمدينة النبوية المنورة وبيت المقدس الشريف، وهي من أعظم شعائر الدين ومقدسات المسلمين المباركة التي باركها الله - تعالى- وقدسها والتي كانت منذ القدم شوكة وغصة وغيظا للأعداء، فاليهود قبحهم الله ما زالوا يعبثون في المسجد الأقصى فسادا وقتلا وتخريبا، ثم جاء قوم طائفيون حاقدون على مقدسات المسلمين فشابهوا اليهود في أفعالهم وأرادوا أن تكون مكة خرابا يبابا في شهر الله الحرام كما كان يريد أبرهة المقبوح المنبوذ ومن تشبه به على مر العصور، لكن الله - تعالى- كان لهم بالمرصاد وأبطل كيدهم ومكرهم وحمى حرمه وبيته العظيم، فما أشبه هؤلاء الطائفيين الحاقدين باليهود وما أقربهم إليهم وهذا دين أهل النفاق الذين يبطنون الكفر والحقد على مقدسات المسلمين ويلتقون مع كل ظالم وباغ في حقدهم على المسلمين ومقدساتهم، كما تحالف المنافقون مع الذين كفروا من أهل الكتاب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله فيهم قرآنا يتلى إلى يوم القيامة قال تعالى: «ألم تر إِلى الذِين نافقُوا يقُولُون لِإِخوانِهِمُ الذِين كفرُوا مِن أهلِ الكِتابِ لئِن أُخرِجتُم لنخرُجن معكُم...». وقال الشيخ الغامدي: لقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- خبر الصدق أنه سيأتي أناس يريدون السنة ويعرضون عنها ولا يقبلون بها فقال: «ألا إنما أوتيت القرآن ومثله معه، الا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله». وتابع الشيخ الغامدي يقول: إن من أعظم صور الإعراض عن سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم- الابتداع في الدين وإحداث عبادات وطرائق في السلوك وتهذيب النفوس والتزكية لم يكن عليها الأمر الأول العتيق الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم- الذين هم المقياس الصحيح للاتباع من عدمه، قال صلى الله عليه وسلم: «من رغب عن سنتي فليس مني»، وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وإن الابتداع والإحداث في العبادات والسلوك من أشنع صور الإعراض عن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- بأنه لم يؤد رسالة ربه كاملة غير منقوصة ولم يبلغ دينه كما أمره الله فيأتي أولئك القوم فيستدركوك على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله ويشرعون للناس ما لم يأذن به الله ورسوله. وفي المدينةالمنورة، تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، عن فضل محبة الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام-. وقال فضيلته: «لقد اختار الله واصطفى وفضل نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام- على كافة الناس وسائر المخلوقات فبعثه رحمة للعالمين وخاتما للأنبياء والمرسلين إلى هذه الأمة شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وقد اختاره الله من أنفس معدن وأشرف محل وأفضل زمان ومكان وزكاه بأحسن وأكمل الصفات والأخلاق وفضله على جميع خلقه، وشرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره واصطفاه في كل شييء، اصطفاه في عقله فقال سبحانه: «ما ضل صاحِبُكُم وما غوى» واصطفاه في خلقه وقال سبحانه «وإنك لعلى خلق عظيم»، اصطفاه في حلمه فقال: «بِالمُؤمِنِين رءُوف رحِيم»، واصطفاه في علمه فقال: «علمهُ شدِيدُ القُوى»، واصطفاه في صدقه فقال: «وما ينطق عن الهوى»، اصطفاه في صدره فقال «ألم نشرح لك صدرك»، واصطفاه في فؤاده فقال: «ما كذب الفُؤادُ ما رأى»، واصطفاه في ذكره فقال «ورفعنا لك ذِكرك»، اصطفاه وأرضاه فقال «ولسوف يُعطِيك ربُك فترضى»، ولقد قرن الله طاعته بطاعته ومحبته بمحبته فلا يتعبد الله ولا يتقرب إليه إلا بما شرع على لسان نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام-، وليس للجنة طريق إلا طريقه هو سبب هداية الناس ونجاتهم وهو صاحب الشفاعة الكبرى، وقد استقر في الفطر السليمة والعقول الصحيحة حب من كانت هذه أخلاقه وتلك صفاته. وبين فضيلته أن محبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- فرض لازم وركن واجب وشرط في الإيمان، ومن دلائل محبته تمني رؤيته - صلى الله عليه وسلم-، وعدم الغلو فيه لأن الغلو مخالفة ومشاقة له، وقراءة سيرته والتعرف إليه عليه أفضل الصلاة والسلام.