أشارت مجموعة من الدراسات إلى وجود علاقة بين الاكتئاب وأمراض القلب والكلى، إذ إن احتمال إصابة الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب بمرض القلب أكبر، فيما يزيد الاكتئاب من احتمال الإصابة بمرض الكلى لدى المرضى بداء السكري. وتشير الدراسات إلى أن الصلة بين الاكتئاب وأمراض القلب معقدة وغير مفهومة تماماً، لأن العديد من آثار الاكتئاب، ومنها على سبيل المثال، الشعور بعدم القدرة على تناول الطعام في شكل سليم، والسلوكيات المرتبطة بالكآبة مثل التدخين والافراط في تناول الكحول، هي عوامل خطر مؤكدة للإصابة بأمراض القلب. واقترحت بعض الدراسات أن الأرق، وهو شكل آخر من أعراض الاكتئاب، قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتوضح الدراسات أن الاكتئاب يفاقم مرض القلب. فمرضى القلب الذين يعانون من الاكتئاب يجدون صعوبة أكبر في تناول الأدوية والامتثال إلى التوصيات المطلوبة من المصابين بأمراض القلب. وقد تكون لها أيضاً تأثيرات فيزيولوجية مدمرة على إيقاع ضربات القلب وضغط الدم، ومستويات هرمون التوتر وتخثر الدم والاكتئاب. وقد أظهرت الدراسات أن هذه المظاهر قد تكون من بين الأسباب التي تجعل مرضى الاكتئاب الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، أو أولئك الذين نجوا من نوبة قلبية أو خضعوا لجراحة لتغيير الشرايين التاجية، معرضون للموت بمعدل يفوق مرتين إلى ثلاث مرات ما هو عليه لدى المرضى المماثلين الذين لا يعانون من الاكتئاب. وهناك أدوية قد تساعد على علاج مرضى القلب من الاكتئاب مثل «بروزاك»، وهذه الأدوية معروفة باسم «مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية». ويقول الدكتور ستيفن بي روز أستاذ الطب النفسي في جامعة «كولومبيا» الأميركية، إن «هذه الأدوية تقلل الوفيات بين المصابين بالاكتئاب ممن سبق ان تعرضوا لنوبة قلبية. ما ليس واضحاً هو ما إذا كان الانخفاض في معدل الوفيات ناجماً من تأثير الدواء المضاد للاكتئاب، أو من تأثير الادوية المميعة للدم التي يتناولها مرضى القلب». وأظهرت بعض الدراسات أن «السيتوكينات»، وهو نوع من جزيء مرافق للالتهابات، تكون نسبته مرتفعة في دم الأشخاص المصابين بالاكتئاب، ويمكن أن يتسلل الى الدماغ، ويؤثر على تركيب الناقلات العصبية فيه ويتلف الخلايا العصبية. وبغض النظر عما إذا كان الشخص يعاني من مرض القلب أم لا، فإن علاج الاكتئاب ضروري، وهناك أدوية وعلاجات نفسية أثبت فاعليتها. وتشير دراسات أخرى إلى أن الاكتئاب يزيد من مخاطر أمراض الكلى والسكري. ويقول الدكتور ميكلوس مولنار، وهو أستاذ مشارك في قسم الكلى في «مركز جامعة العلوم الصحية» في تينيسي، في ولاية ممفيس الأميركية، إن «الاكتئاب المرضي يترافق مع زيادة خطر الإصابة بمرض الكلى المزمن لدى مرضى السكري، مثلما يفاقم الاكتئاب أمراض القلب والأوعية الدموية». وأظهرت نتائج دراسة جديدة نشرت أخيراً في «المجلة الأميركية للطب»، أن الأشخاص الذين يقومون بنشاط بدني ويمارسون الرياضة، هم أقل عرضة للإصابة بالنوبة القلبية، إذ أن ناجين من النوبات القلبية الذين مارسوا الرياضة لسنوات قبل أصابتهم، انخفض لديهم خطر الإصابة بالاكتئاب. ودرس الباحثون حال 189 شخصاً في النروج بعد أول مشكلة في قلوبهم، ووجدوا أن الناس الذين كانوا يمارسون نشاطاً بدنياً لمدة 10 أعوام قبل حدوث المشاكل القلبية لديهم، أقل عرضة للاكتئاب بعد وقوع الاصابة بنسبة 20 في المئة مقارنة بأولئك الذين لا يمارسون أي نشاط بدني. وكشفت الدراسة أيضاً، أن أولئك الذين كانوا غير نشطين، لكنهم بدأوا ممارسة الرياضة قبل حدوث المشاكل القلبية لهم، كانوا أقل عرضة للاكتئاب من أولئك الذين مارسوا الرياضة لفترة ثم توقفوا عن التمرين. وقالت ليندا إرنستسين، مؤلفة الدراسة والباحثة في «مركز التمرين الطبي» في «الجامعة النروجية للعلوم والتكنولوجيا»، إن «نتائجنا تضيف قوة إلى الدليل على وجود علاقة سببية بين النشاط البدني والصحة النفسية». وقال الباحثون إن هذه النتائج تعزز العلاقة بين ضعف النشاط البدني والاكتئاب، وتسلط الضوء على حاجة الأشخاص الذين يعانون، أو المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب أو الاكتئاب، إلى تعزيز مستويات نشاطهم البدني.