دار جدل سقراطي مع بعض الأصدقاء، أيهما أفضل للمصالح العربية فوز المرشح للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب الذي يبدو للبعض أقرب لمصارع في حلبة مصارعة حرة منه لشخص دبلوماسي، أم هيلاري كلينتون صاحبة التجربة السياسية المعروفة كوزيرة للخارجية الأمريكية في الفترة الأولى من رئاسة أوباما؟ وكنت أجيب برغم أني أرى أن المرشحة هيلاري كلينتون هي الأكثر حظا للفوز برئاسة البيت الأبيض، لكنني لا أرى ذلك الفرق الكبير لو حدث خلاف هذا، بل أكثر من هذا لا تشغلني الانتخابات الرئاسية الأمريكية كثيرا، وأرى أن الإعلام العالمي ما كان ليهتم بهذه الانتخابات بالصورة المبالغ فيها، لولا أنها أمريكا القوة العظمى في العالم بالدرجة الأولى وليس لأن الانتخابات الرئاسية قد تحدث تحولا كبيرا في سياسية أقوى دولة في العالم لذاتها، وهذا ليس تقليلا من منصب رئيس أقوى دولة في العالم، فالدستور الأمريكي يمنح الرئيس سلطات واسعة في الشؤون الخارجية كرئيس تنفيذي وقائد عام للقوات المسلحة وكبير للدبلوماسيين، ومع هذا من السذاجة السياسية أن يقال إن الرئيس الأمريكي يمكن أن يكون مطلق اليدين في صياغة السياسة الخارجية مع قضايا العالم، ناهيك عن القضايا العربية، فالرئيس جيمي كارتر الذي يوصف بأنه كان أكثر الرؤساء الأمريكيين تعاطفا مع قضية العرب الأولى أي القضية الفلسطينية لم يستطع أن يقدم في فترة ولايته الوحيدة لهذه القضية إلا اتفاق كامب ديفيد، ولم يستطع أن يطور عملية السلام المصرية الإسرائيلية أكثر من هذا القدر، لماذا؟ لأن في الولاياتالمتحدةالأمريكية قوى ضاغطة عديدة تساهم مساهمة كبيرة في صياغة السياسة الخارجية أبرزها الكونجرس الذي تعد صلاحياته في الشؤون الخارجية أقل من صلاحيات الرئيس، ومع هذا يعد مؤثرا قويا في التأثير في السياسة الخارجية لا يمكن أن يتجاوزه أي رئيس يأتي إلى البيت الأبيض، ناهيك عن القوى الأخرى التي لا تقل تأثيرا عن الكونجرس، مثل مجلس الأمن القومي، ووكالة الاستخبارات، ووزارة الخارجية وجماعة الضغط، خاصة المؤيدة لإسرائيل، المتعلقة في السياسية الأمريكية في المنطقة العربية، هذا على مستوى المؤسسات الحاكمة وقوى الضغط، وما يجد بعد ذلك من معطيات سواء كانت داخلية أم خارجية. ومع هذا قد يجد القارئ في فلسفة الحكم وبالخصوص ما يعني منصب الرئيس الأمريكي، أن مؤسسي الدستور الأمريكي الأوائل قد تعمدوا أن يكون لقب أعلى سلطة في الدولة هو «رئيس» بدلا من «حاكم» برغم أن لقب حاكم هو الشائع إلى اليوم في جميع الولايات، ولكن من يقود هذه «الولاياتالمتحدةالأمريكية» قرروا دستوريا وعن وعي أن يطلقوا عليه رئيسا، لأن مفردة «رئيس» أكثر حيادية وأقل سطوة، وهي مشتقة عن اللغة اللاتينية التي معناها من «يشرف»، وهذا يعني أن الرئيس الأمريكي أقرب للمشرف منه للحاكم صاحب السلطة والسطوة. وهنا يحضرني تعليقان عن الرئاسة الأمريكية، الأول ذكره تشارلز جونز رئيس جمعية العلوم السياسية الأمريكية والأكاديمي والمفكر المعروف في كتابه - مقدمة قصيرة عن الرئاسة الأمريكية يصف فيه منصب الرئيس الأمريكي «الرئاسة الأمريكية ليست الحكومة. إنها بالأحرى، وسيلة القيادة لإدارة الفرع التنفيذي، لتعمل بشكل تفاعلي مع الفرعين التشريعي والقضائي.» والثاني نقله تشارلز جونز في ذات الكتاب لسياسي الأمريكي إ. بندلتون هيرنج حيث يقول: «أقمنا منصبا يتمتع بسلطة كبيرة، لكننا جعلنا التحقيق الكامل لهذه السلطة يتوقف على التأثير، وليس على السلطة القانونية». وبناء على الرأي الأخير لبندلتون هيرنج الذي يشكل قوله حجة في فهم فلسفة الحكم في أمريكا هل للعرب أو المسلمين قوة ضغط؟ الإحصائية تقول إن أكثر من 72% من مسلمي أمريكا يؤيدون كلينتون، هل هؤلاء سوف يكونون قوة مؤثرة في صناعة القرار لرئيس الأمريكي القادم في حال فوز هيلاري كلينتون أم لا؟ أما التفضيل لسواد عيون ترامب أو كلينتون، فهذا سياسيا لا تجد من يصرفه لك. كاتب