في الأسبوع الماضي كتب ناثانيل بوبر مقالا في مجلة نيويورك تايمز تحت عنوان: «هل تم ترويض وول ستريت؟» جواب بوبر هو أقرب إلى نعم، ويعزي ترويضه في المقام الأول إلى زيادة متطلبات رأس المال: «في عام 2010م، اتفقت البنوك المركزية على أن البنوك التجارية الكبيرة بحاجة إلى أن ترفع من مخرونها من رأس المال بمعدل ضعفين أو حتى ثلاثة أضعاف، إلا أن المشاريع ذات المخاطر العالية تتطلب حتى المزيد من رأس المال». كان التأثير الفوري لهذه القواعد هو أن تكون بمثابة كابح للنشاط التجاري، نظرا للجهود اللازمة وتكاليف جمع المزيد من رأس المال. وبالفعل، عندما تفسر البنوك اليوم السبب في أنها تنتقل إلى أعمال تجارية معينة أو تتخلى عن أعمال أخرى، فهم دائما تقريبا ما يستشهدون بمتطلبات رأس المال كدافع رئيسي لذلك. إن بوبر أكثر تشككا في المزاعم التي تفيد بأن هياكل الأجور لدى البنوك لا تزال تحفز المخاطرة على المدى القصير: «التركيز على حزم الأجور يفوته إدراك الطريقة التي عملت بها متطلبات رأس المال على تغيير الحوافز للنظام بأكمله، أسمع باستمرار من المتداولين الذين يقولون: إن العمل اليومي من بيع وشراء السندات أو الأسهم، ومقدار الأموال التي يمكن أن يجنيها الواحد منهم، هي مقيدة بحدود رأس المال». من وجهة نظري كل هذا يعتبر صحيحا في الأساس، ولكن بالطبع فإن السؤال الكبير هو: هل ذلك على نحو دوري أو على المدى الطويل؟ الحجة لصالح الفكرة الدورية هي أن البنوك مملة لأن أسعار الفائدة والتقلبات منخفضة وأنه من الصعب كسْب ما يكفي من المال في الشركات التجارية لتبرير كلفة رأس المال، لا سيما عندما لا يزال المساهمون يركزون على توقعات العائد على حقوق المساهمين التي كانت سائدة قبل الأزمة. كذلك، متطلبات رأس المال القائمة على أساس المخاطر- وحتى هذا النوع من متطلبات رأس المال الخفيفة القائمة على أساس المخاطر في نسبة الرافعة المالية- لديها وسيلة لتوجيه البنوك ليس نحو أنشطة منخفضة المخاطر وإنما نحو الأنشطة ذات الوزن «النسبي» منخفض المخاطر. منذ بداية الأزمة، الأجهزة المنظمة لم تعد تعتبر أن شراء شرائح كبيرة من التزامات الدين المضمونة للسندات المدعومة بالقروض العقارية لضعاف الملاءة،- لم تعد تعتبر- أنه نشاط منخفض المخاطر، ولكن على المدى الطويل لست متأكدا بأنني سوف أراهن على قدرة البنوك على إيجاد أنشطة جديدة مربحة وتعتبر آمنة من وجهة نظر متطلبات رأس المال. لكنني ربما أفعل ذلك، أفضل حجة هي أن هذا التغيير قد يكون دائما بحيث إنه، من خلال جعل الخدمات المصرفية مملة، فإن القواعد الجديدة ستدفع كل العباقرة المبدعين بعيدا عن الخدمات المصرفية. إذا كانت الأجور منخفضة، وكان «وول ستريت في انخفاض باعتباره المسار الوظيفي الأمثل لخريجي كليات النخبة وكليات الأعمال»، فإن الأشخاص الذين سيبنون خلاف ذلك الجيل القادم من التزامات الدين المضمونة التي تعتمد على مراجحة رأس المال، سوف يذهبون إلى أماكن أخرى، ويقومون ببناء شيء، مثل: صناديق تحوط ضليعة في الرياضيات أو تطبيقات ألعاب الواقع المعزز أو أيا كان. على المدى الطويل، قياس ما إذا كان قد تم ترويض وول ستريت لا يدور كثيرا حول تغيير الهيكل بقدر ما يدور حول تغيير الناس. إذا كانت الأعمال المصرفية تجذب الناس الذين يرغبون في شركات المنافع المحافظة، فمعنى ذلك أن هذا هو المكان الذي يجب أن تكون فيه البنوك. والأمر كذلك في بلدان أخرى: «تراجعت أرباح بنك HSBC بنسبة 40 بالمائة في بيئة صعبة». و«HSBC يتسلق بأعلى معدل منذ ابريل حول خطة لإعادة شراء الأسهم بمقدار 2.5 مليار دولار». و«البنوك تكثف جهودها- وتحاول اتباع وسائل جديدة- لإقناع الرأي العام بأنها ليست سيئة كما يظهرها السياسيون». الأجهزة المنظمة تطالب البنوك الكبرى بتزويد المساهمين بإفصاحات أكثر تفصيلا عن أعمالها في مجال التداول، وهي جهود يمكن أن تفتح الستارة على مصدر ضخم ومتقلب لإيرادات وول ستريت، وذلك وفقا لأشخاص مطلعين على المسألة.