لدى العلم وسيلة لجعل الناس يشعرون بعدم الارتياح. أحيانا، يكون السبب هو أن العلم يبدو وكأنه يغلب عليه إنتاج عوامل الضرر؛ مثل أبحاث الأسلحة النووية. لكن في بعض الأحيان، لأسباب ليست واضحة تماما، نشعر بأن العلم هو شيء موحِش. هذا ما حدث قبل نحو 20 عاما عندما استنسخ العلماء نعجة اسمها دوللي، ومرة أخرى في الأسبوع الماضي عندما تم الكشف عن أن مجموعة من علماء الأحياء عقدوا اجتماعا مغلقا في جامعة هارفارد لإجراء محادثات حول استخدام المواد الكيميائية المخبرية لإنشاء مجموعة كاملة من الحمض النووي البشري - أي إنتاج جينات بشرية. كلتا الفكرتين أثارتا الفزع بين الناس لأنهما وضعتا موضع التساؤل حدود التصور بين الكائنات الحية وغير الحية، وبين الشيء الطبيعي والشيء الاصطناعي. شكك النقاد فيما ينبغي القيام به إذا كانت لدينا مجموعة من الحمض النووي البشري الاصطناعي، وحتى تناقشوا في فكرة أن شخصا ما ربما يحاول إعادة إنشاء أينشتاين. وظهرت مخاوف مماثلة بعد دوللي. القضايا الأخلاقية المحيطة بالحمض النووي البشري الاصطناعي هي مماثلة لتلك التي أثيرت بشأن الاستنساخ. لم تأت النعجة المستنسخة من أجزاء اصطناعية ولكنها انتهكت ما كان قد تم تعليمه للعديد من الناس عن حقائق الحياة، على اعتبار أنها جاءت من خلية في ضرع الحيوان بدلا من اتحاد بويضة مع حيوان منوي. كانت جلسات الاستماع قد عقدت في الكونجرس، وتمت مناقشة قوانين جديدة لكبح جماح العالم الجديد الجريء. وكان خبير علم الأخلاقيات الطبية الشهير آرت كابلان، الذي كان في ذلك الحين أستاذًا في جامعة ولاية بنسلفانيا، على حق حين قال إنه يجب ألا ترتكز المخاوف على الاستنساخ بحد ذاته ولكن على سلامة الحيوانات المستنسخة. هل يقدم الاستنساخ مشاكل صحية غير مقصودة؟ هل سيكون الناس المستنسخون عرضة للأذى؟ ما أنواع التوقعات في أن تضع الأم الأصلية حملها على أكتاف الطفل المستنسخ منها؟ أو المستنسخ من أينشتاين؟ في نهاية المطاف، لم يتم إنتاج أي إنسان مستنسخ، ولكن قام العلماء باستخدام الاستنساخ على أطباق من الخلايا البشرية من أجل البحوث الطبية. الاعتراضات على ذلك كانت دينية في المقام الأول. الأبحاث الطبية أثارت استياء الناس الذين يؤمنون بأن البويضة المخصبة تعادل إنسانا، وأن الخلايا القادرة على أن تصبح إنسانا جديدا لا يجوز المساس بها أو لها حقوق. انتهك الاستنساخ المشاعر الروحية والفطرية لدى بعض الناس عن الحياة، من خلال إظهار أن كل أنواع الخلايا العادية يمكن أن يتم حثها لبدء كائن جديد. هذا النوع من البيولوجيا التركيبية الذي نسمعه في الأخبار الآن يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يبين أن كل شيء حي يمكن أن يتم إنتاجه من أجزاء من كائنات ميتة وبعض المواد الكيميائية في المختبرات. وهذا يجري تطبيقه الآن على البكتيريا. في عام 2010، أعلن عالم الأحياء كريج فنتر وزملاؤه أنهم استنسخوا نسخة تركيبية من الحمض النووي لبكتيريا تدعى م. الفطرانية. أدرجوها في بكتيريا ميتة من نوع آخر، وأفرغوا الحمض النووي الطبيعي لديها. الحمض النووي الاصطناعي على حد تعبير فنتر «أعيد تشغيله»، والبكتيريا عادت إلى الحياة. في وقت سابق من هذا العام، استنسخ فريق فنتر جرثومة جديدة من خلال استبعاد أنواع من الجينات، حيث انتهى الأمر بإنتاج شكل من أشكال الحياة التي تتطلب جينات أقل من أي شيء معروف في الطبيعة. وقال روب كارلسون، عالم أحياء متخصص في الحمض النووي الاصطناعي ومدير عام شركة بيوإكونومي كابيتال ومقرها سياتل، إن مصدر الجاذبية في هذا الأمر هو أنه من خلال محاولة التجريب مع الحياة في الأمور التي لا نعرفها، سوف نفهم بشكل أفضل كيف يعمل ذلك. الشيء نفسه ينطبق على الحمض النووي البشري - هناك الكثير الذي لا نعرفه عنه والذي يمكن استخلاصه من خلق البعض منه في المختبر. وقال إنه ليس هناك سبب لخوف الناس، أو لشعورهم بالغضب أو عدم الارتياح. وقال إن مخاوف الجمهور من الحياة الاصطناعية تدين بشيء لرواية ماري شيلي في 1818 «فرانكشتاين». حيث إنه في الآونة الأخيرة أعاد قراءة الكتاب، واكتشف أن الرعب يكمن في الأمور التي تم التزام الصمت بشأنها. وقال الدكتور كارلسون، هناك جملة عن الدكتور فرانكشتاين في العمل، ثم فراغ، ثم ظهور الوحش إلى الحياة. «كل مخاوفنا حول العلم وفرانكشتاين تعود إلى ذلك الفراغ بين هاتين الجملتين». عندما كُتِبت رواية «فرانكشتاين»، كان العلماء يتقبلون نظرية تسمى القوة الحيوية، التي تفترض أن الكائنات الحية والمواد الكيميائية التي تتكون منها هي مفعمة بقوة الحياة. ماتت الفكرة كنظرية علمية في عام 1828، عندما أنتج الكيميائي فريدريك فوهلر بطريق الخطأ اليوريا - أحد مكونات البول في الثدييات - عن طريق خلط كلوريد الأمونيوم مع سيانات الفضة. وكتب بحماس لمعلميه أنها كانت المرة الأولى التي صنع فيها شخص ما هذا المركب دون استخدام الكلى. كان لدى الكيميائيين الآخرين شكوك ولكنهم في نهاية المطاف وافقوا على فكرة أن الجزيئات هي جزيئات فقط، حتى الجزيئات التي تشكل أجسامنا. ومع ذلك، القوة الحيوية لا تزال موجودة في نظرة الناس البديهية إلى العالم. يبدو أن هناك شيئا خاصا حول الحياة. هؤلاء العلماء الذين ينتهكون الحدود بين الكيمياء والحياة كثيرا ما يُتَّهَمون باتخاذ قرارات تؤثر على حياة الناس. لذلك من المنطقي بالتأكيد أن يقوم العلماء والباحثون بالتحقق من الاعتبارات الأخلاقية في وقت مبكر. قبل بضع سنوات، اصطنع العلماء فيروس شلل الأطفال، لاستخدامه في اختبار اللقاحات. المشروع أثار تساؤلات حول ما إذا كانت المخاطر تستحق الفوائد المحتملة. هذه أمور لا يجوز التهاون فيها. ويجب علينا جميعا أن نناقش الموضوع.