يعتبر خفض نسبة البطالة من 11,6٪ إلى 9٪ أحد أهداف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ضمن برنامج التحوّل الوطني 2020، حيث تبذل الوزارة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة جهودا جباّرة لحلّ معضلة البطالة والحد من آثارها السلبية اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، ويتمثّل ذلك في وضع خطط عدة لتوطين قطاعات مختلفة والاستثمار في قطاع التدريب والتطوير أكثر من أي وقت مضى وغير ذلك من الخطط والآليات، وإحدى تلك الخطط التركيز على القطاعات ذات القواعد الوظيفية العريضة التي تستوعب أعدادا كبيرة من الوظائف كاستهداف بعض قطاعات المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تشكّل 97٪ من نسبة المنشآت بالمملكة، لكن غالبا ما تصطدم تلك الخطط الطموحة بعدم رغبة العاطلين عن العمل في شغل تلك الوظائف لأسباب اجتماعية صِرفة. وقد تكون لهم وجهة نظر تُحترم حتى وإن لم يكن العمل بتلك الوظائف «عيبا»، حيث لا يجب أن يكون أغلب الوظائف المطروحة للعاطلين عن العمل في أحد أكبر اقتصاديات العالم تتراوح بين عامل وبائعة، وهذه للأسف ثقافة عمل تحتاج لوقت طويل كي تتغير، إضافة إلى العمل الجاد لزيادة جاذبية تلك الوظائف وهذا ما سأتحدث عنه هذا الأسبوع. أعتقد أنه من الصعب أن نجد سعوديا حلّاقا أو بائعا في بقالة صغيرة، وكذلك قد لا نلحظ وجود أي سعوديين في منشآت المقاولات الصغيرة والمتوسطة كسباكين أو نجارين أو حدادين، ومن النادر أن نرى سعوديا ميكانيكيا في ورشة صغيرة وغير ذلك من الأمثلة والوظائف التي لن تُشغل «فعليا» بسعوديين على المدى القصير وهذا ما هو واضح للجميع، لكن دعونا نتخيل أن هذا السعودي الذي لم يتقبل العمل بتلك الوظائف، أنه يتملّك حصّة قدرها من 20% - 40 % مثلا من صالون الحلاقة أو من البقالة أو من مؤسسة المقاولات أو من الورشة، فهل سيستمر في الامتناع عن تلك الأعمال؟ بالتأكيد لا، وستتغيّر نظرته لهذا العمل كما ستتغيّر أيضا نظرة المجتمع القاصرة إليه وسيصبح من عاملا صغيرا مهمّشا إلى رجل أعمال مبتدىء، ما يدعم مفهوم الاستدامة ويتحول ذلك العاطل - بإذن الله - من باحث عن عمل إلى صاحب عمل ليس ذلك فحسب، بل قد يساهم في توظيف من كان ضمن صفوفهم من العاطلين. ولكي تنجح هذه الفكرة لا يجب تطبيقها على كل عاطل عن العمل، بل يجب أن يخضع من لديه رغبة في تملّك تلك المشاريع من العاطلين إلى تدريب وتأهيل يؤهلانه لتجاوز اختبارات ريادة الأعمال، إضافة لاكتسابه الخبرات العملية اللازمة، كما لا يجب أن يتم تحميل هؤلاء الراغبين في ريادة تلك الأعمال ديونا نظير تملّكهم حصصا في تلك المشاريع يصعب وفاؤها. وقد تقودهم للمجهول - لا سمح الله - لأن التجارة في النهاية هي ربح وخسارة، وبالتالي قد يساهم هذا النوع من الطرح - إن تم تطبيقه بشكل صحيح - في خفض مستويات البطالة - بإذن الله - من خلال رفع جاذبية الكثير من الوظائف بطريقة عملية مبتكرة وجذابة لأغلب العاطلين عن العمل... دمتم بخير.