نحن مع الدين ولسنا ضده، ولكن السؤال هل نحن مع الخطاب الديني؟ النص الديني مقدّس أما الخطاب الديني فهو غير مقدّس، ونقصد به: الخطاب الذي نستعمله في الدعوة الى الله وفي الدفاع عن الدين وطرق الاقناع به، فالنصّ مقدس، أما ما نخاطب به الناس مما تفهمه عقولنا من النص فهو غير مقدس؛ لأنه فهم بشري، والفهم البشري غير مقدس لأنه من فعل البشر. اذا تأملنا الخطاب الديني فهناك عدة ملاحظات: الأولى: أننا نرجّح العاطفة على العقل في دعوتنا، فالخطاب الذي نستعمله في دعوتنا وفي اقناعنا بالدين خطاب عاطفي وليس عقلاني، وهذ في رأيي خطأ كبير وهو مخالف لمنهج القرآن ومخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة. مظاهر ترجيح العاطفة على العقل في دعوتنا: الاعتماد على الخطبة في دعوتنا وعلى الأسلوب الخطابي الذي يستجيش العاطفة فقط ولا يستجيش العقل، ويبتعد عن الأساليب العقلية والبرهانية. أننا نرى أن الداعية المؤثر هو الذي يستطيع أن يثير العواطف والمشاعر، ولذلك سرعان ما يبرز لدينا هذا النوع من الدعاة، أما ذاك الداعية الذي يستعمل في دعوته الأساليب العقلية والبرهانية فلا نعدّه مؤثرا، فالجمهور مع الداعية العاطفي، وان كان غير مقنع عقليا ومنطقيا، ولذلك نفضل الداعية العاطفي على العالم الذي يستعمل العقل في منهجه. هذا أدّى الى اتباع الدعاة العاطفيين وترك العلماء، وهذا سبب الخلل المنهجي في الصحوة، فالصحوة تربت على أيدي هؤلاء العاطفيين، وكانت النتيجة اتباع عاطفيون لا يقيمون للعلم ولا للعقل والمنطق أيّ اعتبار، وهذ جعل كثيرا من شباب الصحوة ينجرف مع الدعوات غير المنطقية أي (الدعوات العاطفية) ومع دعاة الفتنة ومع دعاة داعش والقاعدة الذين يستخدمون عاطفتهم الاسلامية ولا يستخدمون عقولهم، وصار شبابنا ضحية لهذا الأسلوب العاطفي غير العقلاني. وهذه مشكلة خطيرة لها آثارها السلبية على المجتمع وعلى الأمن، فمن آثارها انحراف كثير من شبابنا وانجرافهم مع داعش ومع فكر داعش، واصبح المجتمع السعودي لا يدري من أين يؤتى؟ وأصبحنا نخشى من جميع شباب الصحوة أن يكونوا داعشيين أو حاملين للفكر الداعشي. وهذا بسبب الأسلوب العاطفي الذي ارتضيناه في خطابنا الديني. نحتاج الى مراجعة للأسلوب الذي نقدم به الدين وللخطاب الديني العاطفي.