المتتبع للمسيرة العظيمة لبلادنا والمتأمل للسيرة المجيدة لوطننا سيجد وبكل وضوح العلامات الفارقة التي تميز هذا الوطن بمكانته الرمزية والتاريخية في ماضيه وحاضره ومستقبله الزاهر بإذن الله وأن هناك مجموعة من الخطوط العريضة ذات الدلالات الفائقة التفرد البالغة التأثير. ولعل الحديث عن مجموعة المنجزات أو كثافة النجاحات في مقال واحد سيفضي بالقارئ إلى صورة هلامية ونوع من الضبابية تجاه ذلك الحجم الضخم من التحولات الإيجابية التي أشبه ما تكون بالإعجاز في فترة زمنية تعتبر قياسية في حياة الأمم والحضارات والشعوب. والحالة هذه فيحسن بكل تأكيد أن يسلط الضوء على جانب واحد من تلك المنجزات العظيمة وحسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق. ومما يستوقفني وكل متأمل في ملحمة الإنجاز الوطنية الكبرى هي (الإنسان) في وطننا الأبي ذلك الإنسان الذي صنع بتوفيق الله هذه المنجزات التي نراها على الأرض ونلمسها ونعيشها بكل تفاصيلها الجميلة. إن الإنسان الكفؤ هو الكنز العظيم الذي كان ولا يزال كلمة السر فيما نشاهده حتى اللحظة من التنمية المستدامة في مختلف المجالات. وحين تتسلم تلك الكفاءات المتسلحة بالعلم المفعمة بالعطاء المسكونة بالإخلاص حين تتسلم المسؤولية ويتوافر لها الدعم والمناخ الملائم للعمل تحدث الإبداعات الاستثنائية الممزوجة بالتضحيات لهذا الوطن الغالي. إن ترميز الكفاءات السابقة التي مرت في تاريخ وطننا وتركت علامات لافتة في جميع مفاصل الحياة في مجتمعنا والتي قد لا يستشعر أكثرنا دورها الرائع بالشكل المباشر هو أمر جد جميل ومستحق إذ إن ذلك من الوفاء والعرفان بالجميل الذي هو من شيمنا العربية الأصيلة إلا أن التركيز الكثيف أحياناً أخشى أن يكون على حساب شخصيات أخرى قدمت وشخصيات ما زالت تقدم كل ما تستطيع عطاء لبلادنا ورفعة لرايتنا، فلا يخفى أن هذه الأرض المباركة أرض ولادة وأن كل مرحلة مرت بها بلادنا كان فيها من الرموز ما لا تحصي المجلدات مواقفهم الإيجابية وعطاءهم المثمر الذي يسجل بمداد من ذهب. وكل وطن لا يمكن أن يرتقي بين الأمم إلا بسواعد أبنائه النابغين المخلصين يبقى فقط البحث والتنقيب عن تلك الكفاءات المتميزة ووضعها في المكان المناسب في الوقت المناسب ودعمها بالإمكانات البشرية والمادية والمعنوية، هؤلاء حين يمنحون الثقة ويكلفون بالمسؤولية أجزم أنهم سيفاجئون الجميع بمنجزات مذهلة و نجاحات مدهشة لا تحدها حدود الزمان والمكان. إن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الصحيح باعتباره النواة والمرتكز وبه ومن خلاله تبدأ الانطلاقة وتكتمل الأفكار الخلاقة وتبنى المشاريع الشاهقة وتتطور الخدمات ويحدث التقدم المنشود. ويبقى ذلك الينبوع الدافق الرقراق يجري دون توقف يرفد هذا الوطن الغالي بالكفاءات في كل مجال وصدق الشاعر إذ يقول: إذا سيد منا خلا قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول.