أجمع مهندسون وفنيون على وجود الغش في بطاريات السيارات بجميع أنواعها، لافتين إلى أن بعض المحال تستغل المستهلك عبر بيع بطاريات لا تحمل تاريخ التصنيع أو دون كتابة تاريخ البيع على ورقة الضمان، بل بعضهم يبيع بطاريات مجهولة المصدر ولا يوجد لها وكيل في الأصل. وأفاد ل«اليوم» الدكتور محمد مشيري «عضو هيئة التدريس بكلية التقنية بالأحساء تخصص هندسة كهربائية»، ضمن الملف الشهري السادس عشر «الغش التجاري.. الاقتصاد الأسود»، بأن من بين أهم العناصر الرئيسية في السيارة البطارية هي المصدر الأساسي للطاقة، وتعتبر مشكلة نفادها أو تعطل عملها إحدى أهم المشكلات التي تعترض مستعملي الطريق. وأضاف: تتكون البطارية من مجموعة من الخلايا الجلفانية موصلة على التوالي، ولها القدرة على تخزين الطاقة ثم استخدامها فيما بعد، فمثلا من البطاريات الأكثر شيوعا عند مستعملي السيارات نجد بطارية الرصاص 12 فولت التي تتكون من ست خلايا كل واحدة منها تنتج 2.1 فولت وبالتالي يكون المجموع 12.6 فولت، وتتكون كل خلية من مجموعة ألواح من رصاص شبكية منها الموجبة «ثاني أكسيد الرصاص» والسالبة «الرصاص» وتكون معزولة عن بعضها البعض عن طريق ألواح عزل ومغطسة في محلول من حامض الكبريتيك والماء، وهو ما يعطي تفاعلا كيميائيا، وبالتالي ينشأ فرق للجهد بين قطبي البطارية. وتابع: نفاد البطارية من بين أهم المشاكل في السيارة وضعف أدائها يؤثر سلبا على جميع الأجهزة الكهربائية التابعة للسيارة، وفي أحيان كثيرة نلجأ لإعادة شحنها أو اقتناء واحدة أخرى، ونعتقد أن المشكلة قد حلت تماما غير أننا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام مشكلة بطارية السيارة، رغم كونها جديدة. واسترسل قائلا: إن الأسباب متعددة لعدم الحصول على بطارية جيدة، وقد يتعرض المتخصص والخبير إلى نوع من الغش لجهله ببعض التوصيات المهمة، ومنها صلاحية البطارية والتصنيع لافتا إلى أن تاريخ انتاج البطارية مهم، ومن هنا يجب التأكد من تاريخ التصنيع وصلاحيتها، ومن بين مكونات البطارية المواد التي تنتج تفاعلات كيماوية «حامض الكبريتيك»، هذه المواد تتأثر بمرور الزمن حتى وإن لم يقع استعمالها وعموما مدة تتجاوز تقريبا الأشهر الستة من تاريخ الانتاج كفيلة بتضرر البطارية. ونصح بالتثبت من سعة البطارية، وهو ما يعبر عنه بالأمبير/ ساعة وهو مقدار ما تعطيه البطارية من تيار «أمبير» في الساعة، وقال: علينا أن نتقيد بالقدرة المناسبة التي يحددها نوع السيارة وفي هذه الحالة هناك خلط كبير بين صنف البطارية (أرقام تدل على تصنيف البطارية) وبين القدرة فالبعض مثلا يحتاج الى بطارية 70 أمبيرًا ساعة وبمجرد أن يعطيه صاحب محل البيع بطارية كتب عليها مثلا الصنف 70D23R يعتقد مباشرة أن هذا هو المطلوب وهذا خطأ شائع فالترقيم لا علاقة له بسعة البطارية ولا قدرتها. ومن الواجب في هذه الحالة الاستعانة بالكتيب المصاحب عند شراء البطارية. وبيّن الدكتور المشيري، أنه من المهم بمكان التأكد من شهادة الضمان ومن الطبيعي جدا أن مصنعي البطاريات من نوعية جيدة عادة ما يوفرون فترة ضمان تكون أطول قدر ممكن، مشيرا إلى أنه إذا لم ينتبه الفني لبعض النصائح المهمة فمن الممكن أن يكون عرضة للغش. وأضاف: بعض البطاريات المطروحة بالأسواق عادة ما تكون مكوناتها غير أصلية، مثلا نوعية ألواح الرصاص المستعملة التي لا تتميز بمواصفات جيدة ومتطابقة مع الأصلي وهو ما من شأنه أن يسبب بعض الرواسب المتمثلة في طبقة صلبة من الكبريت وبالتالي تعيق عملية التفاعل الكيميائي لمحلول البطارية وهو ما يعبر عنه بتملح الألواح، أما البعض الآخر من البطاريات فيعاد صيانتها وشحنها من جديد، ومن الممكن أن تقدم كمنتج جديد، كأن يقع شحنها بتيار خفيف لإزالة تملح الألواح أو أن يقع غسلها ثم شحنها في حال كان هناك اتصال داخلي بين الألواح الموجبة والسالبة للبطارية بسبب التملح، لذا المستهلك مطالب بالتثبت من تاريخ الانتاج وقدرة البطارية وشهادة الضمان، ويبقى الحل الأنسب في اعتقادي عند اقتناء بطارية لسيارتك هو إجراء فحص للبطارية عن طريق جهاز فاحص البطاريات battery tester. في السياق نفسه، قال المهندس فوزي العيسي «عضو التدريس بالمعهد الصناعي الأول سابقا»: إن البطاريات الموجودة في السوق معظمها إلكترونية، فبمجرد خروجها من المصنع هي جاهزة للاستخدام، ولها وقت محدد في الانتهاء، وهناك بطاريات عادية تستخدم عند إضافة مادة الأسيد لها، وبالتالي هناك فارق بين الاثنتين، الأولى لها عمر افتراضي معين سنة تقريبا، والثانية البطارية العادية تعبأ يدويا وتراقب ما بين وقت وآخر لإضافة الأسيد إليها. وأضاف المهندس العيسي: إن الغش موجود في سوق البطاريات وعلى المستهلك أن يتخذ احتياطه بشراء بطاريات موثوقة الضمان من وكيل معتمد، ويناقش البائع خصوصا أن هناك بطاريات لا يكتب عليها بلد المنشأ ومن هنا تختلط على المستهلك وبيعها على أنها منتج ألماني. وأشار إلى أن هناك تحايلا في بعض محال بيع البطاريات وهي شراء البطاريات المستهلكة بأسعار تتراوح بين 35 و 40 ريالا، ثم بيعها على أفراد أو مؤسسات بأسعار أعلى ومن ثم إعادة تصنيعها أو اخذ الرصاص أو الشرائح او النحاس من اجل اعادة التصنيع ومن ثم شحنها مرة أخرى وبيعها، ومن هنا على المستهلك أخذ الحيطة والحذر في هذه الأثناء بالحفاظ على الضمان من أجل حماية حقه. فيما يؤكد المهندس ماهر بوعبيد «عضو هيئة التدريس بالكلية التقنية بالأحساء»، أهمية التوعية بالنسبة لبيع البطاريات وشرائها، وقال: يجب أن يعرف المستهلك فائدة الضمان والاحتفاظ به حتى يحمي حقوقه. ويشير المهندس زكي الجوهر، إلى أن هناك بعض البطاريات لا يوجد لها صلاحية ما بعد الشحن ولا ضمان للبطاريات وهي غير متعمدة من قبل الجهات الرقابية ولهذا يجب ان تكون هناك حملة على بعض البطاريات الموجودة في السوق. بينما يحذر ظافر الرشيد «فني الكهرباء» المستهلكين بقوله: هناك تلاعب في بيع البطاريات، إذ يعيد البعض من المحال البطاريات المستخدمة للوكيل والوكيل بدوره يعمل لها صيانة داخلية ويغير الصفائح المعدنية وينظفها ثم تتم إعادة شحنها وبيعها في السوق من جديد. في سياق متصل، قال أحد أصحاب محال التجزئة بالهفوف: إن هناك بطاريات كثيرة في السوق وعليها ضمان لكن ضمان الوكيل غير موجود في الأصل أو أن الوكيل في منطقة بعيدة مثلا في الرياض، وبالتالي لا يبادر بالذهاب للوكيل لإعادة البطارية، لذا على المستهلك التأكد من تلك البطارية عليها ضمان ويوجد لها رقم الضمان. ولفت إلى أن بعض العمالة يأخذ البطاريات المستخدمة، ويذهب بها إلى منطقة بعيدة لأحد المصانع ويستخرج منها الرصاص والنحاس، ومن هنا أنصح بوضع مواصفات بشراء بطاريات عليها ضمان. بدوره، يؤكد ياسر الباذر «صاحب محل بطاريات»، أن السوق يزخر بالكثير من البطاريات مختلفة الأنواع بحسب الحجم ونوع السيارة حيث تتراوح أسعارها من 310 إلى 340 ريالات، ويتم تركيبها وفحصها مجانا وضمان الشركات الموردة لدينا. وأضاف: الحقيقة أن الغش قائم في سوق البطاريات من خلال بيع بطاريات تاريخها قديم ويشتريها المستهلك ويتورط بتلفها بعد ثلاثة شهور، وفي حينها قد يقع في حيرة من أمره برجوعه للمحل أو تقديمه شكوى لوزارة التجارة والاستثمار، لكن نجد البعض من المستهلكين يرى أن تقديم الشكوى سيضيع وقته من أجل مبلغ بسيط من المال، في المقابل ربما يكون هناك سوء استعمال من قبل المستخدم، فمثلا تلف الدينمو قد يتسبب في عطل البطارية أو التسليكات الخارجية العشوائية قد تؤثر على البطارية. وكشف أن البطارية التجارية أو المصنعة في الداخل لا يوجد عليها تاريخ الإنتاج، حيث أن المورد يعطيك ضمان تركيب تاريخ البطارية ومن هنا يبدأ مفعول البطارية، والبعض من البطاريات يأتي عليها ضمان من خارج المملكة، ومن هنا فالتعليمات واضحة في هذا الأمر من خلال وزارة التجار والاستثمار وهو أن هناك مراكز ضمان للبطاريات يمكن الرجوع لها خلال 12 شهرا من أجل استبدالها. ويرى سيد بركات «أحد أصحاب المحال»، أن الغش موجود في السوق ونحاول تفاديه بأية وسيلة حتى لا نقع تحت طائلة القانون، لافتا إلى أن هناك بعض البطاريات غير المصنفة ولا تحمل تاريخ إنتاج ولا تخضع للمواصفات، ومن الصعب البحث عن وكيل في المملكة وإذا ما وجد فتجده بعيدا في الرياض أو جدة أو غيرهما من المناطق. وينبه كريم محمد «صاحب محل»، على البطاريات وتصنيعها، قائلا: إن بعض البطاريات في السوق مجهولة المصدر وغير معروف وكيلها، وبالتالي تجد الزبون يتساءل عن النوع الجيد ونحاول بالتالي إعطاءه بعض الإرشادات حتى لا يقع ضحية التلاعب. ويلفت جاد كمال محمد «أحد أصحاب المحلات»، النظر إلى أن السوق يزخر بالكثير من البطاريات وبمختلف الأنواع والأشكال ولهذا ومن خلال خبرتي فإن تاريخ الإنتاج غير موجود، وأحيانا الوكيل يضعنا في مشاكل مع الزبون. من جانبهم، أكد عدد من المستهلكين أنهم يعانون من سوق البطاريات والفوضى، خصوصا أنه لا يوجد نظام توعوي في هذا الإطار خصوصا للبطاريات الالكترونية. ويقول سعيد الحيز: إنه بحث في عدد من البطاريات عن تاريخ التصنيع ولم يجد إلا البطاريات المصنعة لسيارات معينة، مشيرا إلى أنه واجه مشكلة عطل بسبب «البطارية» وفوجئ أنه لا يوجد عليها تاريخ تصنيع، ومن هنا هم بإرجاعها للمحل، الذي أشار عليه بالذهاب للوكيل ومن وقت المشكلة لم نجد الوكيل، فالمفترض أن يكون هناك تحرك من قبل الجهات المعنية من أجل حماية المستهلك. فيما يتمنى أحمد الفهيد «أحد المستهلكين»، أن تخضع البطاريات للمواصفات السعودية، ومتسائلا عن الأسباب التي تؤدي إلى اتلافها في مدة وجيزة رغم ارتفاع سعرها مما أدى إلى استهلاكه العديد من البطاريات وضياع الوقت والمال. ويبدي المواطن راشد الشمري، استغرابه من عدم تحديد عمر البطارية من قبل الشركات المصنعة خصوصا أن ظاهرة تلف البطاريات متكررة، في ظل تنصل أصحاب محال بيع البطاريات من مسؤوليتهم عن تلف البطارية بعد تهالكها. كميات كبيرة من البطاريات تعرض بالسوق