«أفضل وسيلة للانتقام من أعدائك أن تكون ناجحا».. هذه الحكمة علاوة على ذكائها في تحفيزك لتحقيق أهدافك إلا أن جمالها يكمن في أنها تحاول تهذيب نزعة الانتقام السيئة في النفس البشرية، وتحويل كمية الطاقة السلبية التي يولدها الشعور بالانتقام إلى مسارات إيجابية أكثر نفعا وجدوى.. ورغم أن الانتقام أحيانا يأتي كردة فعل لشعور الإنسان بوقوع ظلم ما عليه إلا أنه كسلوك سيئ لا يمكن تبريره.. فعلاوة على أن الانتقام يولد طاقة سلبية عالية يتم توظيفها في التخريب والتدمير الاجتماعي فهو أيضا يجعل المنتقم مستعبدا في حالة حنق مستمرة لا يرضيه قليل من الانتقام بل يستمر في محاولة نصب الفخاخ والمكائد وإيذاء الطرف الذي يفكر في الانتقام منه بأي طريقة.. المحزن في الموضوع أن أكثر المنتقمين الذين ارتكبوا جرائم أو تصرفات انتقامية لم يكونوا في الحقيقة ضحية آخرين ظلموهم بل كانوا ضحية تفكير خاطئ صورهم مضطهدين أو مسلوبي حق، أو أن الظلم الذي وقع عليهم لا يستحق هذا الاحتراق النفسي الذي تعرضوا له.. ستتلقى من الحياة دروسا لم تتعلمها من المدرسة ولا من والديك.. تجارب الحياة معلم جيد لمن يفهم.. أصعب الدروس تلك التي تتلقاها في شكل صفعات ألم وظلم أو حاجة، ومن واقع قصص كثيرة نفهم ان معظم النجاحات البشرية بل والتقنية أيضا خرجت من رحم الأزمات والمحن.. عندما تتعرض لجرعة من الظلم لا تجزع، ووظف الطاقة السلبية المتولدة عن هذا الشعور في استثمار نجاح مبهر، اختر أن تكون مظلوما ذا بأس وقوة ولا تكن مظلوما مجرما يتحين الفرص ويختلقها للانتقام وربما ينتهي به المطاف مجرما تنتظر رقبته القصاص.. بعض المشكلات، تخلق التجربة التي يمكن أن يستفيد منها الإنسان.. هذه الفائدة تتعدى قضية أنها تجنبه الوقوع فيها مرة أخرى إلى فكرة أنه أصبح أكثر قدرة على معرفة بواعث المشكلات باختلاف وجوهها ونمط مسيرتها والحلول الأقرب لها في حال مباغتتها له.. كثير من الناجحين يشعرون بالامتنان للأزمات والأوجاع التي جعلتهم أقوى.. بعض أنواع المعاناة هدايا قدرية تلهمك القوة وتصنع منك إنسانا مختلفا؛ مقداما، واثقا من قدراتك، صاحب مناعة عالية ضد النكسات.. المظلومون الأذكياء دائما ما يثأرون لأنفسهم بالنجاح.. فالنجاح قاهر جيد للأعداء.. أما الأغبياء فيفنون جهدهم في المؤامرات وحياكة المكائد.. أحيانا وللأذكياء فقط: الظلم معلم جيد للنجاح.. الخذلان معلم جيد للاستغناء.. الحاجة معلم جيد للعمل والاستثمار.. شكرا للأوجاع التي جعلتنا أقوى.. شكرا لمرارة الأوقات التي علمتنا كيف نتذوق الشهد بمتعة وتقدير من لحظات يومنا، حين دفعتنا بقوة على اختطاف السعادة من الزمن.. عندما تقايضنا الحياة بأيام حزينة مقابل أيام أكثر فرحا، هي تصر على تعليمنا مبدأ ومعنى الاستمتاع والتقدير والجمال واللذة «في أيام أخر» فلولا الحزن والألم والقبح والوجع ما فهمنا ترف النعم وعطايا القدر..