يستشف من تصريحات وزير الخارجية الأمريكية الأخيرة حول الأزمة السورية وإمكانية إجراء مفاوضات مباشرة مع النظام الأسدي أن الأزمة وصلت الى نفق مسدود لا يوجد في آخره بصيص ضوء حول إمكانية تسوية الأزمة سياسيا، وهو أمر يضع الأوساط السياسية في كل مكان أمام تساؤلات ملحة حول معالجة الولاياتالمتحدة الأزمة برمتها، فالتفاوض مرفوض من قبل كافة دول العالم مع نظام تمرس على إراقة الدماء ومواصلة الحرب. ولا شك أن التصريحات الأمريكية أثارت موجة من التساؤلات حول أزمة لا يمكن تسويتها الا من خلال انتقال سياسي للسلطة دون مشاركة من قبل نظام الأسد، فضمان الانتقال بهذه الطريقة هو المنفذ الوحيد لانهاء تلك الأزمة في ظل مختلف الجهود الدبلوماسية الدولية التي تصب في قنوات انهاء الاقتتال الدائر في سوريا وانهاء حالة الحرب وعودة الأمن والاستقرار الى الربوع السورية. ورغم التباين الواضح في تصريحات وزير الخارجية الأمريكية والتوضيحات اللاحقة لها، إلا أن العالم يخشى من رؤية أمريكية جديدة للأزمة القائمة تتمحور في رفع اليد عنها وعدم الخوض في تفاصيلها وجزئياتها، وهو أمر لا تحبذ دول العالم الاقدام عليه بحكم أن الولاياتالمتحدة بأثقالها السياسية المؤثرة قادرة مع شركائها في المنطقة على بذل كافة الجهود الممكنة لتسوية الأزمة. لقد أثارت التصريحات الأمريكية الأخيرة الكثير من الجدل حول معالجة البيت الأبيض الأزمة، غير أن الأمل معقود على مواصلة الولاياتالمتحدة دورها الفاعل والرئيس لحلحلة الأزمة السورية مع شركائها، وعدم التخلي عن هذه القضية لا سيما في ظل التصعيدات الخطيرة التي مارسها النظام الأسدي وعملياته الاجرامية في حلب التي تعد انتهاكا واضحا وصارخا لكل القوانين الدولية ولكل الأعراف الإنسانية والمواثيق المرعية. العملية السياسية لن تتم بالتفاوض المباشر مع النظام الأسدي الذي ما زال يراوغ لإطالة أمد الحرب وإزهاق المزيد من دماء السوريين الأبرياء، فرحيل النظام الأسدي هو الطريقة المثلى لإنهاء الأزمة وإيقاف طبول الحرب ووقف المجازر الرهيبة التي ما زال يرتكبها ضد الشعب السوري، حيث أسفرت الاعتداءات الأخيرة عن قتل المئات من الأطفال والنساء وكبار السن في موجة متصاعدة من المذابح والمجازر التي يرتكبها الأسد ضد شعبه. وقف تصاعد الحرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من محادثات سلمية حول الأزمة هما دوران تضطلع بهما الولاياتالمتحدة، التي ما زالت تقود العملية السلمية لإنهاء الحرب الضروس في سوريا، والدور الأمريكي مهم للغاية حول إمكانية وقف إطلاق النار والوصول الى مرحلة من التهدئة تمهد السبل لإنهاء الأزمة، ووقف المذابح الرهيبة التي يرتكبها النظام الأسدي ضد السوريين كتلك التي شهدتها مدينة حلب على مدى الأيام العشرة المنفرطة. التدخل لإنقاذ سوريا من الجرائم الرهيبة التي يرتكبها النظام الأسدي مهمة، ولا بد أن تستمر الولاياتالمتحدة في ممارستها والاضطلاع بمهماتها كشريك مهم من شركاء دول المنطقة لإعادة السلام المفقود إلى سوريا، ومن دون هذا الدور الحيوي فان النظام الأسدي سوف يستمر في ارتكاب مجازره الفظيعة ضد السوريين، وستظل جرائم القتل والتدمير والتخريب قائمة بصورها الوحشية والهمجية من خلال سلسلة من المجازر التي يرتكبها النظام.