«فلفسة»، ليس هناك خطأ في الكتابة الإملائية، فهذا هو المقصود بالحرف؛ لأنه أثارني نقاش وجدل بين اثنتين تراشقتا بالسِباب إلى أن احتد النقاش، فقالت أحدهما للأخرى بلاش فلسفة، يعني أن الأولى قد استخدمت كلمات لم تفقهها الثانية أو إنها جديدة عليها فرشقتها بتلك الكلمة حتى تفض النقاش، بمعنى «غُلب حمارها»، بعد ذلك استرجعت الحوار مرة واثنتين وعشر، تعبت ولكني واصلت؛ لمحاولة التفسير إلى أن توصلت للمفهوم العام للفلسفة هنا أي في قواميسنا الخصوصية، وإليكم التعريف: إن كل من يمتلك بعض كلمات جديدة غير دارجة في الحوارات اليومية يعتبر متفلسفا ولديه رؤية دون أخذ المضامين بالاعتبار، ومعنى ذلك أن المتفلسف هو جامع عبارات كلامية ليس فيها أدنى فكرة أو إيحاء لمنهج الفلسفة الفكرية، ولو قلنا إن شعبنا الجميل لدية رؤية لوجدنا أن غالبية الشعب يندرج تحت هذا المسمى وهو المتفلسف، ولو عدنا قليلا إلى البداية لوجدنا أن المتجادلتين هما في الأصل تجادلتا لفظيا وليس فلسفيا؛ لأن الجدال اللفظي وما يندرج تحته ليس بالفلسفة، وفي تصوري أن الجدال لدينا وبين أفراد شعبنا ليس سوى صراخ أو تراشق بالكلمات التي قد تكون في الأصل عقيمة لا توصل إلى حسم إنما تزيد من فتيل الاشتعال! فأحب أن أقول نقطة صغيرة، وهي ليس كل من اجتهد وحفظ كلمتين من الكتب، عفوا لم أقصد «كتبا»، لأن الكتب بعيدة المتناول عن الغارقين في متابعة الفضاء واللونين الأخضر والأحمر وطبعا معروف ما المقصود، إنما الأقرب أن أقول مجلة تستعرض مشاكل الفتيات مع أمهاتهن أو حتى تنمق أخبار لاعبي كرة القدم الداخلية والخارجية، المهم نعود إلى صلب الموضوع وهي فلسفة شعبي العزيز لأن كل شيء في القائمة طبعا خاضع إلى فلسفة من نوع خاص، وطبعا هي فلسفتنا الراقية، ولو كان ديكارت وأرسطو وأفلاطون يعلمون أن معنى الفلسفة سيصل إلى هذا الفهم وبهذا التبسيط؛ لما كانوا اتعبوا ذواتهم في سن القوانين الفلسفية ولا النظريات الفكرية التي أخذت منهم سنوات أعمارهم الطويلة في سبيل الرقي بفكر المجتمعات، ولكن من محاسن العولمة كما يقول البعض أنها سهلت الأشياء، ولا بد أن تكون من ضمنها القائمة الفلسفية حتى يتسنى للبعض -ولماذا أقول البعض- بل الكل أن يخترع له قانونا ويسير على رؤية معينة تقيه الضربات التي تصفه بالجاهل وحتى يثبت غير ذلك فما عليه إلا أن يجمع أكبر قدر من الكلمات التي لا تدور عادة بين المجالس ويظل يرددها وهو واثق من ذاته وكأنه اكتشف كنزا من كنوز المعرفة، وهنا لا بد أن يكون ملما بكل كلمة جديدة تطرح في مجلة أو جريدة؛ حتى يتم تسويقها لذاته، وطبعا الأمثلة كثيرة ولا تكفي كلمات المقالة لذكر حتى لو اليسير منها؛ لأنه مع كل حدث نظل نردد حيثيات وأبعادا ونظريات كثيرة، أكاد أجزم أن من يرددها لا يفقه الكثير. ثم ظهرت كلمات تدلل على الأفكار: كعلماني، وليبرالي، وردكالي، متناسين أن كل هذه هي حركات إصلاحية خرجت في ظل أوضاع معينة وليست فلسفات ولا أسس عقيدة، المهم أن القائمة تطول في ظل فلسفتنا الشيقة والتي اتخذت من كل شيء مبدأ فلسفيا بعيدا عن الاجتهاد الفكري، وتستمر الجدالات وسط أجواء لا يفقه منها أين مكمن الفلسفة أهي في اللفظ أم الفكرة التي قد نستوردها دون إدراك أنها ليست قضية للنقاش إنما قضية لطرح الفكر الذي تكلس من جراء عدم التحريك وإنما يكتفي فقط بالاستقبال وليس هناك نبضات إرسال أو حتى أمل في نبضات إرسال.. من استطاع فهم شيء مما قلت فجزاه الله خيرا؛ لأنه بذلك قد استوعب الفكرة.. وبس.