فتح السوق المالية السعودية للمستثمرين الأجانب عجل بفرض المعايير الدولية للمحاسبة، وهو أمر ايجابي كله وليس بعضه. ولا يتوقع أن يكون هناك تغير ملحوظ في أرقام القوائم المالية قبل وبعد، تطبيق المعايير الدولية للمحاسبة سيمكن المستثمر الأجنبي والمحلي من مقارنة القوائم المالية للشركات المختلفة مع نظيراتها في العالم ممن يطبق المعايير الدولية. كما سيمكن الشركات ذاتها (مع تبني معايير أخرى لا تقل أهمية) من الطرح المزدوج في أكثر من سوق مالية. شخصيا لا أتوقع تغيرا ملحوظا في التدفق النقدي للمستثمرين الأجانب بعد تبني المعايير الدولية، ولكن أتوقع أن نشهد تغطية أكبر لعدد من الشركات المالية المطروحة من قبل بيوت الاستشارات المالية وشركات الاستثمار سواء داخليا أو خارجيا. المعايير المحاسبية لغة، والأرقام التي بها لا بد وأن يكون لها نفس المعنى والدلالة من خلال تبني نفس نهج الوصول لهذه الأرقام، ومن دون ذلك لن تكون هناك قيمة لها كما ولن تؤدي إلى هدف وجودها ونشرها للمستثمرين. توحيد أسس المحاسبة دوليا تقدم اقتصادي يحسب للمجتمع الاقتصادي الدولي، وتبني المعايير من قبلنا هو قرار صائب يصب في مصلحة كل قارئ للقوائم المالية سواء مستثمرين أو دارسين أو باحثين أو متابعين للقطاعات المختلفة، محليين أو دوليين. المعايير الدولية للمحاسبة ستؤدي لمزيد من الإفصاح، ومزيد من الشفافية في عرض المعلومات. والافصاح والشفافية لا شك سيجعلان العملية الرقابية أسهل، وأسلس، وأكثر قدرة على استنباط الأحكام ومن ثم الوصول إلى النتائج الصائبة. تبني المعايير الدولية للمحاسبة لن يسهل الإدراج المزدوج للشركات المحلية في عدة أسواق مالية فقط، بل سيساهم في عملية الاستحواذات الدولية للشركات المحلية متى كان ذلك مجديا ولا يخالف القوانين المعمول بها. وبالمثل سيساهم في عمليات الاندماج كذلك مع شركات دولية ترى فائدة اقتصادية وقيمة مضافة في شركات محلية قائمة. حتى الجهات الحكومية ستستفيد من تبني المعايير الدولية للمحاسبة وخصوصا في حساب الضرائب والزكاة بطريقة أدق، وفي هذا حفظ لمصالح المجتمع من خلال جباية الزكاة والضرائب على الشركات الأجنبية فيعود الدخل للدولة. ونطمح ايضا ان تطبق المعايير المحاسبية الدولية كذلك على المؤسسات الخيرية وغير الربحية وعلى الجمعيات الخيرية كلها وفق جدول زمني محدد وملزم أسوة بالشركات التجارية الربحية. إن الهدف الأساسي من المعايير المحاسبية يكمن في توثيق القوائم المالية لعكس واقع المنشأة المالي، وهذا التوثيق ينبغي أن يكون من الدقة ما يجعل من السهل بناء نتيجة من القراءة. كما وينبغي أن يفرض هذا على كافة المنشآت ربحية وغير ربحية وخيرية وغيرها. تبني المعايير الدولية سيغير كثيرا من الواقع المالي لاقتصادنا وسيمكن الوسط الاقتصادي الدولي من فهم واقع منشآتنا بطريقة أدق وأصوب.