قبل أيام توفيت والدة الطالبة كوثر إبراهيم حسن آل سلام- رحمها الله- دهسا أثناء عبورها الشارع بعد انتهاء حفل تخرج ابنتها من جامعة الدمام، فيما تعرضت الطالبة والتي كانت ترافق والدتها إلى كسر في الفخذ ورضوض وللأسف المرور ليس له ذكر في تنظيم الحركة إضافة إلى انعدام التنسيق بين الجهات ذات العلاقة في مثل تلك المناسبات العامة! احتياجات المجتمع الخدمية كثيرة ومتعددة ومنها إنشاء جسور للمشاة والحفاظ على سلامة الناس من التعرض للدهس جراء عبورهم الطرق، وجسور المشاة تسمح بعبور الراجلين للطرق الفرعية أو الرئيسية، ويؤدي غيابها والتقاعس في إنشائها إلى تعرض العابرين للخطر. وإنشاء الجسور يصنف من أعمال المنفعة العامة، وتهدف إلى عبور الطرق بأمان دون إبطاء حركة المرور فيها وبطريقة مستدامة وسهلة الانشاء، ويشترط في إنشاء الجسر أن يكون صديقا للبيئة، والأخذ في الاعتبار علاقته مع المباني والأرصفة المحيطة به، وتسهيل استخدامه من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن يكون ارتفاع الجسر مناسبا للسماح للمركبات الكبيرة بالمرور من أسفله. وعلى الرغم من أهمية جسور المشاة كمتطلب أساسي للسلامة بالمدن يجب توفيره على الشوارع الرئيسة داخل المدن، وما تتضمنه التقارير المرورية بازدياد حالات الدهس والحوادث بسبب عبور الأفراد للشوارع، إلا أن تفاعل الأمانات والبلديات مع هذا الاحتياج الملح لم يكن بالمستوى المطلوب ودائما ما تقابل طلبات سكان الحي ومرتادي المولات والمدارس والمصالح الحكومية والخاصة بالانتظار لحين اعتماد مشاريع لتنفيذ جسور المشاة المطلوبة، وهو أمر طال مع استمرار المخاطر على المواطن والمقيم، وسأورد مثالاً في غاية الأهمية وهو أن قاطني حي إسكان الدمام يصل تعدادهم إلى حوالي 12 ألف نسمة وإلى الآن لم يتم إنشاء جسر للمشاة لعبور أهالي الحي وأولادهم إلى المدارس والمركز الصحي والحدائق في الجهة الغربية وفي الجهة الجنوبية كذلك لا يوجد جسر للمشاة لعبور الناس إلى الشارع التجاري ومحطة القطار، مع أنه مر على إنشاء حي الإسكان حوالي 40 عاما، وقد يكون هناك أحياء في جميع محافظاتالشرقية والمملكة عموماً في حاجة لجسور مشاة لحماية الأرواح من الدهس، ولكون الاهتمام بسلامة عابري الطرق والشوارع داخل المدن او على مشارفها يمثل احد متطلبات الجهات ذات العلاقة والتي يجب أن تعمل لتحقيقها بأي وسيلة ممكنة وعدم التحجج بالأعذار والسلبيات او انتظار ما يعتمد بالميزانية كإجراء لإخلاء المسؤولية، كما أن فشل بعض جسور المشاة في منع عبور الأفراد للشوارع يجب أن نتلمس الأسباب الحقيقية لفشل تلك الجسور لدينا ونجاحها في الكثير من دول العالم، فاللجوء الى فكرة جسر المشاة كبديل عن نفق المشاة يستلزم أن ننفذ جسور مشاة بمواصفات فنية عالية قادرة على تمكين الطفل والمرأة وكبير السن من استخدام الجسر لعبور الشارع بكل سهولة وأمان، ومن الممكن توفير مصعد وسلالم كهربائية كما في الدول الأخرى، وبحيث تحدد مواقعها وفقا للخدمة التي ستقدمها سواء للأسواق او المدارس والجامعات والمستشفيات والمجمعات السكنية . ومع رؤية السعودية 2030 نأمل نشر ثقافة إنشاء واستخدام جسور المشاة ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم والحد من نسبة الحوادث، ولسهولة استخدام الجسور للمشاة يجب تنفيذ جسور المشاة بتصميم متوافق مع هوية كل مدينة، وتسمح بالتهوية بالإضافة لدخول الإضاءة الطبيعية، ويجب أن تتوافر بها جميع وسائل السلامة واستخدام المصاعد الكهربائية. ويمكن طرح إنشاء الجسور في منافسة عامة للمستثمرين لتصميم وتنفيذ الجسور ومنح المستثمر الحق في استثمارها في الدعاية وفتح بعض المحلات والبقالات الصغيرة بجانبها لتحفيز المستثمرين في تنفيذ العديد من الجسور في مدن المملكة للحفاظ على أرواح الناس من الدهس ولسهولة تنقلهم من جانب إلى آخر بدون إصابات أو تعطيل للحركة المرورية.