في مختلف الظروف العسكرية، هناك نسبة معينة للخسائر، وهناك شهداء وجرحى من أجل الوطن، والدول التي لا يضحي أفرادها بالغالي والنفيس، لا تجد من يدافع عنها، وجنودنا البواسل كتبوا سفرا من التضحيات، لم يقو عليها غيرهم، لا بل إنهم أصبحوا رموزا للوحدة الوطنية، ورموزا للبذل والتضحية، تجد فيهم خصالا ليست لدى الآخرين، يكتبون تغريدة للوطن والأسرة، ويضعون أرواحهم الغالية على أكفهم، دون أن يسترضوا باعة الضمير، ممن تكلمهم الأحداث الجسام في العالم دون أن يكون لديهم أدنى إحساس بالمشاعر الوطنية. هؤلاء هم من يحرسون الحدود، ويحرسون الأمن ويجعلون للحياة معنى، وفي الدول والمجتمعات الحية، تشاد بأسمائهم المعسكرات، والقواعد والمستشفيات والمدارس والجامعات، ولكن أن يستعجل البعض وأن يشكك، فإن هذه ليست من شيم الكبار، وليست من طبع الرجال الأبرار، فهؤلاء نسورنا البواسل الذين لبوا النداء، والذين يساهمون في استعادة اليمن من طغمة رهنت إرادتها للأجنبي، وأصبحت أداة مؤثرة في خاصرة الأمن الخليجي، وهؤلاء النسور، هم من أثبتوا للعالم أجمع أنهم الأكثر تميزا وتدريبا، وتأهيلا، جعلت التقارير الدولية تعترف بكفاءتهم، ودقة إصابتهم لأهدافهم. ظروف جوية كانت لهم بالمرصاد، ولا راد لقدرة الله، وكلنا يستسلم لأمره، رغم أننا فقدنا شهيدين عزيزين، غير أنهما يعلماننا ألف درس ودرس، فقد أكد أحدهما في تغريدة لها معنى وألف معنى بقوله: «إن لم ترد بيد من حديد سيتمادى المعتدي حتى لو كان صغيرا» هذه الروحية التضحوية العالية، تثبت بأن جنودنا على معرفة تامة بطبيعة المعارك، وبأبعادها الإقليمية والدولية، وأنهم يؤدون واجبهم بكل احترام، وهم يعلمون بأن الحياة والموت بيد الله ولهذا كانت تغريدة لأحدهم يقول فيها: «أنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد» فأي إيمان يحمله هؤلاء البواسل في قلوبهم، وأي ارتقاء هم فيه حينما يضحون بأنفسهم لأجل بلدهم ولأجل مواطنيهم وأشقائهم. لقد انبرت بعض وسائل الاتصال الاجتماعي، للحديث بما يجافي الحقيقة، تصيدا بالماء العكر، كانوا أقرب إلى لغة الأعداء وخطابهم، في حين ظل المواطن السعودي واثقا بحكومته وما يصدر عنها من بيانات وإجراءات، فقد أثبتت الأحداث والأيام صدقية السلوك الحكومي وسلوك المؤسسة الأمنية والعسكرية، وخابوا وفشلوا في تغريداتهم التي تعبر عن فشلهم ونكراهم لقيم الفداء والتضحية، قيم نكران الذات، فيما هم يتسامرون على قارعة الاعلام الجديد، يقودون اعلاما مسموما ظل يطوف على خدمته أركان الطابور الخامس دائما. ان استشهاد النقيب طيار أيمن الفيفي، والملازم أول طيار محمد الحسن، في أرض الشرف والكرامة، أعلى معاني الفروسية والتضحية والفداء من أجل الوطن، وان جنودنا البواسل- ولله الحمد- كتبوا على لوح من ذهب، أن من يعمل لأجل وطنه لا يحتاج إلى كثير من الدعاية ولا يحتاج إلى عدد من المتابعين، بل إنهم كتبوا وبصمت أن الدفاع عن الوطن، مكرمة ليس بعدها مكرمة، وأنها في عالي المقامات الخالدة التي يسعى إليها نسور الجو البواسل وجميع أفراد المؤسسة الامنية والعسكرية، وهي قيم يعملون بها دون منة ودون ضجيج، وقد سبقونا إليها، فيما لا يجد تيار الشد العكسي سوى التنكر لهذا الجانب المضيء، وأن يبخسوا الأبطال حقوقهم، لكنه شرف كبير لا يستطيعون بلوغه، فقد كانت نفوسهم عظيمة، وقد تعبت في مرادها الأجسام الحالكة التي لم تستطع أن ترتقي إلى معاني التضحية والفداء التي سطرها بواسلنا في الحد الجنوبي من بلادنا، وفي كل موقع وهم يدافعون عن وطنهم وعن قيمهم ورسالتهم. حماكم الله أيها الأبطال من جيشنا وأبناء مؤسساتنا العسكرية والأمنية، وجعلكم أيها الشهداء في عليين، يا من كتبتم بدمائكم الزكية والطاهرة معنى الفداء، والتضحية والبطولة، ويا من أخرستم بصمتكم تلك الشرذمة التي ليس لديها ما تلوك به سوى النيل من إخلاصكم وتفانيكم لأجل بلدكم ومواطنيكم.