ربما وجد كثيرون فيما كشفته لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ الأمريكي عن 28 صفحة من وثيقة أحداث سبتمبر 2011 شيئا جديدا، لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لنا نحن السعوديين. فقد كنا مطمئنين وعلى يقين بزيف حملة الافتراءات الظالمة على بلادنا، وأن الحقيقة سوف تظهر آجلا أم عاجلا، بالقدر الذي نعي فيه دورنا الأخلاقي المستمد من عقيدتنا الإسلامية، وثوابتنا الوطنية، في مكافحة الإرهاب، حيثما وجد. تكشف الآن للقاصي والداني زيف الحملات الظالمة والادعاءات الكاذبة، بحق المملكة. وأشار التقرير بوضوح ومن غير مواربة، الى أنه لا علاقة للسعودية بتلك الهجمات. وقد جاء كشف تلك الأوراق السرية، بناء على طلب سعودي تقدم به ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدةالأمريكية. ولعل إعلان المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش ايرنست بانتهاء مسؤولي المخابرات الأمريكية، من فحص 28 ورقة سرية من التقرير، وعدم ظهور أي دليل على وجود أي دور سعودي في تلك الهجمات يشكل انتقالا عمليا في الحرب العالمية المعلنة على الإرهاب. والمؤمل أن يفتح ذلك الباب أولا لإزالة سوء الفهم الذي علق لدى أطراف بالإعلام الأمريكي، ولتستعيد العلاقة الاستراتيجية التاريخية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة زخمها المعهود، بما يحقق مصالح وتطلعات شعوب البلدين الصديقين. ومن شأن ذلك أيضا، أن يخلق مناخا صحيا دوليا، لصياغة استراتيجية حقيقية قادرة على إلحاق الهزيمة النهائية بالتطرف، ونشر الأمن والسلام في ربوع العالم أجمع. لقد تصاعدت في الأيام الأخيرة، العمليات الإجرامية للإرهابيين، ولم يكن ما جرى مؤخرا في نيس بفرنسا، سوى محطة واحدة، من محطات الإرهاب. وقد كشفت التجربة التاريخية للحرب عليه، منذ 11 سبتمبر عام 2011، حتى يومنا هذا أن التصدي الأحادي للإرهاب لن يكون قادرا على إلحاق الهزيمة به.لأكثر من عقدين، يجري تصد واضح من قبل حكومات العالم لهذه الظاهرة المقيتة، لكن ذلك لم يؤثر على حركة الإرهاب، أو يضعف من شوكته. وقد أضاع المجتمع الدولي فرصا ثمينة لخلق جبهة عالمية موحدة، كان من شأنها أن تلحق الهزيمة النهائية به. الآن وكما نشهد جميعا، ليس هناك ساحة في العالم، يمكنها القول إنها محصنة عن جرائم الإرهاب وأعماله الشريرة. فتنظيمات التطرف تضرب بقوة في كل مكان. فكما رأينا ضرب الإرهاب في الشهور الأخيرة، مناطق كثيرة في العالم، كان آخرها ما حدث في العراق والمملكة وتركيا وفرنسا، وكان للبلدان العربية دائما منها، حصة الأسد. ليس ذلك فحسب، بل إن الإرهابيين تمكنوا من إيجاد قواعد ثابتة لهم في العراق وسوريا وليبيا واليمن وتونس. وبات العالم يشهد تغولا وعمليات تخريبية يومية، تحدث في هذا البلد أو ذاك. وقد ثبت بما لا يقبل الجدل، فشل المواجهات الانتقائية والمحدودة، في كبح جماح الارهاب ولجم عملياته. حان الوقت لاستثمار نتائج تقرير وثيقة 11 سبتمبر لفتح آفاق تعاون وعمل جدي مشترك، بين المملكة والولاياتالمتحدةالأمريكية ودول العالم، لمواجهة التطرف، وتشييد جبهة عالمية موحدة، لشن حرب شاملة على الإرهاب، حيثما وجد.