نعم إن شهر رمضان المبارك فرصة للرجوع إلى الله عز وجل.. فمن لم يتب في رمضان فمتى يتب؟!.. شهر رمضان المبارك يكون سبباً مباشراً وفرصة للتوبة من الذنوب والمعاصي، ومعيناً بعد الله تعالى على التوبة النصوح بالاستقامة على أمر الله تعالى واستقبال رمضان المبارك بالتوبة والاستغفار والعمل على تحقيق شروط التوبة النصوح بإذن الله تعالى.. وهي العزم على عدم الرجوع للذنب والندم على فعله والاستغفار ورد المظالم والحقوق لأصحابها، وأن تكون التوبة في زمن الإمكان. لهذا يجب أن نتوب إلى التواب الرحيم، فهذا الشهر فرصة للتوبة إليه سبحانه وتعالى، والتوبة إليه من ذنب وخطيئة فلا تدع فرصة هذا الشهر تفوتك للتوبة النصوح. هذا هو موسم الخيرات والحسنات والعمل الصالح. فما أعظم أن يكون شهر رمضان بداية التوبة. ومن خصائص هذا الشهر الفضيل إن الله تبارك وتعالى يجازي على الصيام الجزاء الذي ليس محدوداً ولا معيّناً حيث قال تعالى في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) ويعني هذا أن الجزاء كبير جداً ليس له تحديد يذكر، ويكفي أن هناك باباً يقال له الريان يخص الصائمين يقال أين الصائمون؟ ليدخلوا منه فإذا دخلوا أغلق ذلك الباب فلا يدخل أحد غيرهم، وهذا لا شك من الترغيب في الصيام وأجره العظيم وفضله الكبير وغير ذلك من أمور الترغيب الأخرى التي تخص هذا الشهر الكريم وهذه العبادة العظيمة ألا وهي الصيام.. لهذا يجب استغلال هذا الشهر المبارك في الأعمال الخيرية الجليلة حتى تضاعف الحسنات والأجور عند الله الكريم المنان، فصيام رمضان غنيمة باردة حال أدائه وحال الحصول على أجره إن شاء الله ويجب الاهتمام بأداء الأعمال المضاعفة أجورها كالدعاء والصدقة وتفطير الصائم والعمرة في رمضان التي تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم كما قرر ذلك عليه الصلاة والسلام وكذلك تلاوة القرآن الكريم والجود والكرم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والاعتكاف وغير ذلك من الأعمال الفاضلة الأخرى وهذا كله يخص الرجل والمرأة والتي لها خصائص أخرى أيضاً في هذا الشهر المبارك فيجب على المرأة المسلمة أن تراعيها لعظم هذا الشهر الكريم الذي قال الله تعالى فيه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.. إن شهر رمضان الكريم هو شهر تُرفع فيه الدرجات وتُعتق فيه الرقاب من النيران وتُضاعف فيه الحسنات والطاعات، فلننضم إلى قوافل التائبين إلى الله تبارك وتعالى الذي يفرح بتوبة عبده والرجوع إليه أكثر من فرحة الرجل الذي ضلت راحلته فايس من وجودها ثم جلس تحت ظل الشجرة لكنه ما لبث أن رآها أمامه فقال من شدة الفرح: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) أخطأ من شدة الفرح. كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.. أن هذا الشهر هو شهر الفضائل والخيرات فلنقبل على عمل هذه الخيرات والفضائل والطاعات دائماً ونبتعد عن ما خالف ذلك، ومن هذه الأعمال الجليلة.. الصدقة والزكاة وتفطير الصائم والعمرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحافظة على السنن الرواتب وتعويد الأطفال على الصيام وتدريبهم عليه على قدر الاستطاعة والاعتكاف وصلاة التراويح وبركة السحور والدعاء أوقات الإجابة وقرآءة القرآن الكريم وبر الوالدين وطاعتهما وغير ذلك من الأعمال التي تُقرب العبد إلى ربه عز وجل.. حتى تكون تلك من الباقيات الصالحات للعبد عند الله تعالى يوم يلقاه عند ما لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. لقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يُفطر على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد فعلى ماء، فعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل ان يُصلي فإن لم يكن رطبات فتمرات فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء، أخرجه الترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم بإسناد حسن.. ورد عن جابر رضي الله عنه بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله في كل يوم عتقاء من النار في شهر رمضان وأن لكل مسلم دعوة يدعو بها فيُستجاب).. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن للصائم عند فطره لدعوة ما تُرد)، فليحرص العبد المؤمن عند فطره التضرع إلى الله تعالى بجوامع الدعاء.. إن اجتماع العائلة كلها على الإفطار كل يوم في شهر رمضان المبارك يجعل لهم فرصة استثمار لهذا الحدثتقوية العلاقة فيما بينهم من خلال الحوار العائلي وتبادل الأحاديث الأسرية الودية النافعة بإذن الله تعالى.. استعن أخي المسلم بالذكر والتسبيح على تصريف أمورك وقضاء يوم صيامك وشجع أهلك على ذلك لأنه يؤمن لكم الهدوء وصفاء النفس والروح.. إن خلوف فم الصائم عند الله تعالى أطيب من ريح المسك وخلوف فمه هو: الرائحة التي تنبعث من المعدة عند خلوها من الطعام وهي مكروهة عند الخلق لكنها محبوبة عند الخالق، قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك). إن رمضان المبارك فرصة لنغير طريقتنا في الحياة وليس من الصعب ان يغير الإنسان مسلكه فأكبر دليل على أن الإنسان لديه قابلية للتغيير هو رمضان حيث تتغير فيه أخلاقنا وطباعنا وتخف فيه حدة انفعالاتنا، فلنستغل هذه القابلية فتتغيير الطباع غير المحدودة في أنفسنا ولاننس أن آيات الصوم جاءت قبل آيات الجهاد ذلك أن المسلمين إن لم ينجحوا في مجاهدة أنفسهم لن ينجحوا في الجهاد.. اللهم أعنا على صيام رمضان وقيامه وتقبله منا واقبلنا فيه عندك واكتب اللهم النصر للإسلام والمسلمين في هذاالشهر الكريم.. اللهم آمين.