يشتكي كثير من أصحاب المنشآت وقادة الشركات الكبرى من ترك الموظفين السعوديين للعمل لديهم، وكثير من التوجهات التي طرأت على سوق العمل في المملكة كان لها تأثير على ارتفاع معدلات الدوران الوظيفي وخاصة للسعوديين، وهذه التوجهات لها جانبان «سلبي وإيجابي»، فالسلبية تكمن في كثرة التنقلات مما تسبب في خلل في بعض المنشآت، والإيجابية تكمن في توجه العديد من أصحاب المنشآت إلى تحسين بيئة العمل الداخلية بشكل سريع مما أدى ذلك إلى زيادة الثقة في العمل بالقطاع الخاص في المملكة. أسباب عديدة ومهمة لها تأثير على عدم استقرار موظفك السعودي، فمن الصعب استمرار موظف بدون أي تدريب أو تطوير أو حتى مهام ومسار وظيفي واضح، ومن الصعب أيضاً استقرار موظف بدون وجود أنظمة داخلية وسياسات تُحسن من بيئة العمل في منشأتك، بالإضافة لعدم مراجعتك سلم الأجور لجميع الوظائف وخاصة الوظائف الحساسة «الرئيسية» في منشأتك بشكل دوري، حيث إن أجور الوظائف في القطاع الخاص تحكمها سياسة العرض والطلب وتتأثر بمتغيرات عديدة في أي سوق عمل، والأهم من ذلك إذا لم توفر الثقة له والتي لها دور كبير في زيادة ولاء الموظف لمنشأته، ويجب عليك كصاحب عمل أن لا تربط الثقة بمجرد مكافآت مادية فقط، وكن على يقين بأن شعور الموظف كقيمة مضافة للمنشأة هو الفاصل في بناء كادر منتج وله ولاء كبير للمنشأة بغض النظر عن المغريات الأخرى التي تقدم له. ثقافة المنشأة نفسها هي الأساس في استقرار موظفيها، وهناك مقترحات عديدة ستساهم في استقرار موظفك السعودي، ومن أهمها تقدير وتحفيز الموظف وتحقيق العدالة بين الموظفين لخلق بيئة عمل تنافسية داخلية وخارجية، والعمل على توفير الخدمات الاجتماعية والصحية للموظف وعائلته ببرامج بسيطة قليلة التكلفة، إضافة للحرص على تدريب وتطوير الموظف لتنمية كفاءته مما سينعكس ذلك على إنتاجيته بشكل إيجابي، والحرص على وجود سياسات داخلية واضحة ومميزة، وأيضاً العمل على مراجعة سلم الأجور بشكل دوري، والتواصل الفعال بدون أي حواجز خصوصاً في إيصال المقترحات التي قد تساهم في نقلة نوعية في منشأتك، ويمكن اختصار ذلك بأن هناك عاملين مهمين يساهمان في استقرار موظفك وهما «نوعية الموظفين الذين يعمل معهم» و «شعور الموظف بأن ما يقوم به له معنى وهدف». إذا دربت موظفك السعودي وطورته ومن ثم قدم استقالته بسبب عرض وظيفي أفضل من وضعه الحالي ولم تتمكن من توفير نفس مميزات العرض المقدم له، فلا تتردد في الموافقة على استقالته لأنها تعتبر من إحدى المسؤوليات الاجتماعية التي تقوم فيها وذلك بسبب مساهمتك في تطوير الأيدي العاملة السعودية في سوق العمل. ختاماً: الأمر بيدك كصاحب عمل، فلا تنتظر التغيير من الخارج في تحسين سياساتك الداخلية أو تحسين بيئة العمل وتمييز منشأتك عن غيرها، فإن لم تكن مقتنعا بذلك فلا حجة لديك إذا ترك موظفوك منشأتك، فأنت من تحدد مسار منشأتك، فإما أن تكون منشأة منافسة وجاذبة للموظفين السعوديين، أو تكون منشأة طاردة ومجرد جسر للغير.