حقيقة لا نستطيع تجاهلها أن أرجوزات التواصل المجتمعي هم من يقودون المجتمع ويوجهونه وهم من يحظى بالشعبية والمتابعة ومحبة الناس ولهم تأثير على الجميع بشكل كبير، ولذلك توجهت أغلب الشركات لكسب ودهم ورضاهم وأغدقت عليهم من العقود الإعلانية ما يفوق الوصف، ويذكر أحد المتابعين أن إحدى هؤلاء تدر دخلا أسبوعيا من الإعلانات يتجاوز المائة ألف ريال، وآخر لم يتجاوز الخامسة عشرة يحقق دخلا شهريا يتجاوز المائة والخمسين ألف ريال بينما لا يحقق كاتب زاوية يبذل جهده وفكره في صحيفة محترمة ثلاثة آلاف ريال في الشهر. لا نعلم هل انقلبت الأمور وتبدلت المفاهيم وتغيرت الحقائق وعجزنا عن مسايرة المجتمع بالسرعة المطلوبة مما أحدث لدينا فجوة لم تتقبل ما يحدث وأصبحنا نعيب زماننا والعيب فينا أم أننا فعلا متأخرون ويجب علينا تطوير أنفسنا لنستطيع اللحاق بالركب ومسايرة الوضع كما هو؟. من محاسن الوضع الجديد أنك لست مرتبطا بأحد، يستطيع كل إنسان نشر ما يريد، فالمظلوم يرفع مظلوميته لا يمنعه أحد والمحتاج يرفع شكواه بدون حواجز والمثقف والناصح يسمع صوته لمن يريد وفي المقابل ظهر علينا الحمقى والمعتوهون وغيرهم ليتحدثوا بدون حسيب أو رقيب يصحح مسارهم ويوجههم. بعض هؤلاء الحمقى حققوا نجاحات تفوق الوصف وكسبوا متابعين بالآلاف وأصبحوا يوجهون المجتمع حسبما يريدون وبالذات صغار السن والمراهقون الذين يشكلون أكثر من 60% من شعبنا وتحولوا لمقلدين لهؤلاء في حركاتهم وسكناتهم، واستغلت الشركات هذا الوضع لتروج بضائعها علينا رغما عن أنوفنا من خلال أبنائنا وبوساطة هؤلاء الحمقى وكأني بهم يضحكون علينا قائلين في أنفسهم «انعتونا بالحمقى بينما نحن نوجهكم كما نريد». مشكلة التواصل المجتمعي أنه بدون قيود ولا تستطيع التحكم في عقليات المتابعين أو السيطرة عليها ولذلك تعتبر المواجهة صعبة بدون تخطيط سليم يوجه عقليات المتابعين للوجهة الصحيحة ويمنعها كذلك من الأفكار المنحرفة سواء أخلاقيا أو فكريا. أتمنى حقيقة تماشيا مع الوضع المستجد أن يتم إنشاء جهة يناط بها توجيه المسار وتصحيح الاعوجاج ورسم خطط مستقبلية لما يدور من هرج ومرج في فضاء الانترنت الذي يتطلب أيضا فكرا جديدا نستطيع من خلاله التحكم في حركة أبنائنا وتوجيهها نحو الصواب بدلا من أن يكونوا تحت رحمة أغبياء التواصل يوجهونهم كما يريدون لأن إيقاف هذا أو ذاك والتحقيق معه لا يحل المشكلة بل سيخرج غيره وغيره ولن تنتهي المسألة إلا بحل جذري يتم التخطيط له جيدا.. وما زلنا ننتظر.