«Sugar Age» يسمونها في الغرب «السن المسَكَّرة» وهي المرحلة التي يعيشها «السعيد من الناس» بعد أن يكون قد أدى أهم أدواره في هذه الحياة، أكمل تعليمه، وتدرج في مناصب الوظيفة، وبنى أسرته، ورأى أحفاده، ثم تفرَّغ لنفسه وفق ما تبقى له من عمره مُحسناً ظنَّه بخالقه بأن يمد الله في عمره أعواماً عديدة بصحةٍ وعافية حتى يلقى المولى عز وجل. من جماليات «السن المسَكَّرة» أنك تعيش السلام الداخلي مع نفسك، والسلام الخارجي مع كل من حولك، لم يعد يُغريك اللهاث وراء كلِّ شيء، والجري وراء طموحات أعلى مما حققتها، لم يعد هناك سباق مع الزمن، أنت الآن تبحث عن ذاتك التي كثيراً ما نسيتها في دروب الحياة انشغالاً بذوات الآخرين!! صرتَ تحب نفسك كثيراً وتحب الهدوء أكثر، زادك الممتع «ورقة وقلم وكتاب» إن كنت من محبي القراءة، أما إن كنت كاتباً فهنيئاً لك، فالكتابة هي الوظيفة الوحيدة التي لا تعرف مصطلح «كاتب سابق» على غرار وزير سابق ومدير سابق وجنرال سابق أو حتى شيخ قبيلة سابق!! قلم الكاتب ليس له عمر ينتهي عنده إلا إذا توقف شهده عن النبض قسراً أو قهراً أو طواعية!! الكاتب متجدد بتجدد مداده، عالمه الخاص مكتبةٌ تزدان بأمهات الكتب وأطايب العلوم والمعارف، يكتب مقالاً هنا ويؤلف كتاباً هناك، يحاور المثقفين ويجالس المتعلمين ويُحاكي الأدباء، كوبه المنعش «قهوة» يحتسيها عندما يعيش لحظة صناعة «الكلمة»، وركنه المفضل مقعد وثير هزاز في زاوية غرفة مكتبته، نظارته الأنيقة هي بمثابة عقارب الساعة التي تدق بأصواتها الخافتة معلنةً عن بداية نقش حرف أنيق وصياغة فكرة رائدة، فالكاتب أقل ما يمكن أن يُقال في وصفه أنه: عيون ترصد وقلب يخفق وعقل يتأمل، يصنع من قلمه «بوقاً» يُسمِع العالم كلمته، لذا فهو يعشق الهدوء التام، اسأل أي كاتب هل يتجانس قلمه مع أصوات المطارق وأبواق السيارات والأصوات العالية وأصوات التجار والسماسرة أو حتى مع همسات الحياة اليومية، هناك لحظة في حياة الكاتب يعلنها لمن حوله: إياك وثقب الأوزون!! الكاتب يعيش في عزلةٍ وقتية حتى يُعطي أفضل ما لديه لقرائه الكرام، يسعد بالحراك الذي يراه في تجاوب قرائه، فهذا يتفق معه وذاك يُخالفه وثالث يُعطيه رأياً ورابع يشد على يديه لأن ما يكتبه هو هموم الوطن والمواطن وفيه قضايا الساعة، أما الخامس فيلتزم الصمت لا تدري أنت ما يدور في خلده وخاطره! «عقل الكاتب» في قلمه، وهو يؤمن أن الصحافة «رسالة» بل هي مدرسة يومية يتلقى فيها الجمهور علومه، شكسبير يرى أن حبر الكاتب كدم الشهيد، فالكاتب كالمحارب كلاهما يدافع عن قضايا وطنه.