حث مختصون في قطاع المقاولات، الجهات المعنية على مكافحة الغش التجاري في مواد البناء، بالرقابة الجمركية الشديدة وضبط الأسواق تفاديًا لمخاطر السلامة وحماية للمستهلك، داعين في الوقت نفسه، إلى فرض عقوبات شديدة لمخالفي النظام والغشاشين والمتحايلين. وقال ل «اليوم» أعضاء لجنة المقاولين في غرفة الأحساء، ضمن الملف الشهري السادس عشر: إن توافر مواد بناء رخيصة ورديئة ومنخفضة الجودة في الأسواق المحلية يزيد من دور الجهات الرقابية والمعنية بمتابعة جودة ومواصفات هذه السلع، مشددين على أنه لابد من العمل على إيقاف تسويق هذه المواد ومنع دخولها المملكة بشتى الطرق والوسائل لما تخلّفه من كوارث في البناء تتمثل في تهديد سلامة العقار. وأشاروا إلى أن من أهم الحلول لمواجهة الغش التجاري في مواد البناء تكثيف الحملات التفتيشية المستمرة من الجهات ذات الاختصاص وتعاونها وأن يتم التأكيد أن السوق لا يُباع فيه إلا المواد الجيدة ذات المواصفات المطابقة. إلى ذلك، قال يوسف علي الطريفي «نائب رئيس غرفة الأحساء ورئيس لجنة المقاولين بالغرفة وعضو اللجنة الوطنية للمقاولين»: إن انتشار حالات الغش التجاري في مواد البناء على الرغم من كونها لم تكن وليدة اليوم، إلا أنها باتت نمطا مستشريا وظاهرة عالمية فرضت على الناس التعايش معها، وسط محاولات حثيثة وجهود مبعثرة للحد منها على كافة المستويات، وهو ما يتوجب مكافحتها والتصدي لها، ليس من خلال الأجهزة الحكومية فحسب بل كل جهات وأجهزة الدولة وكافة فئات وشرائح المجتمع. وأضاف: للأسف الشديد تمددت ظاهرة انتشار مواد البناء الرديئة والمغشوشة أو المقلدة في أسواق المملكة، حتى أصبحت أمرا مقلقا يتطلب مراجعة وتدقيقا كثيرا من الأنظمة واللوائح الخاصة بالاستيراد والجمارك والمواصفات والمقاييس ومكافحة الغش التجاري ومراجعة سلسلة الإجراءات الخاصة بالإنتاج الوطني المحلي وتفعيل أداء الجهات الرقابية لاحتواء الغش التجاري في سوق قطاع المقاولات ومواد البناء وذلك حفاظاً على البنية التحتية للدولة. وأكد الطريفي أن قطاع المقاولات يعاني وجود بعض مدعي المعرفة بالبناء الذين يمارسون النشاط وهم يفتقرون للمعرفة والعلم ويقومون بجلب عمالة غير مؤهلة ولا تحمل رخصة مزاولة مهنة وإعطائها العمل مباشرة في البناء والكهرباء والسباكة والمساحة وغيرها من مهن البناء، دون الرجوع لمكاتب هندسية متخصصة، مشيرا إلى أن ذلك يتسبب في تنامي التلاعب والغش والعيوب الهندسية في المباني ونوعيات المواد المستخدمة في الإنشاء وأعمال التشطيبات المختلفة. وأضاف: لعل من مظاهر الغش في عملية البناء نفسها عدم اتباع القواعد الهندسية الصحيحة للبناء وكذلك الغش في مواد البناء وجودتها وكميتها، وعدم الالتزام ببنود وشروط الاتفاق، مثل: نوع وكمية وجودة الخلطات الخرسانية وسمك الأرضيات والأسقف وكمية ونوعية حديد التسليح، وأعمال السباكة والكهرباء وموادها ومخالفة مواصفات التشطيبات النهائية باستخدام مواد رديئة أو مغشوشة أو منخفضة الجودة. وقال الطريفي: الواقع أن توافر مواد بناء رخيصة ورديئة ومنخفضة الجودة في الأسواق المحلية يزيد من دور الجهات الرقابية والمعنية بمتابعة جودة ومواصفات هذه السلع وبالتالي لابد من العمل على إيقاف تسويق هذه المواد ومنع دخولها المملكة بشتى الطرق والوسائل لما ينتج عنها من كوارث في البناء تتمثل في تهديد سلامة العقار وقاطنيه، وتقليل العمر الافتراضي للمباني، واستنزاف الطاقة الكهربائية بشكلٍ كبير وهدر أموال طائلة للصيانة والترميم، إضافة إلى إخفاء الغش والعيوب الهندسية بالتشطيبات النهائية للمبنى. وعزا الطريفي كل هذا إلى عدم تطبيق كود البناء السعودي مما دفع كثيرا من المستثمرين والمقاولين إلى التلاعب بجودة المباني من أجل تحقيق الأرباح. وأردف: من خلال هذا المنبر ندعو إلى تضافر جهود الجهات المعنية للنظر في استحداث نظام جديد للبناء لمنع الغش والتدليس في هذا القطاع الذي يضم عشرات المهن، وكذلك وضع أسس لممارسي نشاط قطاع المقاولات، أو إنشاء هيئة عليا للمقاولين، بحيث لا يسمح لأي شخص أو مؤسسة بممارسة هذا النشاط إلا بترخيص من جهة مسؤولة بضمان جودة العمل الذي تقوم به والتزامها بالمعايير والمواصفات المعتمدة بالمملكة، مع ضرورة أن تلزم شركات المقاولات بتقديم ضمان على المبنى لمدة لا تقل عن 10 سنوات وليس عامين كما يحدث حاليا وتكون خلاله مسؤولة عن إصلاح ومعالجة أية مشاكل تظهر فيه وإن كانت هذه المشاكل رئيسية ولا يمكن معالجتها بشكل جذري فتلزم بتعويض المستهلك المتضرر وهنا نتكلم عن ضرورة وجود نصوص تشريعية وجهات إشرافية وتنفيذية معنية بهذا القطاع. من جهته، قال موسى بن عبد العزيز الشمري «نائب رئيس لجنة المقاولين بغرفة الأحساء»: نتطلع لتفعيل نظام كود البناء وتأهيل وتدريب جميع الأطراف العاملة قبل تطبيقه من أجل الجودة والاستفادة من نظام إدارة المشاريع في أرامكو السعودية وبرامجه المطبقة في اختيار مواد البناء لمشاريع الشركة لتطبيقه على المشاريع الحكومية والأهلية حيث إن جميع المواد المستخدمة في النظام ذات جودة عالية ومواصفات عالمية، والعمل على تضييق دخول المواد غير الجيدة للبلاد من الخارج من خلال مصلحة الجمارك والتضييق أيضا على المواد الرديئة من الداخل من خلال وزارة التجارة والمواد المغشوشة التي لم ترصدها عين الجمارك أو التجارة برفع مستوى الثقافة لدى المستخدم بمخاطر هذه المواد على البلاد والعباد. من جانبه، قال المهندس حمد محمد العفالق «عضو لجنة المقاولين وصاحب مكتب استشاري»: إن وزارة التجارة هى التى تستطيع القضاء على المواد المقلدة والسيئة الصنع، وفيما يخص مصانع الخرسانة والطابوق فيستطيع المواطن أن يطلب إجراء اختبارات فى المعامل التى لديهم حيث يوجد فى كل مصنع مختبر للجودة يمكن للمواطن أن يطلبها ولكن ثقافة المواطن محدودة فى ذلك. أما الشركات والمشاريع الحكومية فتطلب عمل التحاليل للمواد المستعملة للأسمنت والماء والرمل والحديد للتأكد من متانته والمكاتب لديها الإمكانية لمتابعة ذلك ولكن المالك لا يتمكن من دفع تكاليف ذلك، حيث يختصر على الإشراف على العظم المكون من خرسانة مسلحة وطابوق فقط ويكون دور المكتب التأكد من تنفيذ أعمال النجارة والحدادة وأعمال المبانى طبقا للمخطط المعمول به والمواصفات الفنية الخاصة بأعمال البناء دون فحص المواد للسبب المذكور آنفا. وقال العفالق: المواطن العادي لا يبني إلا مرة واحدة في العمر، وليس مؤهَّلًا لأن يعرف الجودة من عدمها مؤكدا أنه لابد أن تكون له مرجعية إما أن تكون ضمان المواد من التاجر أو ان تكون مراقبة من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والكود السعودي والجمارك. في السياق نفسه، اعتبر سعود فضل الفضل «عضو الغرفة التجارية وعضو لجنة المقاولين بغرفة الاحساء»، المستهلك هو نقطة التحوُّل في القضاء على مشكلة الغش التجاري في مواد البناء وذلك من خلال الحملات التوعوية والتثقيفية أثناء البناء ويعود ذلك إلى قلة خبرة المستهلك فهو يحاول القيام بدور المهندس المعماري ويلتقط العمالة السائبة الرخيصة ولا يقوم بأي استشارات من المهندسين عن الخرسانة وغيرها والتهاون في عملية الشراء لمواد البناء من مواقع عشوائية وغير معروفة، مطالبًا بأهمية أن يكون الشراء من أماكن سعودية معتمدة ومن هنا نطالب بأهمية فرض الرقابة الشديدة من قبل الجهات ذات الاختصاص وهي المواصفات والمقاييس ومن وزارة التجارة حتى لا يكون المتضرر هو المستهلك وأن تكون هناك رقابة وعقوبات شديدة لمن يخالف النظام في ذلك. وقال عبد اللطيف عبد الرزاق البشير «عضو لجنة المقاولين بغرفة الأحساء»: تعد الخرسانة من أهم المشكلات وأكبرها في عملية الغش التجاري في مواد البناء وأيضا لها مشكلات كبيرة وهو ما يتطلب أثناء عملية البناء إعطاء أهمية كبيرة وعودة في الاستشارة إلى المكاتب المختصة بالإشراف الهندسي فهم أكثر خبرة، الأمر الذي يتطلب أيضا تكاتف هذه المكاتب ومراعاة المواطن بتقليل التكاليف وتأدية دورها الاستشاري لمواجهة مثل هذه الأمور. فيما أكد عضو لجنة المقاولين بغرفة الأحساء سعد أحمد العبد القادر: الأمر يتطلب تضافر جميع الجهات المختصة ولو نظرنا إلى ما نعيشه من واقع في وقتنا الحالي لوجدنا أنه ومع الأسف العمالة ممن يدعون إجادة العمل في السباكة مثلا أو الكهرباء لا يجيدونها، ومن هنا نطالب بأن تكون هناك لجنة مختصة بهذا الجانب تقوم بعملية الاختبارات لهذه العمالة وعلى ضوئها يتم تحديد إن كان يستحق العامل رخصة العمل أم لا وهي تسمى الرخصة المهنية وكانت موجودة في السابق، لافتا إلى أن هذه الخطوة ستحقق كثيرًا من الأمور وسيكون لها الأثر الكبير في سلامة المباني من الغش التجاري خصوصًا من غش الأيادي العاملة. وقال عضو لجنة المقاولين بغرفة الأحساء عثمان عبدالله القناع: إن أكثر المستهلكين المتضررين هم من المواطنين وبالنظر إلى ما يتم في بعض المحلات لمواد البناء تجد عملية جلب ماكينة تقدر بمبلغ 22 ألف ريال تقوم بعملية التصنيع وتبيع في السوق دون وجود أي رقيب أو حسيب وبعد ذلك هذه المواد المباعة تتعرض للكسر والتلف والمتضرر هو المواطن المستهلك الذي لا يعلم عن هذا الغش وما يحدث من خسائر لأناس من ذوي الدخل المحدود هو اكبر دليل على ذلك بسبب افتقاد الرقابة، فالمواطن ليس لديه اطلاع كامل في هذه الأمور، لذا يجب العمل على تكثيف التثقيف وهنا يأتي الدور على وزارة التجارة خاصة أن هناك محلات معروفة توجد فيها مواد مصنعة محليا غير مرخص لها. وقال عضو لجنة المقاولين بغرفة الاحساء نايف عبدالعزيز النعيم: لابد من العمل الجاد والتحرك السريع في اهمية توعية المواطن والمستهلك بأهمية الاستشارات والاختيار الصحيح. بدوره، قال عضو لجنة المقاولين بغرفة الأحساء عبدالله غانم الدوسري: حينما نتحدث عن الغش التجاري في مواد البناء فنحن نعي جيدًا ما هي النتائج التي يمكن أن تحدث من ذلك الغش، ولو نظرنا للمبنى لوجدنا أن البناية والعظم ليس فيها مشكلات كثيرة، إنما المشكلة الأكبر تكون في عملية التشطيبات الكهربائية والصحية لما لها من نتائج يكون خطرها على المستهلك والأرواح، وهنا يأتي دور المواصفات والمقاييس وإدارة الجمارك من المواد المستوردة من الخارج، أما بالنسبة للمواد الداخلية فوزارة التجارة وحماية المستهلك يتطلب منها العمل، والأهم من ذلك أن الجودة والنوعية والحرص على وجود الإشراف الهندسي المتمكن مطلب مهم، وأيضا أهمية وعي المستهلك والعمل على تثقيفه ونعود إلى الجودة والآثار السلبية للأيدي العاملة السائبة ومواد البناء وما يحدث من سوء في التنفيذ وعدم المصداقية في التنفيذ من أداء عمالة غير متخصصة فهي تعتبر غشا تجاريا يخص هذا الجانب ومن ذلك التستر عليهم. وقال عضو لجنة المقاولين بغرفة الأحساء محمد علي العلي: يعد الغش التجاري في مواد البناء المشكلة الأكبر للمواطنين، ولابد للجهات الحكومية أن تقوم بمهامها المخصصة بها وأيضا كل جهة تقوم بعملها، من ذلك شركة الكهرباء السعودية بعدم إيصال التيار الكهربائي للمبنى إلا بعد التأكد من جودة ما يخصها من كيابل وأسلاك وتوصيلات وأيضا المقاول المنفذ يقوم بتقديم ما لديه من أوراق وشهادات ثبوتية على إنجاز ما قام به وأخذ عينات تطابق ما تم ذكره ومن ثم يتم إيصال التيار الكهربائي في حال التأكد وهكذا تكون بقية الأمور داخل البناية كل حسب اختصاصه، وبمعنى توزيع المهام على الجهات ذات الاختصاص حتى نضمن عدم الوقوع في الغش التجاري لمواد البناء ويمكن السماح بالسكن في حال اجتياز كل هذه الشروط. وقال عضو لجنة المقاولين بغرفة الأحساء عبدالعزيز جواد الخرس: إن من أهم الحلول لمواجهة الغش التجاري في مواد البناء تكثيف الحملات التفتيشية المستمرة من الجهات ذات الاختصاص وتعاونها خصوصا من وزارة التجارة والصناعة وأن يتم التأكيد أن السوق لاتباع فيه إلا المواد الجيدة ذات المواصفات المطابقة. ودعت لجنة المقاولين بغرفة الأحساء برئاسة يوسف الطريفي الجهات المعنية إلى النظر في البدء فورا بالتطبيق الفعلي والإلزامي لكود البناء السعودي الذي أُقر منذ سنوات لما فيه من مصلحة للمواطن والبلاد ومستقبل اقتصاد المملكة لأنه يضع الضوابط الفنية التي تحكم مواصفات واشتراطات البناء، حتى يلتزم بها جميع المكاتب الهندسية والمقاولين، ولأنه سيساعد في سلامة المنشآت والحفاظ على الأرواح والممتلكات وتوفير وحدات سكنية بمواصفات فنية سليمة وآمنة وسيساعد في ترشيد استهلاك الطاقة والكهرباء وبضرورة الإسراع في اعتماد وتطبيق العقد العالمي «فيديك»، ليكون الأساس في جميع التعاقدات لمشاريع المقاولات والبناء الحكومية، لدورها المشهود في تحديد المسؤوليات والالتزامات وحفظ الحقوق وإنهاء الكثير من الخلافات العالقة، إضافة إلى القضاء على مشكلة تعثر المشاريع وخفض كلفتها، ولكون العقد الحكومي المطبق حالياً يجعل كل المخاطر المحتملة على عاتق المقاولين وحدهم، وهو ما يجعل البعض منهم يفشلون ويتعثرون في تنفيذ المشاريع، وهو الأمر الذي حدا بالكثير من المقاولين إلى مضاعفة أسعارهم عند الدخول في مناقصات حكومية، مما بات مكلفاً لميزانية الدولة. وقال الدكتور بندر عبد الرحمن النعيم «مختص في الاستشارات الهندسية»: إن الغش التجاري في مواد البناء هو كل فعل عمدي ينال سلعة ما بتغيير خواصها أو ذاتيتها أو صفاتها الجوهرية وبشكل عام العناصر الداخلة في تركيبها، بحيث ينخدع المستهلك والمتعاقد على شراء السلعة، وهو التزييف والتدليس والتقليد لسلعة معينة معدة للبيع، وهو تغيير وتعديل وتشويه يحدث على تلك السلعة وجوهرها وتكوينها الطبيعي، ويكون الهدف من وراء ذلك هو النيل من خواصها الأساسية مع العمل على إخفاء أي عيوب تظهر في السلعة المزيفة أو المقلدة مع الحرص على إعطائها الشكل والمظهر لسلعة أخرى أصلية ولكنها تختلف عنها في الحقيقة وذلك من أجل الاستفادة من الخواص المسلوبة والانتفاع بالفوائد المستخلصة والحصول على فارق السعر من أجل الكسب السهل والسريع، أو هو الاحتيال المتعمد لتسويق السلع عن طريق المخادعة. وقال الدكتور النعيم: الغش هو نوع من أنواع المنافسة غير المشروعة في التعامل في السوق سواء كان تجاريا أو صناعيا يتضمن نوعا من المنافسة مع الآخرين بغية تحقيق الربح أو تجنب الخسارة وهناك أساليب وأنواع للغش التجاري في مواد البناء عن طريق الخلط أو الإضافة، والغش عن طريق نزع العناصر في آن واحد كما في حالة تلوين البضاعة بمادة ملونة بعد نزع بعض عناصرها الأصلية حتى تظهر بالمظهر الأصلي للبضاعة والغش عن طريق الصناعة وتعني هذه الوسيلة صناعة بضاعة دون أن يدخل في تركيبها إحدى المواد التي يتعين دخولها كما في صناعة المشروبات التي تصنع من مواد صناعية على أنها مشروبات طبيعية. وأشار إلى أن أهم أسباب الغش التجاري هي عدم أو ضعف وجود المنافسة التجارية وضعف الثقافة الاستهلاكية والاستثمارية وضعف الجانب الإعلامي وتدني المستوى الخلقي لبعض الباعة وضعف أو عدم وجود جهات مشرفة على وضع وتطبيق المواصفات. وقال الدكتور النعيم: إن كود البناء السعودي ينظم في كل فصوله الضوابط والاشتراطات الخاصة بكل نوع من الاستخدام، فمثلا الضوابط والاشتراطات الخاصة بالأسمنت وحديد التسليح نجدها تحت جزء الاشتراطات الإنشائية، الباب الثاني «التفتيش والاختبار الإنشائي» وبذلك يكون أي خرق لهذه الضوابط تحت الكود السعودي يدخل تحت باب الغش التجاري في مواد أو طريقة الإنشاء. وهذا ما يسمي المواصفات القياسية، فالمواصفات القياسية تحدد المتطلبات التي يجب أن تتوافر في مواد البناء والتشييد لكي تفي بأغراض استخدامها، لذا فقد كان للهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس دور كبير في التمهيد لصدور كود البناء السعودي حينما عكفت الهيئة منذ إنشائها على الاهتمام بإصدار مجموعة متنوعة من أسس التصميم والتنفيذ ذات الطبيعة العاجلة، لكنها كانت تضع في حسبانها ضرورة إصدار كود بناء موحد ينظر إلى جميع الموضوعات نظرة شاملة ويعالجها بأسلوب منسق، ولقد تكاتفت معها جهات مسؤولة وفي مقدمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية، وتوجت هذه الجهود بصدور المرسوم الملكي رقم 7 - ب - 3230 وتاريخ 9 - 3 - 1421ه تلاه قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 174 وتاريخ 15 - 6 - 1422ه باعتماد الخطة العامة للجنة الوطنية لكود البناء السعودي لإعداد كود بناء موحد في المملكة العربية السعودية، وبناء عليه فقد شرعت اللجنة الوطنية بتنفيذ الخطة العامة وإعداد مشروع كود البناء السعودي في صيغته النهائية. وتابع: تكمن أهمية الكود في أنه يشكل مرجعية قانونية لتنظيم المسؤوليات بين الجهات ذات العلاقة في عملية البناء، فهو يحدد مسؤولية ودور كل من المالك والمصمم والمشرف والمنفذ، أما المواصفات فهي تختص بمواد البناء والتشييد، وهي تعالج المواد وتحدد شروط القبول والرفض لكل المواد الإنشائية، وتحدد كذلك أسلوب الفحص والاختبار بما يتوافق مع المواصفات القياسية العالمية، وهناك المواصفات الفنية العامة للمبنى وهي تعالج كل ما يتعلق بالمنشأة أثناء مرحلة التنفيذ مثل خصائص المواد الإنشائية المستخدمة وطرق تنفيذها وفحصها وشروط أمان واستقرار المنشأة. وقال الدكتور النعيم: التعرف على مواد البناء المغشوشة يكون عن طريق الاختبارات وشهادات الضمان وهذا كله تنظمه الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، حيث تكون هذه الاختبارات والمواصفات ملزمة لجميع المواد المتداخلة في عملية البناء، كل مهنة تحت الباب المخصص لها، ويمكن التفريق بينها من خلال شارة المطابقة: وهي شارة يتم وضعها على السلع والمنتجات تؤكد ضمان الصانع لتحقيق المواصفة الخاصة بالسلع، علامة الجودة: وهي علامة توضع على السلع/ المنتجات لضمان تحقيق المنتج للمواصفة واتباع الصانع لنظم إدارة الجودة في إنتاج تلك السلع/ المنتجات، وقد اعتمدت الهيئة علامة الجودة السعودية بوضع شعار العلامة، حيث تم منحها لأكثر من (261) مصنعا داخل وخارج المملكة، قراءة البيانات الإيضاحية على السلعة، مع نصحنا بالتركيز على بلد المنشأ، شراء السلع من المحلات المتخصصة في مجال السلعة - المنتج، وتجنب المحلات التي عرف عنها بيع المنتجات الرخيصة أو الرديئة، وتجنب شراء المنتجات/ السلع مجهولة المصدر. وأردف: من هنا تكمن أهمية دور صاحب البناء في الاشتراط في التعاقد بينه وبين المقاول على استخدام مواد البناء ذات الجودة العالية والمعتمدة من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والاشتراط في التعاقد على إجراء الاختبارات العشوائية لأي مادة بناء تدخل في بناء المبني أو الموقع ويتضمن ذلك إصدار تقرير فنى معتمد من مكتب هندسي محايد ومغاير عن المكتب الاستشارى المعتمد للمشروع ومراقبة أعمال التصميم والتنفيذ والتأكيد على أن المخططات التنفيذية للمشروع بها أعلى مواصفات فنية ملزمة للمقاول. ولفت إلى أهمية دور المقاول بمراعاة أصول وشرفيات المهنة عند التقدم للمشروع ومراقبة الله سبحانه وتعالى، وتسعير المبنى على أساس وضع أعلى المواصفات مع الاحتفاظ بهامش ربحه لكي لا يوفر من ثمن جودة المواد والتعامل مع مقاولي الباطن والموردين على أساس توفير أفضل المواد البنائية المعتمدة من هيئة المواصفات والمقاييس السعوديه والتنفيذ في إطار الجدول الزمني بدون التأثير على جودة ومعايير المواد المستخدمة وطريقة التنفيذ. وقال المهندس عبد الله المقهوي «من المهتمين بهذا المجال»: إن من بين الأمور التي يعاني منها قطاع البناء، هو الغش في مواد البناء المستخدمة، ولكن من أين تأتي تلك المواد المغشوشة؟ هناك مصانع وأسواق عالمية مشهورة بالغش في مواد البناء، حيث تستطيع تلبية حاجة التاجر المستورد للبضاعة بجودة منخفضة وسعر أقل. فتلك المصانع، تستطيع أن تقلل، مثلا، من سمك الحديد المصنع ومواسير المياه وأسلاك الكهرباء وغير ذلك، وتستطيع أن تضع على البضاعة ختما يشير إلى أنها مصنعة في مصنع مشهور في دولة أوروبية. والحال قد ينطبق على بعض مصانع مواد البناء المحلية في ظل ضعف المواصفات وأنظمة التفتيش، فالسلع المغشوشة تجد رواجا عندما ترتفع أسعار المواد الأصلية في ظل غياب تنظيم سوق بيع مواد البناء، والذي يشمل مواصفات البناء والتفتيش عليها والفسح الجمركي لها، ووعي مهندسي ومقاولي البناء وصاحب البناء. وقال: للتفصيل أكثر، فإن وجود مواصفات وطنية هندسية وفنية معتمدة ومحدَّثة لمواد البناء سيجعلها مرجعا عند تصنيعها محليا أو استيرادها من الخارج، وهنا يأتي دور هيئة المواصفات والمقاييس في تفعيل ذلك بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات التي لها علاقة بالبناء. أما الخطوة التالية لمكافحة الغش في مواد البناء، فإنها تكمن في عمل منظومة للتفتيش على جودة البضائع المصنعة محليا أو المستوردة، بحيث يشمل التفتيش، التأكد من مطابقة مصنع مواد البناء لمعايير الجودة العالمية، ويتم أخذ عينات من المواد المصنعة وإرسالها لمختبرات متخصصة لفحصها والتأكد من مطابقتها للمواصفات الهندسية. كما أن القطاع الخاص مطالب بوضع قاعدة بيانات محدثة تحتوي على أسماء ومواصفات مواد البناء المعتمدة هندسيا، بالإضافة إلى ذلك، فإنه يجب أن توجد تشريعات تحمل تاجر المواد مسؤولية أي تلف مصنعي لمواد البناء المستخدمة حتى ولو كان بعد سنين، وكذلك الحال مع أصحاب المكاتب الهندسية وشركات المقاولات الذين يهملون في اختيار مواد البناء المناسبة. وأخيرا، فإن مالك البناء هو المستفيد والمتضرر في النهاية لذلك يجب عليه أن يحرص على اختيار المكتب الهندسي المميز وشركة المقاولات المميزة، حتى لو كلفه ذلك ثمنا أعلى لأنه في النهاية سيكسب راحته وسلامته وسمعته. وقال عضو لجنة شباب وشابات الأعمال في غرفة الأحساء حمد سعد الشدي: أصبح الغش التجاري في الوقت الراهن ظاهرة عالمية سريعة الانتشار نظراً للتقدم العلمي التقني والتكنولوجي ومواكبة العصر ولتسارع وتيرة الحياة، نرى فيها المستهلك حائراً في الأسواق لا يفرق مابين السلع التقليدية والسلع الأصلية ويعود ذلك إلى جشع التجار وصنّاع هذه السلع المغشوشة وكلاهما يشتركان في الجريمة لتحقيق هدفهم الأول وهو جني الأرباح دون الاكتراث لما سينجم عنه من أضرار ومتاعب وخسارة فادحة للمستهلك خاصة أن الغالبية العظمى من السلع المغشوشة ذات تماس مباشر مع احتياجاته ومتطلباته اليومية الضرورية، ولا يمثل الغش التجاري خطراً على المملكة العربية السعودية فقط بل على الكثير من الدول خاصة الدول العربية والخليجية وتكمن خطورته في نموه السريع وبمعدلات قياسية. وقال الشدي: حرصت وزارة التجارة على إبادة هذه الظاهرة بنظام مكافحة الغش التجاري وتفعيل دور الجهات المختصة وزيادة عدد أعضاء هيئات ضبط الغش التجاري وإعداد البرامج التدريبية لتأهيل العاملين وتطبيق أقصى العقوبات وفرض العقوبة المقررة لأي سلعة مغشوشة أو فاسدة أو غير صالحة للاستعمال ويكلف البائع بإعادة الثمن للمشتري وتصادر السلعة دون مقابل ونطمح من وزارة التجارة بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى تكثيف الحملات الرقابية باستمرار وتشديد العقوبة على كل من يروج السلع المدمرة على المستهلكين لأنه سيقلل من النمو الاقتصادي للدولة. وأبان أن أهم المواد الرئيسية المغشوشة التي تتسبب في ضعف جودة البناء هي الخرسانات والأسمنت وعلى المستهلك أن يكون حذرا في اختيارها وأن يتأكد من عدم خلطها مع مواد كيميائية محظورة وليعلم أن أقصى مدة تحافظ الخرسانة على جودتها داخل الشاحنة أربع ساعات وإذا زاد عن ذلك فستفقد الكثير من جودتها وخصائصها وستفقد أيضا التماسك وتتسبب في انهيار البنايات وأن يحذر من شراء الأسمنت الموجود في الشوارع غير المرخص من الجهات المختصة لأن جودة الأسمنت لاتكتشف بالنظر إليها بل عن طريق مختبرات واكتشاف ذلك بعد الانتهاء من عملية الصب حيث يتحول لون الخرسانة إلى اللون الأبيض لذا عليه شراء المنتجات الخرسانية من الشركات الرئيسية التي تلتزم بالمعايير القياسية وتضمن جودة المنتج. وأضاف: من المواد الأساسية أيضا الحديد وفي الوقت الذي تواصل فيه وزارة التجارة بذل مساعيها لحماية المستهلكين حيث أتلفت أكثر من 3000 طن من حديد التسليح المغشوش وغير المطابق للمواصفات والمقاييس السعودية، ويجب على عموم المستهلكين الحذر من اختيار جودة الحديد وأن يستعينوا بمهندس معماري. اعتبر المشاركون في الندوة أن الرقابة الجمركية مهمة في منع مواد البناء الرديئة اعترف المشاركون بوجود الغش التجاري في مواد البناء