الأندية صامتة، ووزارة الثقافة والإعلام صامتة، صمتاً مُحيرا يكتنفه الغموض من كل جانب، والمشهد الثقافي لا يزال عالقاً بحالة الانتظار الطويل لانتخابات الأندية الأدبية. انتهت فترات مجالس إدارة الأندية، ولم يصدر القرار الرسمي بتمديد فترات عملها، ما يعني أنها تعمل بطريقة غير نظامية، ولا يبدو أن إدارة الاندية الأدبية بصدد إصدار بيان يزيح الغموض عمّا هو حاصل الآن. وقد يستمر هذا الوضع الى أجل. هناك من يتوقع استمرار الصمت والغموض الى حين إطلاق رصاصة الرحمة على الأندية الأدبية، بدمجها وفروع جمعية الثقافة والفنون في مراكز ثقافية تحت مظلة الهيئة العامة للثقافة. لكن هذا التوقع بذاته يطيل عمر الغموض أيضاً، لأن لا أحد يعرف متى تتحول الهيئة العامة للثقافة من فكرة الى واقع. وعلى النقيض من وضع الأندية الأدبية، تبدو الأمور واضحة بالنسبة الى فروع جمعية الثقافة والفنون لأن قرارات تعيين مدرائها لا تحدد تواريخها وأمد فترات شغلهم لمناصبهم، ولو أنها، اي فروع الجمعية، تعاني حالة من الانتظار أيضاً، انتظار انتهاء إقامتها الجبرية في حالة التقشف. الكل ينتظر في المشهد الثقافي، الأندية والجمعية والمهتمون بالشأن الثقافي. ربما يكون أحد أسباب هذه الحالة من الجمود هو عدم تعيين وكيل للشئون الثقافية، يتولى إدارة «الثقافة» في ظل استحواذ «الإعلام»، كما هو واضح، على اهتمام وجهد ووقت معالي وزير الثقافة والإعلام. والحقيقة ان عدم تعيين وكيل للشئون الثقافية منذ إعفاء الدكتور ناصر الحجيلان هو أمر له نصيبه من الغموض ويثير التساؤل عن أسبابه. وهناك من يعزوه أيضاً إلى نية الوزارة في إبقاء المنصب شاغراً الى حين استبداله بمنصب رئيس الهيئة العامة للثقافة. ما يعني في التحليل الأخير، ان وضع الثقافة غموض في غموض قد يطول الزمن قبل أن يلوح على أفق المشهد الثقافي ما يبشر بقرب انقشاعه. «الثقافة» في حالة تثير الشفقة، هذه الحقيقة التي لابد من الاعتراف بها، ولا بد من الإسراع بالمبادرة الى إنقاذها مما هي فيه من شلل وركود. من يملك القدرة على القيام بذلك؟ لا أحد سوى الوزارة، أو بكلمات واضحة، لا أحد غير معالي وزير الثقافة والإعلام. لقد زف معالي الوزير في غير مناسبة خبر تأسيس أكاديمية للفنون، وتأسيس مدينة للانتاج الفني. وقد خلق الخبر جواً من البهجة في اوساط المثقفين والفنانين. لكن يبدو أن خبر تأسيس الأكاديمية قد أسهم في إطالة الغموض الرائن على الثقافة، باشغاله الصحافة بموضوع الأكاديمية ومدينة الإنتاج الفني، عن التوجه الى معالي الوزير بأسألتها عن الغموض الذي يكتنف عدم تعيين وكيل وزارة للشئون الثقافية، والهيئة العامة للثقافة، وتأخر انتخابات الأندية، وعدم التمديد لمجالس الأندية الأدبية والتقشف المفروض على الجمعية، وقضايا ثقافية أخرى غير قليلة. لكن الصحافة الثقافية، كغيرها، اذعنت للصمت. الكل صامت. الوزارة، وإدارة الأندية، والأندية. ثمة حالة عامة من الصمت الناشئ عن غموض الأشياء. كل شيء صامت وغامض في المشهد الثقافي. الكل في حالة انتظار لمجيء القرار. لا شيء يمكن أن يحدث أو يتغير بدون أو قبل مجيء القرار. فهل سيكون القرار «غودو» آخر.