بعيداً عما يتم ضبطه من رجال المرور في الميدان فيما يخص المخالفات المرورية التي يرتكبها الكثير من مخالفي الأنظمة والقوانين، كذلك بعيداً عما يتم رصده من نظام «ساهر» لرصد المركبات المخالفة، نتحدث عن الأخطاء البشرية الفادحة التي يقع فيها العديد من المتهورين. للتهور أنواع عدة، وأنماط كثيرة، وأشكال عديدة، فمن أنواع المخالفات التي يقع بها قائدو المركبات، الأكل والشرب داخل السيارة وأثناء القيادة، فهناك أشخاص لا يحلو لهم الطعام إلا أثناء القيادة، فتجدهم يأكلون ويضحكون ويمزحون، ويتناولون ما لذ وطاب، وكأن مركباتهم صالة طعام. نوع آخر يتحدث بالجوال ويفتح مشاريع تجارية، وأخرى خيرية، ويتصل على فلان ينصحه، وعلى علان يمتدحه، وعلى أبي فلان يأخذ منه وصف مطعم تحدث عنه مجموعة من الشباب في الاستراحة، ولا يُمانع أن يتصل على أحد العلماء يستفتيه عن الفرق بين قتل العمد وشبه العمد في الحوادث المرورية. أما أصحاب التقنية والتكنولوجيا، فقد سخروا حياتهم لمتابعة أحد البرامج والأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة، ليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل تجاوز الأمر للمحادثة والمخاطبة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض يرسل ويستقبل في مجموعات «الوتساب»، ويقرأ ويكتب وهو يقود سيارته بتهور. النوع أعلاه فاقد الأهلية في القيادة والحديث والتركيز، فهو من الذين يلقون بأيديهم إلى التهلكة، ولا يبالي بحياته بالأساس، فما بالك بأرواح الآخرين، فهو من العقل مسلوب بسبب الشبكة العنكبوتية التي عششت في عقله، وجعلت منه شخصا منوما مغناطيسياً ينام ويصحو على جهازه الجوال، ولا ننسى أن هناك نوعا من الفتيات تنطبق عليه الحالات أعلاه. من ضمن أنواع أهل التقنية، مغرمو «السناب شات»، فهؤلاء يصورون جميع لحظات يومهم ويوثقونها بالبرنامج، ويبثونها للعالم أجمع، فلا يمانعون من تصوير أنفسهم منذ أن تفتح أعينهم، إلى أن تغمض للمبيت، وهنا ربما يتدارك المخترعون نظاماً لبث أحلامهم عبر «السناب شات» حتى نكمل ما لم نشاهد خلال نومه، لنكمل مسيرة 24 ساعة نرى يوميات «السنابي». ولو رجعنا إلى احصائيات الجهات المختصة لوجدنا أن النسبة العظمى من الحوادث المرورية هي بسبب استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، فالبعض يدخل عالما آخر عندما يتحدث أو يقرأ شيئا في جواله، فنشاهد سيارات على الطرق تتمايل يمينا وشمالا، وعندما نسرق النظر إلى أصحابها بعد تجاوزها، نجدهم في أجهزتهم يعبثون. لنوقف العبث بأرواحنا وأرواح الآخرين، ولنكن أمة متعلمة متحضرة لا جاهلة، وما المانع أن نستخدم التقنية في الأشياء والأمور المفيدة في حياتنا اليومية، فلم تُخترع وتكتشف التقنية لكي نستخدمها بشكل سلبي؛ فالسيارة وجهاز الهاتف، وغيرهما نستطيع أن نشتري البديل له في حالة عطبه أو تلفه أو حتى سرقته، لكن أنت لا يستطيع أن يعوضنا أحد غيابك إن فقدناك.