وكما أن للإتيكيت فنًا، وللحوار فنًا يظهر على محترفهما ويجعله يبدو جذابا ومهندما في سلوكه وطريقة حديثه، كذلك «للكلمة فن» تجعل من يحترفها ويتقن فنها ومواضع استخدامها أكثر جمالا وجاذبية وإبهارا.. كثيرون يحاولون اتقان إتيكيت التصرف العام في الأكل والشرب وطريقة الجلوس والترحيب في المناسبات المختلفة وهذا أمر جيد، فالإنسان صاحب الذوق واللباقة في طريقة تحيته وسلامه وكذلك جلوسه وباقي تصرفاته يكون موضع احترام وإعجاب لمن حوله خاصة إذا كانت أفعاله في الحدود الطبيعية وغير المتكلفة، ويصبح معيار هذا الشخص أعلى عندما يجيد فن الحوار بطريقة مهذبة تحفها الثقة والإلمام بمواضع الصمت والإيجاز.. عادة من يحمل احترافية ما سبق يكون أنيقا في معظم أحواله، أنيقا في طريقة حديثه حتى وهو يتكلم معك كتابيا عن طريق إحدى وسائل التواصل الاجتماعي.. الجميل في الأمر أن هناك توجها عاليا من قبل الأفراد في التجمل بهذه القواعد والمبشر بالخير أنها لا تحتاج إلى مهارات تدريبية عالية لإتقانها وإن كنت لا أنكر أن العملية أيضا تعتمد إلى حد كبير على الجينات الأخلاقية للفرد.. عموما لا بأس حتى عندما تتدنى الأخلاق في شريحة من الأفراد فهم في نهاية المطاف سيواكبون القواعد العامة للإتيكيت الأخلاقي والسلوكي إذا شاعت في ثقافتهم.. ما نحتاج أن نعود له الآن قضية (فن الكلمة) فهذا النوع من الفن إذا تمت إجادته مع ما سبق من الحد الأدنى من قواعد السلوك المهذبة لأي شخص؛ فنحن حينها سنكون أمام شخصية جذابة ومقنعة بلمسة من السحر.. وفن الكلمة يكمن باختصار في اختيارها في الموضع المناسب وفي الوقت الملائم لتؤدي الغرض منها بالهدف الصحيح.. فمحترفو الكلمة على سبيل المثال عندما يودون الشكر بصدق وامتنان لا يختارون الكلمات المعتادة ولا المجاملات الشائعة انهم يتفننون بمفاجأتك باختيار كلمة جميلة وضعت في جملة مرتبة بطريقة غير تقليدية وعلى ذلك اطلق عنان مخيلتك في تصور ما يفعله هؤلاء في مواضع أخرى.. انهم يدهشونك في مختلف المناسبات.. يقال أحيانا فلان «مفوه» للتدليل على انه بليغ الكلام وهذا النمط عادة ما ينظر له بإعجاب فتخيل لو كان هذا المفوه يجمع بين أكثر من قاعدة جمالية جاذبة من قواعد السلوك.. طريقة اختيارك لكلماتك تحدد المركز الثقافي والتربوي والتعليمي الذي تنتمي له ومن الكلمة انت تبني جسورا من العلاقات أو حطاما منها.. كن ذكيا في اختيار كلماتك ومواضع استخدامها والأهم أن تكون صادقا نبيلا وانت تطلقها غير متكلف ولا مجامل بها.. تعلم جيدا كيف تنتقد أو تقنع بها.. إذا احترفت فن الكلمة فثق أنك أمسكت بأهم مقاليد التواصل والجاذبية.