الإدارة سبب نجاح أو فشل أي مشروع تجاري، هذه واحدة من أبرز القواعد التي يدرسها طالب إدارة الأعمال، ولقد وردني سؤال حول إمكانية إدارة قيادي من شركة أرامكو - إدارة حكومية- أمانة من الأمانات على سبيل المثال، ما اعتقده أن أحد عوامل نجاح القيادي في أرامكو هو وجود أنظمة وكوادر إدارية من حوله تساعده على السير في نهجه الإداري الذي اعتاد عليه، وقد لا يجد كل ذلك من حوله في موقع آخر، إلا إنني مع ذلك اعتقد أن بإمكانه أيضا النجاح رغم بعض الصعوبات التي ستعترضه أو تبطئ مسيرته، وبشكل عام أعتقد أن القيادي الناجح في أي مجال يستطيع أن يكون ناجحا في إدارة أي موقع، ولنا في سيرة الدكتور غازي القصيبي عبرة، حيث كان من أنجح الوزراء في كل الوزارات التي كان فيها. وانطلاقا من الحديث حول الإدارة ودورها في نجاح المؤسسات، فقد كان لنا نقاش بالأسبوع الماضي وعلى مدى يومين حول ما يمكن للإداري في أي مؤسسة أن يعمل في ظل الظروف الحالية، وما صاحبها من تقلبات، فإدارات المؤسسات لم تستفق بعد من صدمة أنظمة وزارة العمل المتتالية، وما تلاها من انخفاض في أسعار البترول وبالتالي انخفاض في المشاريع وتأخر في استلام المستخلصات المالية، وثالثا انخفاض يقارب ال 30% في دخل موظفي الدولة، وما تبعه بطبيعة الحال من انخفاض في المبيعات، هذه الأمور المتتالية، لا شك أنها ستؤثر- بشكل كبير- على قطاع الأعمال، فهل سيرفعون الراية البيضاء ويعلنون انسحابهم من سوق العمل؟- كما فعل البعض - أم أنهم سيظهرون أفضل ما لديهم ويتغلبون على الصعاب ويثبتون أن المواطن قادر على تخطي العقبات وتجاوز المحن، وأن السوق ما زال به خير، ولكن يلزم التعامل معه بصورة مختلفة، ماذا يمكن أن تقوم به إدارة مؤسسة ما، من خطوات في ظل هذه الظروف. وبالرغم من أن الإجابة على ذلك تحتاج إلى المزيد من النقاشات، إلا أنه يمكن اختصار الإجابة في مسارين، الأول: وهو المسار التقليدي الاعتيادي، عبر معالجة الوضع الحالي من خلال نظام شد الأحزمة، أولا: التخلص من العمالة المكلفة وغير المنتجة والفائضة عن الحد، ثانيا: تشجيع العاملين وتحفيزهم ومتابعتهم بشكل أكبر لزيادة الإنتاجية وتقليل الهادر، مع وضعهم في صورة الوضع ليكون الجميع في خط واحد واتجاه متناسق، وثالثا: السعي لتخفيض كافة المواد المستخدمة عبر البحث عن مصادر أقل تكلفة علاوة على العمل على تقليل الهادر من خلال رقابة أفضل من السابق، وبعد ذلك البحث عن أسواق جديدة؛ لتعويض نقص الأسواق الحالية، وأخيرا.. لا بد من تخفيض الأسعار لاستقطاب الطلب القليل المتوفر بالسوق ولو لفترة محددة. أما الجانب الآخر، فهو الجانب الإبداعي، وهنا يبرز دور القيادي الأكثر حنكة وذكاء وجرأة عبر الخروج بأفكار جديدة وقد تكون بعضها أفكارا إبداعية وغير تقليدية، من خلال التفكير خارج الصندوق، والخروج بفكرة قد تكون غير اعتيادية أو غير مألوفة. لا مجال أبدا للاستسلام، ولا خيار سوى مواصلة التفكير؛ من أجل التطوير في مجال العمل مقرونا بالإبداع والابتكار، فالمستقبل هو للعمل الحر، رغم الصعوبات الحالية والمتصاعدة، فالبلاد متجهة بهذا الاتجاه، وفي التجارة تسعة أعشار الرزق.. وبالله التوفيق.