فن التأثير في الناس من أرقى المهارات الإنسانية التي يجب أن نتقنها لتطوير شخصيتنا والارتقاء بشخصية الآخرين وذلك عن طريق أن تمنح الآخرين مقابل ما تأخذه منهم. امنحهم الحب يبادلوك اياه. امنحهم الاهتمام والرعاية كي يهتموا بك ويراعوا مصالحك. امنحهم الثقة كي تحصل على ثقتهم أن تكون أنت البادئ بالعطاء. فن التأثير في الآخرين، وتوجيههم بطريقة صحيحة، يستتبع معه كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم في سبيل تحقيق هدف، ذلك ما يمكن به تعريف معنى القيادة، وهو ما يتطلب وجود قائد يقود أفراده بطريقة أو إستراتيجية ما للوصول إلى هدف معين، فلابد من وجود هذا الرئيس، والمرؤوس، والأهداف المرجوة عن طريق اتباع إستراتيجية معينة. تختلف أنواع القيادة باختلاف النشاط الذي تمارسه الجماعة، هل هو عمل سياسي أم إداري أم اقتصادي أم عسكري؟، لذا يوصف الشخص الذي يوجه كل نشاط من تلك الأنشطة بنوع النشاط الذي يوجهه، فيقال القائد السياسي، والقائد الإداري، والقائد العسكري، والرئيس هو الشخص الذي يشغل مركز المسئولية، ويسعى إلى تحقيق أهداف محددة بواسطة مرؤوسيه، ويعتمد كثيراً على السلطة التي يباشر بها مهام وظيفته. وهنا تبرز أهمية كبيرة لدور القائد، والعلاقة المباشرة بينه وبين الافراد، حتى يتمكنوا من تحقيق الهدف الذي يسعون إليه، وعن التأثير المزدوج لكل من الطرفين على الطرف الاخر، فحتى إن تعددت أساليب القيادة يبق للدور المحوري للعلاقة المباشرة بين الطرفين أهمية قصوى لتحقيق الأهداف بفاعلية، فما هي هذه الفاعلية؟ الفاعلية، هي طريقة الإقناع التي يتمكن من خلالها الفرد في تنسيق اجراءات معينة مبنية على توقعاته وتقدير، وكيفية تعامله مع المتغيرات والأحداث المحتملة، وبمعنى اخر فإن الفاعلية تعني، طريقة الوصول للهدف والنتائج المتوقعة. بأي طريقة؟ هذا هو السؤال الأكثر أهمية، ويظهر هنا بشكل محوري دور القائد وتأثيره على مرؤوسيه، بحيث يكسر الحاجز بين الطابع الرسمي الذي يفرضه العمل وغير الرسمي الذي يفرضه الشعور أو الطموح أو المصلحة المشتركة، أن يكون المدير متفهماً لمطالبهم، ويحتويهم نفسياً، وفكريا، كما أنه يقرب وجهات النظر معهم من خلال شرح رؤيته لهم مباشرة، خاصة في أوقات استرخاء تحسن العلاقة النفسية. هناك العديد من الدراسات التي اثبتت أن للقيادة وأساليبها دورا مؤثرا على فاعلية العاملين ومن خلال نتائج هذه الدراسات يتبين أن القائد هو الذي يقرر أسلوب القيادة الأكثر ملاءمة لطبيعة المنظمة، من خلال وجهات نظر العاملين. قد تكون أحد الأخطاء التي يقع فيها القائد، تصوره أن مشاركة المدير للعاملين معه في الرأي والقرار تقلل من شأنه، أو تنزل من مستواه، بل الروح الجماعية المتفتحة ترفع من شأن المدير وتعطيه قوة فوق قوته وتضفي عليه احتراما وتقديراً قد لا يحصل عليه إلا بهذا الأسلوب، كما تعد من أبرز عوامل نجاحه في القيادة وتأثيره على الأفراد وحفظ تماسك المنظمة وتحقيق أهدافها. يوجد العديد والعديد من النظريات التي تتحدث عن فن القيادة، والتي حتى وإن اختلفت في مضمونها، فلا شك أنها تتشارك جميعا في أن هناك ظواهر ثابتة، هذا ما دفع علماء الاجتماع الى دمج كل هذه النظريات التي اصبحت تؤدي الى نفس المعنى، للخروج من ذلك كله بفكرة عن نظرية القيادة التي من الصعب الاحاطة بها، وخلصت النتائج إلى أنه يجب على القائد مراعاة الجوانب النفسية مهما تنوعت الأساليب التي يتبعها، ومهما تنوعت اساليب وانماط القيادة لتحقيق الفاعلية مع العاملين معه، ويمكن اعتبار الأسلوب الديموقراطي في القيادة هو أكثر هذه الأساليب فعالية وإنتاجية، وهو أقربها لروح الشريعة الإسلامية، لأنه يؤدي إلى توليد أفكار جديدة وإحداث تغييرات إيجابية وترسيخ الشعور بالمسؤولية الجماعية. حكمةه القيادة تتمثل في قدرتها على تطويع كافة الإمكانات المتاحة، وتوجيهها إلى اهداف، وتتمثل في التأثيرعلى اخرين من أجل تحقيق إنجازات متميزة، هذا النوع من القيادات يكون قادرا على فهم ما سيكون عليه المستقبل حيث ينظر إليه بطريقة ذكية ويتوقعه ويعمل على تطويعه لخدمة أهدافه، هذا النوع من القيادة، قادر على الإبداع والأكثر حكمة وذكاء، وعادة ما يحيط نفسه بنماذج قادرة على المساعدة دائما، وهم من يكونون بالمستقبل الذين سيعتلون صفوف القيادة وخلق الروح الجماعية بينهم والإيثار وأصبح هدفهم الأسمى هو تحقيق الأهداف المرجوة بالمقام الأول، حيث يسمو الهدف العام لهذا الفريق على الهدف الخاص لكل فرد. أحيانا يتأثر مستوى أداء العاملين بالعوامل والظروف البيئية التي يعملون فيها سواء كانت متعلقة بطبيعة العمل نفسه، أو بالاسلوب الإداري المتبع، وطريقة التحفيز، والراحة النفسية التي عليها العامل، والطريقة النفسية التي يتعامل بها القائد مع المرؤوسين، مما يمكن مع التأكيد على أن الأسلوب الاداري المتبع هو الذي يحدد العلاقة ومدى التأثير على الافراد بطريقة طردية أو عكسية. أساليب القيادة تلعب دورا بارزا في إثراء بيئة العمل، حيث الإبداع والسعي للازدهار والمعرفة والإنتاج ومحاربة الركود. أساليب القيادة بمثابة «الشد والجذب» وهي العامل الرئيسي في تطوير الفاعلية لدى العاملين. وكم نحن بحاجة ماسة لمثل هذه النماذج من القيادات التي تستطيع رسم استراتيجيات ووضع خطط من أجل مستقبل أبنائنا وتحقيق أهدافنا.