الميل إلى أي عمل من الأعمال بشكل آلي ورتيب يسمى عادة، والعادة تأتي بالتعلم والتمرين.. سواء كانت الأعمال مادية أو عقلية، وهي ميل مكتسب، إما بالتكرار أو بالخبرة أو بالمران.. أو بها جميعا، فعند بداية ممارسة التمارين الرياضية يحتاج الامر الى بذل جهد بسيط، وبعد الممارسة الدائمة، يصبح التمرين من العادات الحميدة المفيدة للجسم والعقل، والجميل في هذا الأمر أن من اهداف برنامج التحول الوطني برؤيته للمملكة عام 2030م، سيحقق– ان شاء الله– ارتفاعا في نسبة ممارسة الرياضة مرة كل اسبوع من 13% الى 40%. يقول الكاتب (إريك باركر) في مقاله الذي نشر في موقع مجلة التايم منذ شهور تقريبا: مخطئ من يقول إنك لا تستطيع تنمية خلايا جديدة لدماغك، وذكر أن العالم (سكوت سمول) قام بعدة تجارب في مختبره في جامعة كولومبيا في عام 2007م أثبت فيها أن التمارين الرياضية تؤثر في خلق خلايا جديدة في الدماغ، وليس هذا فحسب، بل ذكر أن الخضوع لنظام تدريب رياضي مدته ثلاثة أشهر يزيد من تدفق الدم إلى الجزء من الدماغ المسؤول عن الذاكرة والتعلم بنسبة 30%. وأشار (باركر) الى الدراسة التي أجراها العالم (سمول) على مجموعة من المتطوعين في برنامج رياضي تدريبي مدته ثلاثة أشهر، وبعد البرنامج أخذ صورا لأدمغتهم بواسطة جهاز للتصوير بالرنين المغناطيسي معدل لهذا الغرض، لاحظ صورا للأوعية الشعرية المتشكلة حديثا التي تحتاجها الخلايا العصبية حديثة الولادة كي تستمر بالحياة، كما لاحظ أن حجم الأوعية الشعرية في منطقة الحُصين في الدماغ المسؤولة عن الذاكرة تغير بشكل كبير حيث ازداد بنسبة 30%، وفي سياق الطريق، اجريت في المانيا تجارب مماثلة، قالت نتائجها: إنه بعد التمرين الرياضي يتعلم الأشخاص مفردات جديدة بشكل أسرع بنسبة 20% مما هو الحال قبل التمرين، كما أفادت دراسة- اجرتها جامعة هارفرد على 1700 انسان لمدة عشرين عاما- بأن التمارين الرياضية لمدة 30 ساعة في الاسبوع تزيد في معدل عمر الانسان (ساعتين). يرى بعض العلماء أن الانسان يستطيع أن يزيد من مرونته المعرفية (Cognitive Flexibility) ويصبح مبدعا اذا مارس التمارين الرياضية وتعرق كل يوم لمدة نصف ساعة، وذكر الكاتب (إريك باركر) أن الباحثين في جامعة ليدز متروبليان في إنجلترا وجدوا أن العاملين الذين يستخدمون الصالة الرياضية الخاصة بالشركة كانوا أكثر إنتاجية وشعروا بقدرة أكبر على تحمل ضغط العمل، وليس هذا فحسب، بل ان الباحثين من جامعة ديوك توصلوا الى أن فعالية التمرن في معالجة الاكتئاب لا تقل أبدا عن فعالية مضادات الاكتئاب، وفي دراسة أخرى اسمها SMILE (ابتسامة)، وضع أحد الباحثين، ويدعى جيمس بلومينثال وزملاؤه التمارين الرياضية في تحد أمام عقار معالجة الاكتئاب المسمى SSRI سيرتالين (زولزفت)، لمدة 16 أسبوعا، وكانت النتيجة التي خلص إليها بلومينثال وزملاؤه هي أن فعالية التمرن كفعالية العقار الدوائي في معالجة الاكتئاب، وهناك دراسات كثيرة اثبتت أن الأشخاص الذين يتمرنون تكون صحتهم العقلية أكبر: أي اكتئاب أقل، غضب أقل، توتر أقل، وارتياب أقل، منها الدراسة الشهيرة في هولندا التي أجريت على 19288 توأما وعائلاتهم، نشرت في عام 2006م، فقد أظهرت هذه الدراسة أن الذين يتمرنون يكونون أقل عرضة للتوتر، وأقل عرضة للاكتئاب، وأقل اضطرابا عصبيا، وكذلك أجريت دراسة مماثلة في فنلندا على 3403 أشخاص في عام 1999م، اظهرت هذه الدراسة ان الذين يتمرنون مرتين أو ثلاثا في الأسبوع يكون لديهم- وبشكل ملحوظ- مستوى أقل من الاكتئاب والغضب والتوتر وقلة الثقة مقارنة بالآخرين الذين لم يتمرنوا.. قم من مكانك الآن– عزيزي القارئ- ومارس التمارين الرياضية وتدثر بطاقات الإرادة التي لا تعرف المستحيل، انهض ومارس السير على جانب الطريق في احد الطرقات الفسيحة التي تضمها مدينتك، واصل سيرك إلى أن تصل حد (الحقحقة)، أي شدة السير، ليفرز جسمك بعض العرق لتتخلص من بعض السموم المتراكمة. * مستشار أمني متخصص في تطبيق القانون والعلوم السياسية