يقولون كل ممنوع مرغوب، ويذكر الميداني في الأمثال العربية: «أن كل مبذول مملول يملّه الناس أي كل ما مُنعه الإنسان كان أحرص عليه»، ويقصد أن كل ما منع عن الإنسان كان أكثر حرصاً عليه، وتقول العرب أيضاً كل ممنوع متبوع. يقول مجنون ليلى قيس بن الملوح عندما منعت ليلى من لقائه: وزادني كلَفاً بالحب أن مُنعت وأحب الأشياء إلى الإنسان ما مُنعا وكل ممنوع مرغوب، يتمثل في كل شيء طاله المنع، وحرص الناس على فعله، أو الإطلاع عليه، أو الحصول عليه، فأول ما يتبادر إلى أذهانهم، أن قيمة الممنوع غالية، او أنه ما منع إلا لكونه جيداً، أو نادراً..، كما أن الإنسان عدو ما يجهل، فلعل في المنع خطراً. والتطفل سمة المتطفلين، فلا بد أن يسعوا لمعرفة ما سر المنع. والنفس بطبعها تتوق إلى معرفة الممنوع أكثر من المعلن، كما تسعى لكشف ما خلف الستار، ومعرفة ماهيته، وكنهه، لذا فإن أسرار الناس هي أكثر ما يبحث عنه الناس، والأكثر قالاً وقيلاً، لذا تكثر في الغرب «الصحف الصفراء» لأنها تهتم بحياة الناس غير الراغبين في إطلاع الجمهور على تفاصيل حياتهم الخاصة، خاصة من المشهورين وتفضحهم تلك الصحف، دون احترام لخصوصياتهم. ولا يقتصر البحث عن الممنوع على الأسرار الخاصة، وإنما يكون أيضاً في الأمور الممنوعة تنظيمياً، وإدارياً، واجتماعياً، فلو قيل انه ممنوع الدخول إلى هذا الشارع،، فأنظر إلى كم المعاكسين لهذا المنع، وكم من المتطفلين الباحثين عن سبب منع الدخول، ولو قيل هذه القناة الفضائية ممنوعة، لكثر مشاهدوها، وقس على ذلك في الكتب الممنوعة، والصحف، والملابس والمقتنيات، وغير ذلك كثير، فيحرص الناس على البحث عنها، مهما كلفهم ذلك، وبحصولهم على الممنوع كأنهم قد حققوا نصراً عظيماً، أو كنزاً ثميناً، كما يكون الممنوع مرغوباً إذا منع الأب عن أطفاله أو أبنائه شيئاً ما، تجدهم أحرص على اقتنائه، أو الإطلاع عليه عند الغير، وهذا من الأمور التي ينبغي الانتباه لها في تربية الأبناء. وكما عرفنا في بداية المقالة أن «الممنوع مرغوب» ليس في زماننا فقط بل في أزمنة سبقتنا، فإن هذا يدل على وجوده الطبيعي في حياة الأفراد النفسية عبر التاريخ، وهذا ما أكدته دراسة كندية أجريت في جامعة كولومبيا البريطانية حسب موقع العربية نت : «ان اهتمام الأشخاص بالأشياء يزداد عند منعها عنهم، وحرمانهم منها، وذلك بسبب تغير في اهتمام الدماغ بهذه الأشياء ونظرته لها..». فكل ممنوع مرغوب ومتبوع!