تسعى الأندية الكبرى وتحديداً في قارة أوروبا إلى زيادة إيراداتها المالية عبر كل الوسائل الشرعية الممكنة، ويعتبر موضوع بيع حقوق البث التلفزيوني الهاجس الأكبر لهذه الأندية، خاصة تلك التي دائماً ما تقع في مناطق الظل حسب ترتيبها في الدوري، وما بين المطالبة بتقسيم كعكة حقوق النقل بالتساوي بين الأندية، والشروع في توزيعها حسب المكانة الشعبية بينهم، تظل أزمة إيرادات حقوق البث التلفزيوني هي المعضلة الحقيقية لاتحادات تلك الدول، وخاصة اتحادات روابط الأندية التي دائماً ما تعاني من تهديد الأندية الصغيرة بالإضراب وعدم المشاركة في المسابقات المحلية قبيل انطلاق المنافسات المحلية لمختلف البطولات. ففي إسبانيا، تسعى رابطة الأندية بالدوري الاسباني إلى إنشاء نظام يتكفّل بتنظيم إيرادات حقوق البث التلفزيوني، فالقائمون على اللعبة يرون أن عدم وجود نظام المحاصصة سيتسبب بتراجع ترتيب الدوري الإسباني إلى الخامس أو السادس على مستوى القارة، مما يؤدي إلى غياب الشركات الراعية لأحد أبرز الدوريات في العالم، فالأندية الصغيرة ترى أن سبب تفوق برشلونة وريال مدريد محلياً وقارياً يرجع إلى حصولهما على نصيب الأسد من بيع حقوق البث التلفزيوني، حيث يحصلان على نصف تلك الإيرادات تقريباً والتي تبلغ 650 مليون يورو، حيث تبلغ فوارق حقوق البث بين المركز الأول وصاحب المركز الرابع المؤهّل إلى دوري الأبطال ما يزيد على 98 مليون يورو! ناهيك عن ال122 مليون يورو التي تفصل بين عملاقي إسبانيا وصاحب المركز الأخير. أما في انجلترا، فالقيمة المالية للدوري الإنجليزي تعتبر قياسية مقارنة بغيرها من الدوريات، حيث يعود سبب هذا البون الشاسع مع نظرائه من الدوريات الأوروبية الكبرى إلى السوق الإعلامية الجبّارة في بريطانيا على وجه العموم، حيث يتقاضى صاحب المركز الأخير في الدوري الانجليزي والهابط إلى الدرجة الأدنى أكثر مما تتقاضاه جميع أصحاب المراكز الثلاثة في كافة الدوريات الأوروبية! بالإضافة إلى أن عائدات حقوق البث للدوري الانجليزي الضخمة تقسّم بحسب هيكلة الترتيب العام دون فوارق كبيرة تذكر، ولذا فإن الفرق بين صاحب المركز الأول في البريميرليج والمركز الأخير لا يتجاوز الخمسين مليون يورو، وهو مبلغ معقول نوعاً ما مقارنة بنظيره الإسباني. «أزمة موسمية» أما في إيطاليا، فإن سبب هبوط مستويات الأندية هناك في السيريا A يرجع إلى ضعف الموارد المالية السنوية وخاصة عوائد النقل التلفزيوني، حيث أثرت قضايا الفساد المالي والذي تغلغل في جنبات المؤسسة الكروية الإيطالية. نصف إيرادات أكبر الأندية في إيطاليا تكمن في أموال البث التلفزيوني وبيع حقوقها، إلا أنه لا تزال أزمة تحصيص العوائد مستمرة مطلع كل موسم كروي إيطالي، حيث إن فوارق توزيع عوائد البث لا تزال كبيرة بين أصحاب المراكز الأولى والأخيرة، فصاحب المركز الأول يتقاضى ما يزيد على 77 مليون يورو عن صاحب المركز الأخير الذي يتقاضى 17 مليون يورو فقط، وهي أسباب أدت إلى اتساع الفجوة بين الأقطاب الكبرى في الأندية الإيطالية ومثيلاتها من أندية الظل. أما في ألمانيا، وبالرغم من أن الحضور الجماهيري في البوندسليجا هو الأبرز في القارة العجوز، بالإضافة إلى امتلاكها لبنية تحتية هي الأفضل من نوعها، وملاعب هي الأحدث في أوروبا، إلا أن إيرادات حقوق النقل التلفزيوني هي الأضعف في الدوريات الأربعة الكبرى، حيث يرى المراقبون أن حل أزمة انخفاض أسعار حقوق بث الدوري الألماني سيساهم في رفع المستوى العام للأندية الألمانية ككل، ولهذا نرى أن أول الدوري الألماني يتقاضى ما يقارب 36 مليون يورو فقط، حيث أن ال19 مليون يورو هي الفروقات المالية التي تفصل بين أول وآخر ترتيب الدوري الألماني.