تنطلق اليوم قمة العشرين بتركيا، التي تناقش موضوعات اقتصادية ومالية ذات علاقة بتعزيز النمو الاقتصادي القوي والمتوازن والمستدام، وإصلاح البنية المالية الدولية، وإيجاد فرص العمل والتوظيف، وتقوية التشريعات المالية الدولية، وتعزيز التجارة متعددة الأطراف، ومكافحة الفساد، والتنمية المستدامة، والطاقة المستدامة، وتعزيز التشريعات الضريبية، إضافة إلى مواضيع تتعلق بتمويل الاستثمار، فيما فتحت «عكاظ» ملف البطالة وتوفير فرص العمل، حيث أكد خبراء اقتصاديون خلال ندوة «عكاظ»، أن هيئة مكافحة البطالة وتوليد الوظائف التي أصدر مجلس الوزراء قرارا بإنشائها، عليها أن تضطلع بدور الموجه للوظائف في القطاعين الحكومي والخاص، مشيرين إلى وجود تحديات ستواجهها الهيئة في مقدمتها توفير 400 ألف وظيفة سنويا على اعتبار أنه يتواجد على مقاعد الدراسة الجامعية مليون وستمائة ألف طالب وطالبة، إلى جانب جملة من التحديات قد تواجهها الهيئة تتمثل في توفير المعلومات المباشرة عن سوق العمل والعوامل الأكثر تأثيرا، وكذلك اختيار الحوافز المناسبه للقطاعات الاقتصادية ذات العائد الأكبر لتوليد الوظائف والمعايير للميزة التنافسية في المناطق، إضافة إلى آليات التنسيق المناسب بين أطراف الإنتاج في سوق العمل وتعاون الجهات الحكومية معها في توجيه الإنفاق الحكومي نحو توليد فرص لائقة للسعوديين، وكذلك إعادة تنظيم إعداد مخرجات التعليم العالي والقطاعات التدريبية بحيث لا تضخ الجامعات أعدادا كبيرة لسوق العمل بشكل يفوق قدرته على استيعاب حملة الشهادات الجامعية وخصوصا في التخصصات الإنسانية والاجتماعية، التي لا يحتاجها سوق العمل وهو ما يحدث حاليا وبشكل يفوق بكثير النسب المماثلة في الدول المتقدمة. وأكد رئيس اللجنة السعودية لسوق العمل المهندس منصور الشثري، أن قرار مجلس الوزراء حدد ما تهدف إليه هيئه توليد الوظائف ومكافحة البطالة، واصفا ما ستواجهه بالعبء الثقيل، وذلك لوجود نسبة كبيرة من الشباب العاطل، حيث إن التحدي كبير للغاية خصوصا مع التزايد الكبير في أعداد الداخلين الجدد لسوق العمل وأغلبهم من خريجي الجامعات، الذين يتفاجأون عند بحثهم عن فرص وظيفية أن أغلب المنشآت الخاصة في سوق العمل هي منشآت صغيرة ومتوسطة ووظائفها غير مستدامة وليست قادرة على دفع أجور تتناسب مع طموحهم. الحوافز الاقتصادية وقال: أي نمو اقتصادي في أى قطاع سينتج عنه خلق وظائف، إلا أنه في رأيي سيكون هناك توجه لزيادة النمو في قطاعات اقتصادية معينة من التي توجد وظائف لائقه للمواطنين عبر تقديم الحوافز المناسبه لتلك القطاعات، وهذا ما عكسته أهداف الهيئة، حيث إن أغلب الأنشطة الاقتصادية حاليا تعتمد على استخدام كثيف للعمالة الرخيصة متدنية المهارات؛ ما يجعلها غير مناسبة للسعوديين من حيث بيئة العمل ومستوى الأجور؛ ما يجعل للهيئة دورا كبيرا في إعادة هيكلة سوق العمل لكي تحول أغلب الفرص الوظيفية، التي تولدها الأنشطة الاقتصادية لتكون لائقة للسعوديين، بالإضافة إلى أن الهيئة سيكون لديها برامج التحفيز للقطاعات المولدة للوظائف، وذلك سينعكس سلبا على الاستقدام، وستركز على الوظائف المشغولة بالوافدين، التي تناسب السعوديين من حيث الأجر وبيئة العمل. وبين الشثري، أن الهيئة ستضع سياسات وخططا للتنفيذ وفقا للأولويات التي تراها عن المعطيات في سوق العمل والتوظيف إلا أنه من المهم أن تعالج الهيئة التشوهات الاقتصادية بشكل يحد من الآثار الجانبية لها مثل تدني تدفق الاستثمارات في الاقتصاد؛ ما ينعكس سلبا على توليد الوظائف، مشيرا إلى أن هناك العديد من التحديات التي قد تواجهها مثل توفير المعلومات المباشرة عن سوق العمل والعوامل الأكثر تأثيرا، وكذلك اختيار الحوافز المناسبة للقطاعات الاقتصادية ذات العائد الأكبر لتوليد الوظائف والمعايير للميزة التنافسية في المناطق، إضافة إلى آليات التنسيق المناسب بين أطراف الإنتاج في سوق العمل وتعاون الجهات الحكومية معها في توجيه الإنفاق الحكومي نحو توليد فرص لائقة للسعوديين، وكذلك إعادة تنظيم إعداد مخرجات التعليم العالي والقطاعات التدريبية بحيث لا تضخ الجامعات أعدادا كبيرة لسوق العمل بشكل يفوق قدرته على استيعاب حملة الشهادات الجامعية وخصوصا في التخصصات الإنسانية والاجتماعية، التي لا يحتاجها سوق العمل وهو ما يحدث حاليا وبشكل يفوق بكثير النسب المماثلة في الدول المتقدمة. تسرب القوى العاملة وأشار الشثري، إلى أن الهيئة ليست جهة مباشرة للتوظيف وقيامها بالمهام والاختصاصات المحددة لها سوف يهيئ المناخ والظروف المناسبة لزيادة التوظيف في المستقبل؛ ما سيعمل على زيادة نسبة السعوديين في القطاعين العام والخاص، خصوصا أنه يتواجد على مقاعد الدراسة الجامعية مليون وستمائة ألف طالب وطالبة، ما يعني أنه يتطلب توليد أربعمائة ألف وظيفة لائقة لحملة الشهادة الجامعية من السعوديين سنويا في القطاع الخاص وهو تحدٍّ كبير للهيئة وكلنا ثقة أنها ستحقق تطلعات قيادتنا الرشيدة. من جهته أوضح عضو اللجنة السعودية لسوق العمل محمد يوسف العالي، أن قرار مجلس الوزراء بإنشاء «هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة» من شأنه أن تضطلع الهيئة الجديدة بدور توجيه التوظيف في القطاعين الحكومي والأهلي، ومكافحة البطالة بالصورة المطلوبة، بالوقت نفسه ستقابلها مسؤولية ثقيلة وذلك لوجود بطالة، وكيفية مقابلتها، لافتا إلى أن قرار مجلس الوزراء بإطلاق الهيئة ترتبط تنظيميا بسمو ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، سيعطي قوة كبيرة دافعة لتوحيد جهود جميع القطاعات لتنظيم سوق العمل سواء الحكومي أو الخاص؛ ما يصب في مصلحة استحداث الوظائف وتخفيض نسبة البطالة، مشيرا إلى أن عودة المبتعثين من دول مختلفة حاملين خبرات وثقافات وتخصصات متنوعة يتماشى مع التنوع الاقتصادي الذي نشهدة حاليا من خلال طفرة المشاريع بكافة أنحاء المملكة الحبيبة. وعن التحديات التي قد تواجه الهيئة مستقبلا قال العالي: تتمثل تلك التحديات في: «تسرب القوى العاملة السعودية من القطاع الخاص إلى الحكومي، ارتفاع نسبة العمالة الأجنبية، وعدم جاذبية بعض الوظائف في القطاعين، وكيفية مواءمة مخرجات التعليم مع طبيعة السوق وفرز الرغبات وتوجهات الطالب من المرحلة الثانوية بتوجيهه إلى العمل الفني أو التوجه للجامعات كمعظم الدول الصناعية». البطالة الاختيارية من جانبه أكد عضو لجنة سوق العمل حمدان العضيد، أن قضية البطالة بحجم الأرقام المعلن عنها ليس بالأمر المفزع، ولكنه يحتاج في البداية لتصوّر واسع، ومن ثم تجنيد الشركاء المناسبين لإتمام المهمة بنجاح، إذ أن إنشاء مؤسسات وشركات جديدة في السوق يعني فرص عمل أكثر يمكنها مع الوقت احتواء أرقام البطالة، فضلاً عن دعم المؤسسات العاملة سلفا، منوها إلى أنه من الجيد نشر فكر تأسيس المنشآت التجارية والاهتمام بريادة الأعمال ليصبح الباحث عن عمل موفرا لفرص العمل وليس مستهلكا لها فقط، مفيدا أن العمالة الوافدة في سوادها الأعظم تتولى وظائف لا تشكّل مطمعا بالنسبة للشاب السعودي، والأغلب الأعم منهم يعملون في مهن حرفية يدوي، كالبناء، النجارة، الميكانيكا ونحوها، كما أن تقليص العمالة في مثل هذه المهن يعني إشغارها بلا بديل، عدا ذلك يمكن للشاب السعودي أن ينافس الأجنبي في الوظائف القيادية في المنشآت الخاصة، فبيئة العمل الخاص تقوم على التنافسية والكفاءة وليس على أي شيء آخر. وعن أهم الأولويات التي تحتاجها الهيئة الجديده قال العضيد: إن دراسة حالة العزوف عن العمل أو ما يسمى بالبطالة الاختيارية، ومعرفة حجمها ومدى تأثيرها في إحصائية البطالة العامة باعتبار أن الذي لا يرغب في العمل لا يحتاج لفرصة عمل بقدر حاجته للتوعية بأهمية العمل، ومن ثم يمكن القيام بمسح حقيقي صادق لحصر وترتيب فرص العمل المتاحة في القطاع الخاص، حيث يمكن الاستعانة بالغرف التجارية المنتشرة في كل المناطق لتوفير المعلومات الكافية عن سوق العمل وحجم الفرص المتوفرة فيه فعلاً، وفي ضوء ذلك يمكن التعاطي مع حلول عملية لتقديم الفرص لمن يبحث عنها. وأضاف: هناك شيئان لابد من أخذهما في الاعتبار، الأول هو طبيعة العمل الذي يشغله غالبية الأجانب، هل هو مرغوب للشاب السعودي أم لا، والثاني هو أن للمنشآت الخاصة طاقة مالية محدودة لا يمكنها أن تتجاوزها ليس لعيب فيها وإنما لأن هذه هي إمكاناتها الطبيعية في السوق، و بالتالي لا يمكن مطالبتها بدرجة من الجاذبية، كما أن التحفيز المادي يؤدي للإضرار بها وإعاقة نموها، ولهذا تحتاج الهيئة للتأكد من طبيعة الأعمال التي يمكن أن يشغلها الشاب السعودي ومدى قدرة المنشآت المالية على تقديم الحافز. العائد للدولة والموظف وعن نسبة توظيف السعوديين والتي ستقوم بتوظيفهم «هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة»، خلال ال 5 سنوات المقبلة أشار العضيد قائلا: يصعب التنبؤ بذلك، ولكن بحسب ما نشر من إحصاءات فإن عدد العاطلين يزيد قليلاً عن 600 ألف سعودي، لم ينجح مشروع التوطين في تحسين هذا العدد بشكل ملحوظ خلال السنوات الأربع الماضية، لأنه لم يعتمد بالشكل الكافي على معونة وملاحظات القطاع الخاص بقدر اعتماده على إجراءات الإلزام، و هو ما أتوقع آن تتلافاه الهيئة الفتية في عملها وسوف يؤتي ذلك ثماره الملحوظة في المستقبل المنظور. وبين نائب رئيس لجنة سوق العمل المهندس سعد مستور بن مرفاع، أن القرار من شأنه أن يضطلع بالهيئة للقيام بدور الموجه للتوظيف في القطاعين الحكومي والأهلي، ومكافحة البطالة بالصورة المطلوبة، إذ أن دور هيئة «توليد الوظائف ومكافحة البطالة» يتلخص في توليد الوظائف وليس فرضها على القطاعين العام والخاص، لذا فإن الهدف توليد وظائف ذات عائد اقتصادي للدولة والموظف في آن واحد، وأعتقد أن الهيئة ستشارك مستقبلا في كل القرارات الاقتصادية التي من شأنها فتح مجالات أكبر لعمل المواطنين. التنوع والخصخصة وتابع: التنوع الاقتصادي والخصخصة هما في رأيي أفضل الطرق لخلق وظائف ملائمة للمواطنين وعدم الاعتماد على المجالات التقليدية في الاستثمار مما يتطلب جرأة قد لا يمتلكها القطاع الخاص، الذي يحتاج إلى مبادرة حكومية مثل تأسيس شركات في التقنية والصناعات الدقيقة. على الجانب الآخر لايزال الشباب السعودي يحتاج في مجالات كثيرة إلى تدريب وتطوير، كما أنه لا يمكن الاستغناء عن الكفاءات من غير السعوديين، وما أتمناه من الهيئة الجديدة دراسة ما تم من إجراءات من قبل وزارة العمل في سعودة الوظائف والنتائج التي تمت والأخذ بمرئيات رجال الأعمال حيال هذه الإجراءات ونتائجها، واستطلاع رأي أكبر عدد ممكن من الشباب الذين تم توظيفهم خصوصا في القطاع الخاص في السنوات الخمس الماضية، مشيرا إلى أن التقلبات الاقتصادية في المنطقة والعالم هي أضخم التحديات التي قد تواجهها الهيئة مستقبلا. من جانب آخر قال رئيس مجلس إدارة غرفة عنيزة وعضو اللجنة السعودية لسوق العمل محمد الموسى: نحتاج إلى تعريف البطالة وإحصاء دقيق عن نسبتها الحقيقية والتعامل مع القطاع الخاص كشريك وليس متلقيا، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وهي الأكثر ولديها الرغبة في الاستمرار والطموح للنمو، كما يجب الاهتمام بها لأنها لا تملك أداة للتقدم، كما يجب تحديد متطلبات السوق وعندها ننطلق لتأمين المتطلبات من خلال التعليم والتدريب لتأمين تلك المتطلبات، وأعتقد أن المشكله ليست في الاستقدم، المشكله في توفر العمالة الوطنية المدربة البديلة والقادرة لتأمين احتياج المنشآت من مهارات في القطاع الخاص بالدرجة الأولى. وحول ارتفاع نسبة العمالة الأجنبية، وعدم جاذبية بعض الوظائف في القطاعين، وكيف ستواجه ذلك الهيئة أكد الموسى، أنه يجب تقديم حوافز خاصة بتلك الوظائف من تدريب مجاني ودعم إضافي من خلال الموارد البشرية. من جانب آخر أكد عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبدالحميد العمري، أن قرار الهيئة هو مطلب دام انتظاره من وزارة العمل للقضاء على البطالة، وإيجاد فرص وظيفية كريمة مرتفعة الدخل، وزاد قائلا: يجب التركيز على مكامن قوة الاقتصاد السعود، ومعرفة الفرص التي يمكن من خلالها زيادة الاستثمارات وتسهيل بيئة تلك الاستثمارات، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن الاستثمارات تتركز في الخدمات والصناعة والزراعة، لافتا إلى أن نسبة مساهمة قطاع الخدمات المتمثل في المصارف، وشركات التأمين، وخدمات الأعمال والقطاعات التجارية المختلفة الذي يعاني من تشوهات لا تتعدى 41 في المئة، فيما تستوعب تلك القطاعات أقل من نصف العمالة وعددهم نحو 719 ألفا، منوها إلى أن تركيبة عدد العاطلين لآخر بيان صدر من مصلحة الإحصاءات تؤكد أن 50 في المئة من العاطلين فتيات وبالوقت نفسه تؤكد إحصاءات المصلحة أن الفئة العمرية من 20 - 39 شكل 95 في المئة من العاطلين عن العمل، فيما أشارت الإحصاءات إلى أن نسبة البطالة بين السعوديين خلال العام الماضي بلغ 11,7 في المئة، بينما وصل عدد العاطلين من حملة شهادة الثانوية العامة 32 في المئة، و49 في المئة من حملة الشهادة الجامعية، و9 في المئة من حملة شهادة الدبلوم.