من أكثر الأخبار المتداولة بين الناس خلال الأسبوع الماضي، افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، وفيديو لامرأة في المملكة تقوم بتقطيع أسلاك مكبر صوتي في مكان عام كانت تبث مقاطع فنية شعبية تسمى «شيلات» مما أثار ردود فعل متباينة وقوية في التواصل الاجتماعي، ورغم ما لاحظت من قوة استنكار لما قامت به المرأة، إلا أن من أخذته العزة بالإثم بدأ بإعلان مكافآت مادية لها لأنهم رأوا في تصرفها ذلك «تغييرا للمنكر» ولكن ما تعجبت منه هو كون هذا الفريق المؤيد لتصرفها وكثير من الناس متفقين على أن «الشيلات» من المباحات شرعاً! لم يدرك كثير منهم هذا التناقض، فسكتوا عنه وبرروا التصرف غيبيا عن المرأة بأنها ربما رأت منكرا ممن كانوا في المحيط ما دعاها لنزع السلك، ولم يعنهم أبدا إتلافها لممتلكات عامة، وما يدل عليه ذلك هو اعتيادنا على وجود التلف في المرافق العامة لغلبة الفوضويين وكان الله في عون الدولة، ولكن أن يتسابق البعض لرصد المبالغ المالية بمئات الألوف للعبثيين؛ فهذا ليس إلا إصراراً على تحدي مصالح وممتلكات الوطن يجب أن يوضع له حد. لقد كان النقاش محتدا حول السيدات الفاضلات اللاتي شاركن في دورة الألعاب الأولمبية ممثلات للوطن، وكان الهجوم عنيفا بداعي الزي او تواجدهن لتمثيل الوطن الذي لا يزال البعض يراه غير شرعي لأن ذلك لا يوافق توجهاته، وهكذا ينال أقلية غير واعية من سيدات نلن شرف تمثيل المملكة في تظاهرة دولية بكامل المعايير الإسلامية، ويتسابقون لدفع مكافآت لامرأة أتلفت ملكية عامة، أو يهبون للتدخل في هجوم الكتروني على فنانة عربية لان لها مشكلة شخصية وأخلاقية مع فتاة من بلدهم، ثم يتسابقون لالتقاط صور شخصية مع نفس الفنانة التي نالوا منها عند حضورها مباراة السوبر في لندن! هذه هي التناقضات المجنونة التي جعلت من هو مؤمنا بنفسه وبدور المرأة في مجتمعه يراجع قراراته وأقواله كثيرا قبل ان يتجرأ بها حتى لا «يجحفله» المتناقضون. نعم المجتمعات الملائكية ليست موجودة ولن توجد إلا في الأساطير، وما يميز بين الدول هو اختلاف قوانينها واحترام شعوبها لهذه القوانين، ومجرد رؤية ارتفاع وعي الناس واعتراضهم على موقف المرأة التي تجرأت على تخريب مكبر الصوت، وافتخارهم ببطلات الأولمبياد هو وعي يثلج الصدر وينبئ بأن المستقبل سيكون أخف تعصبا حيال تواجد المرأة في كل مكان يليق بها وتمثيلها لنفسها ووطنها، وقد يحتاج الأمر للمزيد من القوانين التي تحمي المرأة من تقاذف الفئات المتشنجة في المجتمع، وتقريره لمصيرها نيابة عنها حتى يستمر التوازن الاجتماعي البناء في النمو بشكل صحيح لمستقبل هذا الوطن المعطاء.