استوقفني في الأيام القليلة الماضية خبران مهمان يتضح معهما أهمية سياسات تخطيط المدن وتنميتها بأبعادها البيئية والاجتماعية والجمالية والاقتصادية في الحفاظ على الموارد الزراعية وتحقيق التنمية المستدامة، الأول: في مقطع مصور وجه فيه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، أمين العاصمة المقدسة بأن تكون المشاعر المقدسة أجمل ما في مكةالمكرمة، وتكون حديقة، وان يكون هناك شجر يظلل على الخيام، ويعطي المكان جمالا، وكذلك تشجير أرصفة الشوارع وتجميلها. والثاني: خبر نشر بصحيفة الاقتصادية، حيث تحصلت وزارة الإسكان على نحو 2.7 مليون متر أراض زراعية من وزارة البيئة والمياه والزراعة، لتحويلها إلى أراض سكنية وبناء مشاريع الوزارة عليها في منطقة عسير، فيما تستعد لتسلم أراضي جديدة بمساحة 1.6 مليون متر في المنطقة نفسها. وقال المشرف على إدارة العلاقات العامة والإعلام في وزارة الإسكان: إن مواقع تلك الأراضي التي تحصلت عليها الوزارة تقع في طريق العلاية - بيشة، في محافظة بيشة بمنطقة عسير، حيث تم تخصيص الموقع وإفراغه باسم أملاك الدولة لمصلحة وزارة الإسكان. وفيما يتعلق بالأراضي الجديدة التي تقدر مساحتها ب 1.6 مليون متر مربع في محافظة أحد رفيدة، أوضح أن وزارة الإسكان طلبت من وزارة البيئة والمياه والزراعة الأرض، وتم الرفع إلى المقام السامي من قبل وزير البيئة والمياه والزراعة بطلب الموافقة على تخصيص وإصدار الصك للموقع لمصلحة وزارة الإسكان، لافتا إلى أنه جار التنسيق مع الجهات المعنية لتسلمها. وأشار إلى أن الوزارة حريصة على ملاءمة المواقع وقربها من النطاق العمراني، كما أنها تجري التقييم الفني والجغرافي الدقيق عليها، فضلا عن أن مشاريع الوزارة لا يقتصر تنفيذها على أراضيها فقط، وإنما أيضا تصل إلى أراضي القطاعين الخاص والعام وفقا للاتفاقيات والشراكات. وأكد أن هناك تنسيقا متواصلا بين الوزارتين، يتم من خلاله طلب التنازل عن الأراضي الزراعية الحكومية المناسبة لتنفيذ برامج ومشاريع الإسكان عليها، خصوصا في المدن والمحافظات التي لا تتوافر فيها أراض حكومية لدى الأمانات والبلديات. في الخبر الأول: يتضح الاهتمام بقضية البيئة العمرانية بأبعادها البيئية والجمالية والاقتصادية، حيث ان وجود الاشجار في المدن يخفف درجات الحرارة في ظل التغيرات المناخية وينقي الهواء من الملوثات ويزيد المكان جمالا، بالإضافة الى توفير الظل الذي يساهم في تلطيف الجو وتخفيف هدر الطاقة الكهربائية. وفي الخبر الثاني يتضح: التنسيق بين وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الإسكان في توفير الأراضي للاستخدام السكني، وهنا تبرز أهمية الأخذ في الاعتبار دراسة تقييم الأثر للمشاريع السكنية على الأراضي الزراعية في ظل انخفاض اسعار البترول، وتنويع مصادر الدخل. وفي الخبرين تتضح أهمية الأشجار والأراضي الزراعية في مراحل التخطيط والتنمية العمرانية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والجمالية لتحقيق أهداف التنمية ورؤية المملكة 2030 التي أشارت إلى «تشجيع المستثمرين وعقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وتخصيص الأراضي المناسبة لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف وفنون وغيرها، والارتقاء بمستوى جودة الحياة للجميع، وترشيد استخدام المياه في المجال الزراعي بإعطاء الأولوية للمناطق الزراعية التي تمتلك مصادر مياه طبيعية ومتجددة». وكذلك الأهداف الاستراتيجية لبرنامج التحول الوطني 2020 لوزارة البيئة والمياه والزراعة التي حوى هدفها الاستراتيجي الأول: «المساهمة في تحقيق أمن غذائي شامل مستدام في المملكة» والهدف الاستراتيجي الرابع: «زيادة الاستفادة من مصادر المياه المتجددة للأغراض الزراعية»، والهدف الاستراتيجي الخامس: «تطوير نظم مستدامة لإنتاج نباتي وحيواني وسمكي ذي كفاءة عالية ورفع القيمة المضافة للمنتجات المستهدفة لتساهم في تنويع القاعدة الإنتاجية للمملكة» والهدف الاستراتيجي السابع: «تحسين استخدامات وإدارة الاراضي في القطاع الزراعي». وفي مراحل التخطيط والتنمية العمرانية لتحقيق رؤية المملكة 2030 تبرز أهمية الاستغلال الأمثل للموارد لتشجير المدن للحفاظ على بيئتها وإيجاد مدن مستدامة، وكذلك تبرز أهمية الاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية عند تخطيطها للاستعمال السكني من خلال مراحل التخطيط المستدام التي تأخذ في الاعتبار طبيعة المكان ومناخه وتخصيص نسب معينة من استعمالات اراضيها بمراحل التخطيط لتعزيز الانتاج الزراعي المحلي من خلال ايجاد مراكز لتجميع وتسويق المنتجات الزراعية لتساهم في الحفاظ على الاستثمارات والموارد الزراعية، وكذلك مراكز ترفيهية وسياحية تعكس تاريخ وموارد المنطقة الزراعية لدعم تنويع مصادر الدخل وايجاد المزيد من الفرص الوظيفية. وأخيرا وليس آخرا: حج مبرور، وسعي مشكور، وذنب مغفور، وعاد عيدكم.