استرجع المشاركون بالندوة الثانية ضمن فعاليات الدورة العاشرة لسوق عكاظ في مقر الخيمة الثقافية بموقع السوق التاريخي في العرفاء، إبداعات الأديب الراحل عبدالله بن خميس. وأوضح مدير الندوة الدكتور صالح زياد، في مستهل الندوة أنه لا يمكن حصر إنتاج عبدالله بن خميس في حقل لوحده لا يجاوزه، فهو المؤرخ والشاعر، وهو الرحالة، اللغوي، وهو المهتم بعلوم الشريعة وحقولها المختلفة، وهو صحفي ومؤسس إحدى الصحف البارزة في المملكة، وشعره يتحدث عنه من وجوه مختلفة. وأكد الدكتور محمد ربيع، في ورقته التي كانت عن عبدالله بن خميس في المجامع والمنتديات والمحافل العربية، أن ابن خميس يعتبر من أعلام المملكة، فهو شاعر ومؤرخ وجغرافي ورائد في مجالات متعددة، نذر حياته للفكر والثقافة في المملكة، وذاع صيته في المجامع والمنتديات العربية، حيث شارك في الكثير من المناشط الأدبية في الوطن العربي بصفة رسمية أو بصفة شخصية. كما ركز ربيع في ورقته على نشاطه خارج المملكة من خلال المحافل الدولية والزيارات، التي قام بها لبعض المدن العربية، ونتج عنها عدة قصائد، لافتاً الانتباه إلى انضمام ابن خميس لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومبيناً أن وجوده كان محل تقدير من أعضاء المجمع، كما أن ابن خميس زار مجمع اللغة العربية الأردني، وألقى في رحابه قصيدة وشارك في مؤتمرات الأدباء في بغداد، وألقى قصيدته المشهورة «في بغداد» التي مطلعها: بغداد يا معقل الفصحى أحييك طبتي وطابت لدى الدنيا مغانيك، كما شارك في المربد إضافة إلى مشاركات أخرى منها في مهرجان ابن زيدون في المغرب، ومدينة مكناس، وقال قصيدة في فاس، كما كان الهم العربي يتلبسه في كل إبداعاته. ووقف الدكتور ربيع على زيارات ابن خميس لبعض المدن العربية، ومنها دمشق، والقاهرة، وقد حضر ندوة العقاد الشهيرة، إضافة لحضوره مؤتمر الأدباء العرب في بغداد. إثر ذلك قدّم الدكتور سعود اليوسف ورقة وقف فيها على اهتمام ابن خميس بالشعر العمودي، الذي يعتبره هو الأجدر بالبقاء، وقال: «إنه التزم وحدة القافية في كل قصائده إلا اثنتين، ولمحت في شعره المطالع التقليدية ولا أعني وصف الرحلة وإنما إلماحه للقصيدة منذ بدايتها». وأضاف اليوسف إن الحِكم تشيع في شعر ابن خميس، وكذلك المعارضات الشعرية، حيث عارض نونية ابن زيدون، وعينية البحتري، وقصيدة ابن خفاجة في وصف الجبل، مشيرا إلى أنه يغلب عليه سطوة السياق التقريري، وقال:«نجد ابن خميس الجغرافي يزاحم ابن خميس الشاعر، حيث يورد أسماء أماكن في شعره، كما أننا نجد المفردات المعجمية في شعره، ونجد تضمين الأمثال في شعره وهو يدل على ثقافته العالية». كما تعرّض الدكتور عبدالله الحيدري لموقف عبدالله بن خميس من الشعر العامي، حيث قال إنه ارتبط بالأدب والعلم ارتباطاً مبكراً حين كان يجلس إلى جانب والده، وهو ينشد الشعر وهو لم يتجاوز الثامنة، وتحدث عن مسيرته التعليمية، مشيرا إلى أنه من المواقف التي أثارت جدلاً في حياته، موقفه من الأدب الشعبي. وأضاف الحيدري: «رأينا المتسرعين من خصومه، الذين لم يتعمقوا في قراءة أفكاره يصفونه بأنه مناصر للعامية وحامل لوائها في حين ابتهج العاميون بأفكاره دون التعمق فيها، وجعلوها حجة للاهتمام بالشعر العامي، والواضح أنه يعتز بالشعر الشعبي القديم، أما الشعر العامي المعاصر مع ذيوع الفصحى فليس من أنصاره». وشاركت الدكتورة هيا السمهري في الندوة بورقة عمل عن الشعر الوطني والقومي عند عبدالله بن خميس، حيث أوضحت في البداية أنها تشرفت بدراستين عميقتين عن ابن خميس، ثم قدمت قصيدة في رثائه. وقالت السمهري: «يعلم مؤرخو الأدب أن ابن خميس كانت تجتذبه أحاسيس الوطن، وهناك عوامل ساعدت على ذلك وهو أنه عاش منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمهما الله- وفي كل المناسبات كان مواكباً لها وأنه أدرك بوعيه تاريخ هذه البلاد». وقدمت أمثلة لقصائده الوطنية ومنها قصائده: للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، وقصيدته في مجال الحضارة والتنمية عند افتتاح الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- لأحد الطرق، وقصيدة في مجال الأمن عندما استذكر حال الجزيرة العربية قبل حكم آل سعود وبعده، مضيفة إن لابن خميس قصائد قالها في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، ووقفت عند الشعر القومي لابن خميس، حيث كان يفخر بعروبته ويفخر بإسلامه، واعتبر أن اللغة العربية معبرة عن الهوية فكانت له قصيدة: لغتي فديتك، كما أننا نجد قسماً في ديوانه عن القضية الفلسطينية مؤازراً لها.