اتهم مستثمرون ومختصون في مجال قطع غيار السيارات، المتاجرين بقطع الغيار الرديئة والتجارية بالآفة التي أغرقت السوق وأهدرت المال العام، لافتين إلى أن تلك القطع المغشوشة ذات مخاطر على السلامة وقد تزهق الأرواح. وقالوا ل «اليوم» ضمن الملف الشهري السادس عشر «الغش التجاري.. الاقتصاد الأسود»، إن قطع الغيار الرديئة استشرت في الأسواق المحلية حتى أن المستهلك يجد كل الصعوبة في التفريق بين الصالح والطالح من السلع أو الإطارات أو خدمات الصيانة، وأصبح يتكبد عناء البحث عن الجودة بين حطام المنتجات المغشوشة أو ترويج محال الميكانيكا أو الصيانة مع القطع التجارية المتوافرة بكثرة في الأسواق. وأكدوا أن مجال قطع غيار السيارات لا يقل أهمية عن صناعة السيارات فهما قطاعان مكملان لبعضهما البعض، مشيرين إلى أن مبيعات السيارات وقطع غيارها تشكل رافدا مهما في اقتصاد المملكة خاصة بعد قرار السماح للشركات الأجنبية بالاستثمار المباشر في السوق السعودي، الذي سيمكن من إيجاد خدمة وجودة عالية للمستهلك وسيحارب جشع بعض الوكلاء. وأضافوا إن هذا القرار أيضًا سيضع حدا لانتشار القطع المقلدة والمغشوشة، الذي يعانيه قطاع السيارات وأحدث الخسائر الاقتصادية للوطن والمستهلك في الكثير من صور التستر والغش التجاري اللذين أصبحا يمثلان وجهين لعملة واحدة ويساهمان مجتمعين أو متفرقين في انتشار الغش وترويج البضائع المقلدة. إلى ذلك، أوضح سراج الحارثي عضو لجنة النقل في غرفة جدة، أن صناعة النقل البري الذي تشكل المركبات أو السيارات الجزء الأكبر منه لها دور كبير وتأثير واضح في تطور الشعوب في المجالات كافة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء كان ذلك في البلدان المتقدمة أو النامية، لافتا إلى أن تقدم الدول يقاس بتقدم وسائل ونظم النقل فيها. وأوضح أن الحكومة سخرت إمكانياتها في مكافحة الغش التجاري والصناعي وحققت من الإنجاز الكثير في هذا المجال والمكلفة من قبل وزارة التجارة والاستثمار بمراقبة الغش في المحال التجارية ووضع الغرامات والعقوبات اللازمة أو المتمثلة في الجمارك من منع دخول الكثير من القطع المقلدة إلا وفق معايير ومقاييس معينة، أو عن طريق الأمانة وبقية الوزارات الرقابية التي أسهمت في الحد من هذه الظاهرة، وهذا عزز النهوض الكبير في الخطط التنموية للنقل البري بشكل متسارع ومواكب للتطورات الاقتصادية التي تمر بها البلاد من دخولها دول العشرين ومع تطوير وتنمية القطاعات الاقتصادية في خطوات ثابتة لتحفيز التنوع الاقتصادي الذي كان له الاثر الكبير على قطاع السيارات ولوازمها وعلى مبيعاتها. وأشار الحارثي إلى أنه ما زال هناك الكثير من البضائع المقلدة في محال قطع الغيار والإطارات التي تتسبب في إزهاق الكثير من الارواح والهدر بالمال العام، وهناك جانب التوعية من وزارة التجارة أو الحملات التي يطلقها المركز السعودي لكفاءة الطاقة عن إطارات السيارات تحت مسمى «دربك خضر» تهدف إلى توعية قائدي المركبات بالمعلومات والمواصفات الصحيحة التي تسهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الوقود، وتحافظ على الارواح جراء الحوادث التي تسببها الإطارات الرديئة، مستدركا: لكن الكثير من المستهلكين يذهبون إلى شراء البضائع قليلة الجودة بحثاً عن التوفير المالي أو هربا من ارتفاع أسعار بعض الوكالات، ما قد يسبب الكثير من الحوادث أو الاعطال بالمركبات. وأبان أن مشكلة انتشار السلع المقلدة تأخذ بعدين إما رغبة الزبون في التوفير دون النظر إلى العواقب التي قد تكون وخيمة وهنا يأتي دور التوعية في الجهات الرسمية عن مدى خطورة تلك السلع، والبعد الثاني هو غش بعض التجار والصناعيين في قطع الغيار والإطارات وهنا تكمن الخطورة في أهمية محاربة البضائع المقلدة. وأضاف: يأتي دور الدولة في الضرب بيد من حديد على مقترفي الغش سواء من الوزارات مثل وزارة التجارة وهيئة المواصفات والجمارك والأمانات وهيئة التحقيق والادعاء العام في إصدار الأحكام والعقوبات اللازمة على التجار والصناعيين ضعفاء النفوس بما يتناسب مع الجريمة التي ارتكبها لتحجيم الغش التجاري في المملكة. ورش محلية فيما أكد محمد العطاس عضو لجنة قطع السيارات بغرفة جدة، أن قطع غيار السيارات لا تقل أهمية عن صناعة السيارات، مبيناً أنه بعد دخول المملكة منظمة التجارة العالمية بدأت مصلحة الجمارك في المملكة تركز على مصدر قطع الغيار من ناحية شهادة الجودة ومصدر القطع وبعد تطبيق هذا النظام هناك الكثير من مصنعي التقليد اختفوا من الأسواق، وهناك بعض ضعاف النفوس الذين مازالوا يمارسون تغليف قطع الغيار المقلدة في الاسواق وورش محلية وبيعها كقطع أصلية وتتم ملاحقتهم من وزارة التجارة والجهات الرقابية، والقبض عليهم وإغلاق الورش الخاصة وغير المرخص بها بتصنيع مثل هذه القطع، منوها بدور وزارة التجارة في توعية المستهلك وأيضاً في متابعة تخزين قطع غيار السيارات، وإجراء العقوبات والغرامات المالية على المخالفين. وأبدى تخوفه من خطورة تلك القطع في التسبب بالعديد من الحوادث والوفيات، مطالباً بإضافة إجراءات إلى تقرير الحوادث الصادر عن طريق نجم أو المرور وتوضيح أسباب الحادث من أخطاء تصنيعية أو قطع غيار مقلدة تتواجد في السيارة المصدومة لرصد إحصائيات لتحديد المشكلة ومعالجتها وايجاد الحلول المناسبة، مشيرا إلى ضرورة تكاتف الجهات المعنية في منع بيع قطع الغيار الرديئة وبالأخص القطع التي تمس الامن والسلامة للمركبات مثل الفرامل والإطارات والاجهزة الكهربائية. في السياق نفسه، قال جمعان الزهراني إخصائي عضو لجنة صيانة السيارات في غرفة جدة، إن مجال صيانة السيارات من أكثر القطاعات التي تجد العشوائيات وسيطرة العمالة الأجنبية عليها، الذين لا يملك بعضهم الخبرة الكافية في مزاولة المهنة، مشيراً إلى أن قطاع صيانة السيارات يعد من القطاعات الحيوية المهمة والتي قد يتجه إليها خريجو المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والتي تقوم بدورها في تدريب منسوبيها بحيث يتم تنفيذ برامج تدريبية متخصصة في تخصصات ذات علاقة بهذا المجال مثل الميكانيكا، وصيانة المحركات والمركبات، وذلك في الكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة. الحل في السعودة وتطرق إلى ضرورة الاستفادة من خريجي التدريب التقني الذين زاد عددهم هذا العام بنسبة 15 بالمائة عن العام السابق في آخر إحصائيات للمؤسسة، موضحاً أن قرابة 29 ألف شاب في مجال صيانة السيارات قد تخرجوا في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني حتى هذا العام، ذاكراً أن الاستفادة من تأهيلهم للعمل في السوق المحلي سيُقنن ويضع آليات لضبط عشوائيات هذا القطاع، كما سيقضي على المتسترين من المواطنين والعمالة التي تتستر في محال الورش الصناعية بنسبة 80 بالمائة. وتابع: من المعلوم أن التستر والغش أصبحا يمثلان وجهين لعملة واحدة يساهمان مجتمعين أو متفرقين في انتشار الفساد الأخلاقي والاداري والبطالة وأوجد شريحة من المواطنين ضعفاء النفوس الذين قد يبيعون وطنيتهم ومصلحة المستهلك مقابل كسب غير شريف وثمن بخس. وأوضح الزهراني أن هناك الكثير من الورش الصناعية التي تروج لتلك البضائع المقلدة، وهو ما يزيد الطين بلة في انتشار تلك البضائع، مبيناً أن على الأجهزة الرقابية الممثلة في مصلحة الجمارك ووزارة التجارة وتحديدا الادارات المعنية مواجهة عمليات الغش التجاري والتقليد، فالمستهلك بحاجة أكبر ليس إلى الحماية فقط، بل إلى العناية والتوعية والتثقيف بخطورة وحساسية تلك الأنشطة المخالفة للأنظمة سواء على مستوى الافراد أو على مستوى الوطن. ولفت إلى الأهمية القصوى في تطبيق القوانين والعقوبات الصارمة ضد كل من يرتكب جرائم الغش التجاري والتدليس في حق مجتمعه ووطنه من خلال زيادة التنسيق وتضافر الجهود والأعمال التكاملية بين جميع الجهات الرسمية والأهلية المعنية في إطار مواجهة تلك العمليات المشبوهة للغش التجاري والتقليد بكافة أنواعه في المملكة. فيما أكد محمد باقازي خبير في مجال الإطارات أن «كفاءة الطاقة» في إطارات السيارات عملت على الحد من الغش في بيع الإطارات المنتهية الصلاحية، وعمل برنامج كفاءة الطاقة على توعية قائدي المركبات بالمعلومات والمواصفات الصحيحة التي تساهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الوقود، إضافة إلى المحافظة على الارواح جراء الحوادث التي تسببها الإطارات الرديئة أو المنتهية الصلاحية. وبيَّن أن مجال الإطارات يختلف عن قطع غيار السيارات في مقدرة الشركات على تقليد البضائع لما تحتاجه الإطارات من مواد معقدة بأسعار مرتفعة، وأيضا دور الرقابة من الجمارك في المقاييس والجودة جميعها أسهمت في تقنين دخول الإطارات الرديئة أو التي لا تخضع لشروط المقاييس السعودية، كون الإطارات المطاطية والأعطال التي قد تسببها الإطارات قد تفقد السيارة توازنها وتزيد من احتمالية وقوع الحوادث، إضافة إلى اهميتها في تقليل استهلاك الوقود، موضحاً أن من أكثر الغش الذي قد يصيب قطاع الإطارات هو بيع الإطارات منتهية الصلاحية من قبل محال الإطارات في محطات الطرق السريعة بين المدن والتي يضطر فيها المسافر للشراء على عجالة دون الاهتمام بتاريخ انتهاء الاطار. وأشار باقازي إلى أن السوق السعودي يتميز بالكثير من المرونة ووجود اطارات المركبات بأسعار تنافسية حد من ظاهرة الغش في هذا القطاع، حيث تتوافر الإطارات اليابانية والاوروبية والكورية والاندونيسية والتايلندية والصينية، ويختلف مدى مبيعاتها بمدى ثقة الزبائن في شركاتها، فالإطارات الصينية دخلت في السوق السعودي وأصبحت تنافس الإطارات الاوروبية واليابانية، مبيناً أن مواصفات الإطارات متفاوتة وهناك فروقات فيها وتكمن أهمية الأرقام والحروف المحفورة على جنبات كل إطار كونها تحدد جودة الاطار، وتدل على عرض الإطار ونوع «الجنط» ومقدار الحمولة وأيضاً مكان وتاريخ التصنيع الموضحة على كل إطار، كما أن معرفة الرموز تجنب المستهلك التحايل من بعض البائعين بين الإطارات الأصلية والتقليد، من خلال اطلاعه على معلومات الإطار الموجودة على جانب كل إطار التي تعتبر دقيقة وقد تحدد بأي أسبوع من السنة تم تصنيع الاطار. وشدَّد على ضرورة كتابة المعلومات الأساسية الكاملة للإطار في الفاتورة الشرائية، حتى يثبت العميل التحايل إن وجد، وهناك رقابة مشددة من الجهات الرسمية على محال الإطارات في عدم بيع الإطارات بعد سنتين من انتاجها وقد تتجه بعض شركات الإطارات أو المحال إلى تصريف المخزون المتبقي لديها من جميع الإطارات بعمل عروض وتخفيضات عليها، فلا بد من التأكد من تاريخ الإطارات للطقم كاملا في حال تركيبه. كمية من قطع غيار سيارات المستخدمة ويعاد بيعها حملة تفتيشية تضبط مستودعا لقطع غيار السيارات المغشوشة