استعرض مشاركون في ندوة سوق عكاظ، التي أدارها الدكتور سعيد السريحي عن «الهوية الثقافية في العالم الرقمي»، التحديات الكبرى المعاصرة، التي تهدد الهوية الشخصية، والانتماءات التقليدية الكبرى الاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمعات. وأضافوا إنها أداة تقنية من جهة، ومحتوى معلوماتي من جهة ثانية ومن حيث هو فضاء موازٍ للواقع ومؤثر فيه، تتحرك خلاله الرموز وتتصارع الإيديولوجيات، وتتراكم الأفكار والتجارب، ويغيب فيه المرجع والمركزية. وكشف الدكتور احمد آل مريع رئيس نادي ابها الادبي عن أحد التحديات الكبرى المعاصرة، التي تهدد الهوية الشخصية، والانتماءات (التقليدية) الكبرى الاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمعات، ويمكن اختزال تلك التحديات في العالم الرقمي وأدواته المختلفة، وما يعرف بالإعلام الجديد أو شبكات التواصل الاجتماعية الحديثة (الرقمية)، التي تشترك في مبدأي التفاعلية وصنع فضاء افتراضي موازٍ للواقع الحقيقي، له سلطته التي يفرضها على مستخدميه، وشروطه المختلفة التي تشرط عملية التواصل فيه ومن خلاله؛ حيث يغيب عن المستخدم لها كثير من محددات الهوية دفعة واحدة، كالجغرافيا والزمنية والحدود القومية والسياسية بالمعنى، الذي عرفته المجتمعات على امتداد تجربتها التاريخية، كما يغيب الرقيب الخارجي الذي يدعم الذات في خصوصيتها، ويسهم في إعادة إنتاجها لمكوناتها.. وعلى الرغم من كونه فضاء افتراضيًّا إلا أن له حضوره وأثره في الواقع الحقيقي الذي نحيا فيه. وتعرضت ورقة الدكتور آل مريع لأهمية الهوية الثقافية، وللعلاقة المعقدة بين الهوية من جهة والثقافة من جهة أخرى، وأثر الهوية الثقافية في تحقيق الانتماء الوطني وصلابته، وتعزيز الانسجام المجتمعي وتقوية لحمته، وما يوفره ذلك الائتلاف من تعاون اجتماعي ونجاح سياسي، وقدرة على تمثل الواقع، والتعامل مع مستجداته وتحدياته. وقال: «لذلك يحتل موضوع «الهوية» بصفة مفردة أو «الهوية الثقافية» بصفة مركبة مكانة متقدمة في اهتمام الباحثين المعاصرين، المهتمين بالفلسفة والسياسة والاجتماع والتربية على حدّ سواء». واستعرض الدكتور خالد الغازي الهوية الثقافية والثورات الصناعية والرقمية بعد أن أصبح العالم الرقمي متفلتا لا ضابط فيه، حيث إن هناك انفتاحا غير مسبوق يحتاج الفرد فيه إلى المعرفة، مشيرا إلى ثلاثة مرتكزات للهوية الثقافية هي» (المساءلة والتقويم) و(التعزيز والثقة) و(الانفتاح والتحليق). واختتم بقوله إنه من الطبيعة الملازمة لكل ثقافة الترويج لها، والمهم هو صراع الإيرادات حيث تبقى محكومة بالنزاهة، والبقاء سوف يكون للأقوى. وشارك الدكتور خالد الغامدي بالحديث عن مفهوم الهوية وتوصيف ثنائيات التنازع، وضرب مثالا بمسلسل «حارة الشيخ» وهوية الحجاز وتوصيف معطيات الصراع وتحليل التنازع، وقال هناك رؤيتان في الهوية هما: (الرؤية الجوهرية) وتأتي من منطلق الثوابت، و(الرؤية النسبية) وهي قائمة على الفلسفة الدنوية وتركز على القيم الخلافية. وقال الغامدي عن الصراع بين الطرفين في المسلسل إنه جاء على شكل انماط ثقافية وليس على هوية، وكلا الطرفين هويتهما واحدة لا خلاف بينهما انما الخلاف في الانماط، وهذا متاح، ولكن النظرة الشكلية التراثية التي تنظر إلى شكل التراث فقط قد تغفل المقاصد الحقيقية مع الزمن وتظن ان هذه الانماط هي الهوية الحقيقية، بالتالي تتصارع عليها صراعا وهميا. فيما تناول الأديب صالح سالم في بحثه المعنون ب (هوية المثقف في مواقع التواصل الاجتماعي) مفهومين في الفكر الإنساني المعاصر هما: (المثقف والهوية) اشار فيه إلى أن البحث فيهما ليس جديدًا بقدر ما هو مهم بالنظر إلى العديد من زوايا علاقات هذين المفهومين كعلاقتهما بالعالم الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي. وقال سالم: «أحاول أن أدرس في هذا البحث الهوية في مواقع التواصل، وأركز على ما سميته ب(صراع الثقافة) وليس (صراع الثقافات)، من خلال الاستلهام من مواقع التواصل المدى الذي تُصارع الثقافة فيه نفسها بالاعتماد على المثقف؛ فيما سيجعل البحث همه الأكبر على (المثقف في السعودية) والصراع الثقافي الذاتي الدائر على مواقع التواصل بما يخص الفكر في السعودية».