قبل ثماني سنوات تم إغلاق المعاهد الثانوية الفنية التابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في خطوة متعجلة وغير صحيحة، حيث كانت هذه المعاهد تقوم بدور هام في تدريب أبنائنا على الكثير من المهن الحرفية التي نحتاجها حاليا ونتمنى سدها بأيد وطنية حيث يلتحق الطالب بالمعهد بعد المرحلة المتوسطة لمدة ثلاث سنوات ويتم إعطاء الطالب مواد نظرية في أول سنتين ثم يبدأ في التطبيق في السنة الثالثة وكانت تشمل جميع التخصصات من نجارة وكهرباء وسباكة وبرامج السكرتارية وميكانيكا السيارات وغيرها، ولا نكتم الحقيقة عندما نقول إنها حققت نجاحا كبيرا في تدريب وتخريج الأيدي العاملة الماهرة الوطنية. حاليا نتمنى وجود الكهربائي والسباك السعودي وغيرها من التخصصات الحرفية ولكن أين يتدرب هؤلاء؟ لا يوجد جهة تتولى تدريبهم بعد إغلاق المعاهد إلا ما يستطيع المواطن اكتسابه من خلال الممارسة وهذه صعبة ولا تحقق ما نطمح إليه. يوجد الكثير ممن أنهوا المرحلة المتوسطة لا يرغبون في مواصلة تعليمهم الثانوي لعدم الرغبة أو لظروف اقتصادية ويرغبون في ممارسة حرفة أو مهنة معينة ينطلقون منها لعالم الوظيفة وتنقصهم الخبرة المهنية. هنا يأتي دور هذه المعاهد في تقديم الدراسة والممارسة والخبرة العملية وتقديم شباب مؤهلين في كافة التخصصات التي تخدم جوانب التنمية في بلدنا. يجب الاعتراف أن الوضع تغير كثيرا عن السابق من الناحية الاقتصادية ولم تعد الشهادة الجامعية هي التي تؤمن وظيفة جيدة بل على العكس فالحرفة أو المهنة التي تحقق دخلا جيدا هي المطلوبة كما أن هذه المعاهد ستخفف الضغط على الجامعات وعلى القطاع الحكومي من خلال توجه هؤلاء الخريجين للقطاع الخاص وتأمين أعمال خاصة مربحة لهم، إضافة إلى أن توجه هؤلاء الطلبة من البداية للدراسة في تخصصات يرغبونها يوفر علينا المبالغ التي يتم إنفاقها على تدريسهم في الثانوية العامة وفي النهاية يتوجهون للبحث عن وظيفة بدون خبرة وما يتطلبه ذلك من إعادة لتأهيلهم في أي قطاع يتوجهون إليه. النظرة الاجتماعية في السابق تغيرت كثيرا فيما يتعلق بالنظرة الدونية للأعمال الحرفية وأصبح المجتمع يتقبل هذه الأعمال ولا نبالغ إذا قلنا إن نسبة كبيرة من الأعمال الحرفية في الدوائر الحكومية يقوم بها المواطنون. دور هام يجب أن يقوم به الإعلام وهو تكريس حب الناس للأعمال الحرفية وعدم تصوير مزاوليها أنهم أقل شأنا من غيرهم بل على العكس عمل اللقاءات والبرامج مع المواطنين الذين افتتحوا محلات حرف معينة وما حققوه من مكاسب تنتظر الشباب الطموح للبدء والانطلاق. أتمنى من مؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني أن تبادر بإعادة هذه المعاهد والتصريح لها مجددا لنتمكن من تخريج شباب متخصصين في الأعمال الحرفية يساهمون في بناء بلدهم، ولكن بشرط أن تكون هذه المعاهد على درجة عالية من الاحترافية والتميز.