أيامه معدودات، تهل علينا فيها النفحات المباركة وتتطاير في الشوارع والطرقات، المساجد تمتلئ، والأسواق تزدحم بالعائلات والمتسوقين كل هذا ابتهاجا وفرحة بشهر رمضان الكريم، هذا الضيف الذي ينتظره الصغير قبل الكبير لروحانياته العالية من عبادات وعلاقات أسرية واجتماعية وجلسات ليلية للأهل والأحباب وقراءة القرآن. يعتقد بعض الناس أن هذا الشهر هو إمساك عن الطعام والشراب فقط ولكنه إمساك عن جميع ما حرمه الله من لفظ وعمل وغيبة ونميمة، فالصيام لله ليس به رياء، ليس كغيره من العبادات، فعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ). فهذا الشهر العظيم المبارك لا يعلم أجره إلا الله لأنه نوع من أنواع الصبر فقال الله تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) أي بغير حد ولا كيل ولا ميزان فللصائم فرحتان يفرحهما، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، وان خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك، واعلم أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد فلابد أن يغتنمه الإنسان بكثرة قراءة القرآن والصدقات والأعمال الخيرية والدعاء وخصوصا وقت الأذان ووقت الإفطار والإكثار من الجود والإحسان وصلة الأرحام فكان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان فتكون جوادا بعلمك وبالدعوة الى الله وبالصدقات وبالأشياء المعنوية كالكلام الحسن وإفطار الصائمين. ولا ننسى بركة السحور في شهرنا هذا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة ولو أن يجرع أحدكم جرعة من الماء) ليكتب لك الأجر وهو الفاصل بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، لذلك نبهنا به رسولنا الكريم كن من الحريصين على أداء الصلوات الخمس في جماعة والأفضل أن تكون حريصا على أدائها في الصف الأول وان تلبي الأذان وأنت في المسجد ولا تنس أن تكون من المداومين على صلاة التراويح واحرص على أن تخرج منها بعد الإمام لكي يكتب لك قيام ليلة تامة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتبت له قيام ليلة كاملة). ولا تكن ممن يعبدون الله في رمضان فقط؛ فرب رمضان هو رب الشهور كلها فاعبد الله كما يحب أن يُعبد.