أثار مقطع فيديو متداول لفتاة تقطع سلك سماعة مكبر صوت «شيلة» في متنزه عام استياء مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، واصفين تصرفها بالعمل التخريبي، كونها تولت أمراً تقع مسؤوليته على ولي الأمر، فيما اعتبره آخرون من باب الاحتساب. وفي المقابل كان هناك مناصرون للمرأة، باعتبار أنها أوقفت ما اعتبروه رقص النساء، وتوالت على إثر ذلك تبرعات لها، الأمر الذي اختلفت حوله ردود الأفعال المجتمعية، فيما انتقد محامون تصرّف الفتاة، واصفين إياه بأنه «جريمة» تستحق العقوبة. وكان سيل «الدعم» بدأ بأحد الحسابات، الذي لم يكتفِ بإطراء ما فعلته الفتاة، بل امتد إلى دعمها بمكافأة مالية تشجيعية، قدرها 5 آلاف ريال. وأضاف الحساب بعد ذلك: «هديتنا لمن قامت بإيقاف رقص النساء 5 آلاف ريال و10 آلاف من فاعل خير». وجاء بعد ذلك حساب آخر في «تويتر» ليقول: «السلام عليكم إخواني وحبايبي، تأييداً لمكافأتكم أرجو التواصل، فلها مني 50 ألف ريال، حرّم الله وجهها عن النار». وإثر ذلك تقدم حساب «تويتري» آخر قائلاً: «ولها مني 100 ألف ريال والله على ما أقول شهيد، الرجاء من ولي أمر المرأة التواصل معي». وخلال لحظات أصبح مجموع التبرعات 165 ألف ريال ل«قاطعة السلك»، فمن جهتهم، استنكر مغردون مبادرات تقديم المكافأة للمرأة، واعتبروه مشجعاً للأفراد على فعل ما يريدون بأيديهم، وعلى أعمال الفوضى، مشككين في مقاصد «الحساب». وأشار مغردون إلى أنه داعم للغلو والتطرف، وطالب بعضهم بمحاسبة قاطعة السلك عبر «وسم» تم تداوله أخيراً، ورأوا «إيقاع العقوبة عليها ردعاً لغيرها»، ا من جانبه، اعتبر مستشار القانون عبدالله الحقباني ما فعلته المرأة «جريمة» وفيه «اعتداء وإتلاف لأموال الغير». وأضاف الحقباني ل«الحياة»: «عقوبتها تعزيرية وفقاً للنظام والشرع وتقدير القاضي»، مشيراً إلى أن «من يبرر تصرف المحتسبة بحجة أن سماع الشيلة في مكان عام يعتبر أمراً مزعجاً، فهو لا يحترم أنظمة البلد، ويبرر الاعتداءات على أملاك الغير». وزاد: «نحن مجتمع ينظمه قانون إسلامي وشرعي يمنع ويحرم التعدي على ممتلكات الآخرين»، مؤكداً أن تصرف المرأة مخالف لهذا التنظيم وسلوك غير مقبول». وأوضح المستشار القانوني أن «من أنظمة المملكة تجريم الاعتداء على أموال الغير، وتصرف الفتاة يعد مخالفة واعتداء على هذه الممتلكات». واستطرد: «لنفترض جدلاً أن من قام بتشغيل «الشيلة» أخطأ في حق المجتمع، وهو الحق العام كما يذكر البعض، فهل يجوز للأفراد إيقاع العقاب بأنفسهم»؟ وتابع: «لماذا وُجدت المحاكم والجهات الأمنية، إذا كان الفرد يحق له أخذ حقه بيده»؟، مبيناً: «نحن بلد شريعة وقانون، وتوجد جهات مختصة تقرر، وتُوقع العقاب على من تثبت عليه المخالفة أو الفعل المُجرَّم، ولا يحق للفرد تجاوزهم وأخذ حقه بيده». ولفت الحقباني إلى أن صلاحية النهي عن المنكر منحت لجهاز وضعته الدولة، وهو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معتبراً أن من قام بمكافأة المحتسبة يشجع الأفراد على عدم احترام النظام. يذكر أن المقطع الذي أثار جدلاً واسعاً يظهر فتاة بجوارها نساء يلتقطن صوراً بهواتفهن المتنقلة، وهي تتجه صوب سماعة مكبرة لصوت «شيلة» في حديقة عامة، وتقطع السلك الموصل لها بيدها إلى أن انخفض الصوت، ثم ابتعدت عن المكان. من جهته، وصف مالك الحديقة مسلك المرأة بأنه «مفتعل»، مستدلاً بأنه تم تصويره وتداوله، لافتاً إلى أن الحديقة مستمرة في بث «الشيلات» لدقائق معدودة، تتزامن مع تشغيل النافورة فيها.