في الوقت الذي يأمل المجتمع الدولي من المنظمة التي تمثله وضع النقاط على الحروف في شتى المآزق والنزاعات، وعلى رأس هذه المآزق ينتظر من منظمة الأممالمتحدة إدانة مباشرة للأسباب الحقيقية وراء ما يحدث في اليمن من كارثة إنسانية، بعد هذا الأمل وذاك الانتظار يأتي تقريرها المنشور قبل أيام صادما ومفاجئا ومعاكسا لكل الحقائق التي باتت أشبه ما تكون بالثابتة والمؤكدة، في أن ثمة إرهابا يودي باليمن يقوده المخلوع صالح والحوثي وأتباعهما إلا أن تقرير بان كي مون أبى إلا أن يقلب الحقائق رأسا على عقب، وكأنه يثبت الاختراقات التي تتلاعب بقرارات المنظمة الدولية الراعية لقضايا العالم والمتكفلة بحلحلة نكباته، فكانت جهودها عكس المأمول بعد إدراجها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على اللائحة السوداء للبلدان التي تنتهك حقوق الأطفال، فأي كارثة تنتظر اليمن وأي كارثة تنتظر أطفالها من جراء تقرير يدين أنصار الحق وينتصر لأنصار الإرهاب والفساد والتدمير! من هذا المنطلق: أين ممثل مكتب مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في اليمن «جورج أبو الزلف» من كل تلك المساعدات والمبادرات الإنسانية التي تقدمها المملكة ودول التحالف العربي؟، ثم كيف سمح لأحد طرفي القتال- بل هو سببه الرئيسي- بالمشاركة في صياغة التقرير وإعداده!!!، الأمر الذي أكده جملة من الناشطين السياسيين اليمنيين، من أن هذا التقرير الأممي المشبوه أسهم في إعداده عناصر من الحوثيين، الانقلابيين الإرهابيين، بل هناك ما هو أبعد من ذلك، بحسب إحدى الصحف التي أكدت ضلوع أبو الزلف في تعاملات مكشوفة وداعمة للعناصر الحوثية «كتعيين أحد قياديي الجماعة الانقلابية منسقا لمكتب المفوضية في إحدى المحافظات، وتنفيذ دورات تدريبية لهذه العناصر لكيفية صياغة هذه التقارير»، وكيفية تدليسها وتزييف الحقائق فيها. هذا التزييف العلني للحقائق الذي تشرعن له وبكل أسف الأممالمتحدة بجلال قدرها لم يلتفت إلى ما تقدمه المملكة العربية السعودية وكل دول التحالف العربي من رعاية وأعمال إغاثية استثنائية، بينما التفت بحرص وعناية وقصد لمن يستخدمون أطفال اليمن دروعا بشرية في صفوفهم القتالية الأولى، ويجعلون من أجسادهم الضعيفة المنهكة كانسات ألغام، وتغنى بمن يرتكبون الخروقات الأمنية تلو الخروقات من أجل أن يستمر الصراع والموت والفناء، وتباهى بكل وقاحة بما يحدث في مدينة «تعز» من مآس ضد الطفولة والمرأة على أيدي الإرهابيين الانقلابيين، وثنى ضمنا وبكل أسف على استهدافهم الأحياء السكنية والأسواق الشعبية والمستشفيات والمدارس، والقائمة تطول، وكأنه يحيل الجلاد حملا وديعا ويبرر له كل أفعاله الشنيعة. وفي المقابل: استخف التقرير الأممي بكل ما قدمته وتقدمه المملكة العربية السعودية والتحالف العربي من جهود باحثة عن السلام، فغضّ الطرف عن البرنامج الذي وقعته السعودية مع منظمة اليونسيف بكلفة ثلاثين مليون دولار من أجل مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية، وتغافل عامدا عن البعدين السياسي والاجتماعي الذي من أجل أهدافهما النبيلة وغاياتهما السديدة كان التحالف في اليمن، ولذا يحق للمملكة وكل عاقل الاحتجاج الرسمي على بنود التقرير، ورفضه جملة وتفصيلا، وهذا ما فعلته السعودية بكل ثقة عبر مندوبها لدى الأممالمتحدة، ليقدم اعتراضا صريحا يؤكد من خلاله بأنه تقرير مصطنع، أو بحسب ما جاء على لسان العميد ركن أحمد عسيري: تقرير مُضَلِل وغير متوازن!