تتم عملية التعاقد مع الأجهزة الفنية بالكرة المحلية وفق رؤية تفتقد للكثير من المعايير النفسية والفنية وما تشهده الكرة المحلية كل موسم من التعاقدات، ثم الإقالات العاجلة والآجلة وما تتكبده ميزانيات الاندية ذات التكلفة المالية المرتفعة جدا جدا الا دليل واضح وفاضح على تلك الرؤية، ومع كل ما تم ويتم تغييره فان المحصلة النهائية لن تحقق تغيرا كبيرا أو تحقق منجزات كبيرة، فالرهان دائما يظل على اللاعبين وليس الاجهزة الفنية، فما الجديد عندما تغير المدرب ولم يتغير فكر وطموح وعطاء اللاعبين؟ حتى اذا حدث تغير إيجابي فان محدودية ذلك التغير تكون ذات فاعلية سريعة ولكل قاعدة استثناء، ولا شك في ان الجماهير والإعلام بامكانهم التشجيع بقوة على الإقالة الاولى، وهم أنفسهم الذين يمتلكون الصبر على التغيير الثاني حتى لو لم يحقق لهم ما تمنوا فسيجدون لانفسهم الحق في الضغط للقيام بالتغيير الاول، وسيجدون لانفسهم الحق في الصمت وعدم المسارعة الى التغيير الثاني. حتى انتهاء الجولة الرابعة فقط تمت اقالة ثلاثة مدربين: الخليج والهلال والفتح، فالخليج الذي أعاد مدرب الفريق السابق القادري الذي استطاع ان يحقق مع الفريق مستويات فنية جيدة منذ توليه الاشراف الفني على الفريق قبل موسمين لم يجدد معه مسبقا في خطوة استباقية تسجل لمجلس الادارة، فذهب ثم عاد بشروط وميزات افضل من السابق فاذا كانت عودة القادري نجاحا لها فان التعاقد مع المدرب المقال فشل لها، فهل سعت الادارة للفشل؟ ام للتغيير لمجرد التغيير؟ الهلال الذي لم يستطع ان يحقق لقب الدوري خلال خمس سنوات اشرف على الفريق فيها ستة مدربين، هم: (توماس دول، إيفان هاسك، كومباريه، زالاكوتا، الجابر، دونيس) فهل يعقل ان تكون المشكلة في الهلال مشكلة مدربين رغم ان آخر مدرب حقق مع الفريق عملا جيدا وثلاث بطولات تمت اقالته الموسم الماضي (دونيس) وهو الأفضل ضمن المدربين المقالين، فلماذا لم يتم الإبقاء عليه؟ أي مدرب في العالم يشرف على منتخبات او فرق كبيرة لابد ان يتوافر لديه (لاعبون) من طراز مميز، فهذا المدرب ليس لديه الوقت كي يعلم اللاعبين كيف يمررون لبعضهم البعض في الاوضاع المختلفة على اعتبار انه مدرب قادم للاعبين ذوي فكر ومهارة عاليين، فالمجال ليس للتعليم، بل للتخطيط والتفكير وتحقيق النتائج الإيجابية. المدربون المفكرون ليسوا مثل المدربين التقليديين الذين يعتمدون على مجهودات اللاعبين اكثر من اعتمادهم على خططهم وتكتيكاتهم واساليب اللعب، فالمفكرون ليس من أولوياتهم كيفية تسلم او تسليم الكرة او تصويب الكرة، بل اهتمامهم بمن تسلم له الكرة ومتى وأين، فهم يهتمون بدقة التصويب وليس قوته. لذلك نجد ان عملية اختيار المدرب الأفضل والمناسب لا تعني ان يكون ملفه مليئا بالانجازات، بل بالامكانات، فهي المنطلق الصحيح وهذا الاختيار يعني ان النظر الى إمكانات اللاعبين الفكرية والمهارية والجسدية يجب ان تكون القاعدة الصلبة التي يتم من خلالها اختيار المدربين فكلنا يعلم بان المدربين مختلفون وفق امكاناتهم وافكارهم، فهناك صاحب الفكر الهجومي، وهناك صاحب الفكر الدفاعي، وهناك صاحب الفكر الشامل... الخ. فليس من الاختيار الأمثل ان يتعاقد فريق مثل الهلال مع مدرب ذي فكر دفاعي وهو يعلم بان الطموح يتمثل في تحقيق البطولات ولا يتوافق مع تعاقدات (اللاعبين) التي تمت فهي تعاقدات ليست ذات صبغة دفاعية وليس من الاختيار الأمثل لفريق الخليج او الفتح اختيار مدرب ذي فكر هجومي في ظل ان الهدف العام للفريق والامكانات تحتم عليهم التفكير في البقاء. الموسم الماضي حقق قوميز مدرب التعاون الافضلية، حيث كانت الأدوات المتاحة له متوافقة بشكل كبير مع فكر المدرب وطريقته المفضلة، لكن قوميز نفسه لم يقنع الأهلاويين حتى الآن، فاختلاف الأدوات والاهداف سيكون من الصعب على قوميز ان يجبر الأهلي على اللعب بأسلوب التعاون فقد يفشل، فالنجاح هناك له ظروفه التي قد لا تتحقق هنا. هذا لا يعني ان قوميز لن يحقق مع الأهلي بطولة الدوري، فتحقيق البطولة ليس مرتبطا بظروف ثابتة، فهناك متغيرات وظروف مختلفة، فقد تلعب مباراة غاية في الروعة ويخسر الفريق بخطأ فردي من حارس او مدافع وقد تلعب مباراة غير جيدة وتفوز بخطأ من الفريق الآخر. الهلال أقال مدربه بسبب الضغوط الإعلامية والجماهيرية والفتح والخليج بسبب الخوف من الهبوط، فالنتائج غير مرضية، لذلك فان اي مدرب يدرب الفرق الكبيرة سيكون دائما تحت الضغوط، فالخسارة تؤدي الى الإقالة، فالمطلوب ألا يخسر وتلك مهمة صعبة خصوصا هذا الموسم. على العموم لن تكون تلك الإقالات الاخيرة فما زلنا في البداية، ومازال باب الإقالات مفتوحا في انتظار الضحية القادمة، واعتقد ان مدربي الأهلي والتعاون هما الأقرب في ظل المعطيات السابقة، ولن يكون مدرب القادسية بعيدا عن مشهد الإقالات اذا لم تتحسن نتائج الفريق.