حقيقة ان وسيلة النقل عند إساءة استخدامها في مجتمعنا تتسبب في العديد من المآسي، ولا نظلم الحقيقة إذا قلنا إنها تحولت إلى وسائل قتل في أوقات كثيرة لا وسيلة نقل. الأرواح غالية وفقدان الحياة يصعب تقدير تكلفته المهولة بالنسبة للفقيد ولأسرة الفقيد ولوطنه، وكذلك كثافة حجم الإصابات غير المميتة التي تتسبب في العجز الكلي أو الجزئي لتحول المعيل إلى عالة!!. زد على ذلك الخسائر الهائلة التي يُبتلي به المجتمع نتيجة الحوادث، أمهات ثكلى، وأرامل، ويتامى فقدوا رعاية الآباء، أما فقدان ثروة البلاد الحقيقية من شبابنا فحدث ولا حرج، حادث كل ساعة !! ومن الأضرار التي تصيب المجتمع أيضا فقدان الكثير من الأيدي العاملة والخبرات العلمية المدربة، إما بالإعاقة أو بالموت، خسائر إنتاجية كبرى، ومادية واقتصادية، فلا يكاد يوم يمر إلاّ ونسمع أو نقرأ عن حوادث الطريق التي يروح ضحيتها العشرات بل المئات في جميع المدن والقرى، أخطرها التي تحدث على الطرق الرئيسية والدائرية ما بين المدن، والزحام الشديد في المدن وفي كل مكان حتى ليظن المراقب أن نسبة عدد السيارات تساوي نسبة عدد السكان!! ومن أخبار الحوادث على سبيل المثال لا الحصر، -وفاة وإصابة سبعة من أسرة واحدة بعضهم إصابتهم حرجة، وانحراف مفاجئ على طريق سريع يتسبب بحادث مروع، وفاجعة أخرى هي انقلاب حافلة تتسبب بإصابة العديد من الأشخاص بعاهات متوسطة ومستديمة، ومصرع طبيب وابنه دهسا تحت عجلات سيارة مسرعة، طبعا يقودها مراهق كافأه والده كهدية نجاح سيارة قتلَ بها نفسَه وغيره، وسيارة تهوي من أعلى جسر لماذا؟!!، واحتراق سيارة ووفاة من بداخلها نتيجة سرعة زائدة وصدام مروع، معجزة تنقذ معلمة انحشرت سيارتها بين شاحنتين، سؤال يطرح نفسه كيف تنحشر سيارة عادية بين شاحنتين؟!! خلل ومختل تدريبا وعدم دراية، إرهاب قيادة مجنونة واستهتار بالأرواح، من الطبيعي جدا أن يكون الخلل في السائق المتهور غير المدرب فيتجاوز السرعة المسموح بها. هناك فتاوى شرعية حول تحريم تصرف قائد المركبة تصرفا يفضي غالبا إلى الإضرار بنفسه أو بغيره، فقد حرَّم مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنبثق عن «منظمة التعاون الإسلامي»، الذي اختتم دورته ال 21 بالرياض، قطع الإشارة الحمراء، والسرعة الكبيرة المفرطة، والتفحيط، والمطاردات غير المشروعة، والإهمال في صيانة أو قيادة المركبة إهمالا ينشأ بسببه ضرر. وأكّد «قرار» المجلس أنه إذا ترتب على هذه التصرفات جناية على النفس، أو ما دونها؛ فيتحمّل المسؤولية الجنائية عمدا أو شبه عمد، أو خطأ بحسب الحالة، ولولي الأمر تعزيره بما يراه من عقوبةٍ مناسبة. هذه العقوبة تكفي لردع الإرهاب والسيطرة عليه إلاّ أن الإرهاب لا يزال مستمرا. أعتب على الأهل الذين يسلمون أبناءهم المراهقين أداة قتل، وأعتب على التربويين الذين يغفلون عن التوعية المرورية وتعليم قواعد المرور وأصوله للطلبة، وآمل من وزارة التعليم مشكورة وضع مادة أساسية في المنهج لتعليم السلامة المرورية وأصولها. كما آمل إقامة دورات انسيابية سلسة من قبل إدارات المرور، وإجراء فحوص طبية للسائقين للتأكّد من قدرتهم على القيادة. وفرض عقوبات مغلظة على كل مرتكب مخالفة خاصة الجسيمة التي تتسبب في الوفاة والإصابات البليغة، أهمها السرعة وقطع الإشارة، والانشغال أثناء القيادة بالجوال وغيرها من المخالفات المرورية. تفعيل تطبيق نظام النقاط على رخص القيادة الأجدى في نظري، وطريقة تطبيقه معروفة وهي المتبعة دوليا حيث يتم تحديد عدد معين من النقاط مقابل كل مخالفة مما يترتب عليه احتساب عدد من النقاط تتناسب مع خطورة المخالفة وعندما تتراكم يعاقب السائق بعقوبات مختلفه تصل لسحب رخصة القيادة منه مدى الحياة. كلنا يحتاج لوسائل النقل كحاجتنا للماء والغذاء فلا يجب أن تتحول لوسائل قتل بدلا من وسائل نقل لا قدر الله.