سعت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى أن تكون السياحة والتراث مشاريع لتعزيز الهوية الوطنية من خلال عدد من البرامج والأنشطة والمشاريع، التي بدأت في تنفيذها خلال السنوات الماضية بهدف تعزيز الهوية الوطنية وربط المواطنين بتاريخ وتراث بلادهم. ومن ضمن البرامج لتعزيز الهوية الوطنية برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، الذي يعد في مقدمة مشاريع الهيئة لتعزيز الهوية الوطنية، ويهدف البرنامج إلى إعادة الاعتبار للكنوز الوطنية والتراث العظيم، الذي تمتلكه المملكة ونفتحه للمواطنين ليعيشوه ويعرفوا الثروات المترامية والتعاقب الحضاري الكبير، الذي مر على أرضهم، ولتعود هذه المواقع للحياة بما يزيد انتماء المواطنين إلى أرضهم ويعزز مواطنتهم. ويحظى البرنامج برعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، لدوره في إبقاء المواطن في وطنه، لينعم بمقوماته وموارده، ويتمتع بالعيش فيه تجربة ثرية وممتعة وغنية. وتنفذ الهيئة في هذا الجانب مجموعة من المشاريع والبرامج المهمة، أبرزها: التوعية الإعلامية بالتراث الوطني، ومشاريع الآثار والمتاحف، ومشاريع التراث العمراني والحرف والصناعات اليدوية، وكذلك استعادة الآثار الوطنية من الداخل والخارج. ويتوقع خلال السنوات الأربع القادمة انجاز العديد من المشاريع ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري؛ ومن ذلك افتتاح (18) متحفاً في عدد من مناطق المملكة، وتهيئة (56) موقعاً أثرياً للزيارة، وانطلاق شركة التنمية والاستثمار السياحي، واستكمال بعض مشاريع شركة الضيافة التراثية، والبدء في تنفيذ مشاريع كبرى بالشراكة مع الجهات الحكومية الأخرى المعنية والقطاع الخاص؛ ومنها مشروع تطوير الطائف، ومشروع مدينة سوق عكاظ، ووجهة الرايس بالمدينة المنورة، واكتمال اعمال التطوير في أكثر من (26) قرية تراثية، وأكثر من (300) مبنى تراثي مميز، واكتمال تهيئة أكثر من (26) من مبانٍ اثرية وقصور الدولة، وافتتاح حي الطريف في الدرعية التاريخية ليكون إضافة مهمة لسياحة الوطن، وإنجاز مشروع تطوير وسط الرياض. وتضاف تلك إلى ما أنجز مؤخراً في مشروع تطوير جدة التاريخية وأواسط مدن كل من (الطائف وأبها وتبوك وحائل)، ومتنزه الطائف الوطني والهدا والشفاء، والمدينة السياحية، وشاطئ الحريضة بعسير، والوجهة البحرية بكورنيش جازان والمدن السياحية الاستثمارية الجديدة في منطقة تبوك، وجزر فرسان، إضافة إلى اكتمال تهيئة مواقع التاريخ الإسلامي والمحافظة عليها في مكةالمكرمة والمدينة المنورة بشكل خاص. كما عملت الهيئة على تعزيز المواطنة من خلال عدد من البرامج الأخرى مثل: برنامج «عيش السعودية»، الذي تنفذه الهيئة بالتعاون مع وزارة التعليم، وعدد من الشركاء، ويستهدف أكثر من مليون طالب وطالبة من خلال تنظيم رحلات لهم للمواقع التاريخية والسياحية والحضارية، بهدف تعزيز المواطنة وزيادة ارتباط المواطن بوطنه، من خلال تعريف الشباب بمنجزات وطنهم، وزرع القيم الإيجابية لدى النشء والشباب، والتوعية بدورهم في التعريف بوطنهم، ويستفيد من البرنامج فئة الشباب وبخاصة طلاب وطالبات المدارس الثانوية والجامعات، كما يشمل البرنامج معلمين، ومشرفين ومدربين من مختلف مناطق ومدن المملكة. وقد بلغ عدد الرحلات خلال الشهر الماضي من العام الجاري 26 رحلة استهدفت أكثر من 1000 طالب وطالبة يمثلون المراحل التعليمية المتوسطة والثانوية والجامعات، وذلك عبر رحلات شملت 10 مناطق سياحية تغطي كل أرجاء المملكة. وعمل برنامج «عيش السعودية» على تنظيم (57) رحلة إلى عدد من المواقع والمعالم التراثية والثقافية في مناطق المملكة المختلفة، لا سيما تلك المواقع التي تقف شاهدة على حضارة المملكة وتاريخها ووحدة شعبها وتأسيسها على يد الملك عبدالعزيز، -طيب الله ثراه-. ونجح البرنامج، الذي تم إطلاقه بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، -حفظه الله-، خلال افتتاحه حفل حي البجيري بالدرعية في 16 أبريل 2016م، في إتاحة الفرصة ل (2275 ) طالباً بمختلف المراحل الدراسية لزيارة هذه الأماكن من أجل التعرف على وطنهم، وفق رؤية البرنامج في إعادة الوطن إلى قلب المواطن من خلال المعايشة وجعل النشء يجول في مناطق المملكة المختلفة والمواقع، التي انطلقت منها الوحدة الوطنية. فيما اهتمت الهيئة بفتح المواقع التاريخية للمواطنين لربطهم بتاريخ بلادهم والمواقع، التي شهدت إسهامات آبائهم وأجدادهم في تأسيس ووحدة الوطن. وأكدت أن المواطن يجب أن يعيش وطنه من خلال ارتباطه بتاريخ وتراث وطنه والتحرك تجاه العناية بالتراث، الذي أصبح المواطن يراه قضية هوية واعتزاز. وسعت الهيئة إلى تحفيز مشاركة المجتمع المحلي للمحافظة على التراث العمراني في القرى التراثية ومراكز المدن التاريخية، من خلال تقديم الدعم الفني والتمويل لترميم منازلهم وقراهم عبر برنامج «عمران» المشترك بين الهيئة ووزارة الشؤون البلدية والقروية والعمل ضمن «عمران» على رفع قدرات الأمانات والبلديات المحلية إداريا وتقنيا من أجل التعامل مع مواقع التراث العمراني. وقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بكلمته في «ملتقى تنمية المهارات القيادية للطلبة في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج» أن المواطنة مفهوم أهم وسابق للوطنية، وبدون تعزيز هذه الروح في نفوس الأفراد لن نصل إلى ارتباط المواطنين ببلادهم، والتعرف على مناطق المملكة وتاريخها قضية أعمق من مجرد السياحة أو الاقتصاد على الرغم من أهميتها الكبيرة، ولها أبعادها الوطنية والأمنية. لافتا إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- اهتم بالتاريخ ليس كمؤرخ، بل كمواطن ومهتم، وهو يرى أنه لا يمكن للمواطن أن ينتمي لوطنه دون أن يعرف تاريخه وقيمه وإسهامات مواطنيه وقصص الأماكن ويستمتع به، وقد أكد -يحفظه الله- في اجتماع مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز قبل حوالي شهرين أهمية ربط المواطنين، خاصة الشباب بتراثهم وتاريخهم، وأهمية تهيئة هذه المواقع للزيارة. تنظيم رحلات للطلاب للمواقع التاريخية