لا يزال مستقبل اليورو يبدو غير آمن تماما. حيث يدافع البنك المركزي الأوروبي عن استقلاليته وسط هجوم على سياسات أسعار الفائدة السلبية لديه من قبل ألمانيا. اعترف رئيس اللجنة الأوروبية جان كلود يونكر الأسبوع الماضي بأن «المشروع الأوروبي فقد بعضا من جاذبيته». لا تزال اليونان في خلاف حول شروط السداد في حملة الإنقاذ المقبلة لها. وفي نهاية هذا الأسبوع، يمكن أن يعمل قرار غريب الأطوار في إحدى زوايا سوق السندات على تعرض منطقة اليورو مرة أخرى لحدوث أزمة. من المقرر أن تنهي وكالة مختصة بالتصنيف الائتماني تدعى دومنيون لخدمات تصنيف السندات استعراضها للملاءمة المالية للبرتغال. وكالة مودي وستاندرد أند بورز وفيتش تنظر إلى البرتغال على أنها لا تستحق منحها مرتبة الدرجة الاستثمارية، وبعبارة أخرى، تعتبر البرتغال مقترضا محفوفا بالمخاطر وذا درجة تصنيف سيئة. رغم ذلك، حافظت دي بي آر إس على تصنيفها للبرتغال في المرتبة الاستثمارية. طالما أن هنالك وكالة واحدة على الأقل من وكالات التصنيف الأربع تقضي بأن البرتغال دولة جديرة، يبقى دينها الحكومي مؤهلا للمشاركة في برنامج شراء السندات الخاص بالبنك المركزي الأوروبي. لكن إن هبطت البرتغال إلى مرتبة الدرجة غير الاستثمارية من قبل جميع وكالات التصنيف الأربعة، فإن قواعد البنك المركزي الأوروبي تمنعها من شراء المزيد من الأوراق المالية الحكومية البرتغالية - وهي عمليات الشراء التي تضخمت إلى ما يقارب ال15 مليار يورو (17 مليار دولار) في فترة حياة البرنامج التي امتدت لسنة واحدة. لذلك، إن عملت وكالة دي بي آر إس على تخفيض مرتبة البرتغال - وهي إمكانية واضحة، نظرا لضعف الاقتصاد البرتغالي وحقيقة أن الأحكام الصادرة عن الوكالات الثلاث الأخرى والمتعلقة بالجدارة الائتمانية كلها أسوأ من تصنيف دي بي آر إس - فإن هذا من شأنه أن يثير أزمة متجددة في منطقة اليورو. يمكن القول إن مشتريات البنك المركزي الأوروبي مسؤولة عن الحفاظ على تكلفة الاقتراض لدى البرتغال لأجل عشر سنوات عند معدل أقل قليلا من 3 بالمائة خلال الأشهر الستة الماضية. قارن هذا مع اليونان، التي لم تتأهل للحصول على مساعدة البنك المركزي الأوروبي وكان لديها متوسط عائدات يقارب 9 بالمائة منذ أكتوبر، ويصبح من الواضح مدى قيمة أهلية البنك المركزي الأوروبي - ومدى الضرر المالي الذي يمكن أن يصيب البرتغال إن تم استبعادها بسبب تخفيض مرتبتها الائتمانية. بالتأكيد، لا يمكن للبرتغال أن تكون من ذلك النوع من القطط الذي يكون حيا وميتا في آن واحد. وبالتأكيد، إما أنها حاصلة على المرتبة الاستثمارية أو غير حاصلة عليها، وبالتالي إما ينبغي عليها أو لا ينبغي عليها التأهل لدخول برنامج البنك المركزي الأوروبي. لسوء الحظ، تكون تقييمات التصنيف محفوفة بعدم الموضوعية والتحيز، كما تعلَّم العالم خلال أزمة الائتمان. ففي حين يرى أحد المحللين وجود نسبة خطيرة بين الناتج المحلي الإجمالي والدين، قد يرى محلل آخر وجود مديونية مثيرة للقلق بشكل كبير. أكدت وكالة دي بي آر إس على مرتبة الدرجة الاستثمارية الخاصة بالبرتغال في فبراير، لكن مع بعض المحاذير الهامة: يبقى المستوى المرتفع من الدين الحكومي يشكل تحديا رئيسيا، ما يعرض البلد للصدمات. وتبقى آفاق النمو متواضعة، ما يفرض خطرا على التحسن المستدام في التمويل العام. قد تشعر دي بي آر إس بالقلق إذا أخفق النمو الدائم في التحقق. تباطأ النمو الاقتصادي السنوي للبرتغال إلى 1.3 بالمائة خلال الربع الأخير من عام 2015، منخفضا عن 1.4 بالمائة خلال الفصل الثالث و1.5 بالمائة خلال الفصل الثاني. بالنسبة للفصلين الأول والثاني من العام، يتوقع خبراء الاقتصاد المزيد من الركود وصولا إلى 1.2 بالمائة. والبطالة، التي بلغت ذروتها بنسبة 18.5 بالمائة قبل 3 سنوات، آخذة في الارتفاع مرة أخرى، وقد ارتفعت إلى 12.2 بالمائة في ديسمبر بعد أن كانت 11.9 بالمائة في نهاية الفصل الثالث. علاوة على ذلك، تصبح بنوك البرتغال متورطة بشكل أكبر في الميزانية العمومية للحكومة، وفقا لأرقام جمعها محلل بلومبيرج جوناثان تايس. وقد ارتفع اعتماد الحكومة على بنوكها من خلال القروض وحيازات السندات خلال العام الماضي. يعزى 80 بالمائة تقريبا من تعرض البنوك البرتغالية أمام المخاطر السيادية إلى حكومتها المحلية، مع احتمالية أن يعزى قدر كبير من النسبة المتبقية إلى تعاملات البنوك الإسبانية، بحسب ما يقول تايس. من شأن الانخفاض في التصنيف والارتفاع المفاجئ في العائدات البرتغالية أن يكون له أثر كبير، ما يعمل على رفع تكاليف الاقتراض بالنسبة لإسبانيا وإيطاليا. مع عدم انقطاع الأواصر التي تربط إمكانية تعرض البنوك أمام المخاطر الحكومية حتى الآن، فإن الانخفاض في التصنيف من شأنه أن يتسبب في مشكلة كبيرة في قطاع الصناعة المصرفية التي لا تزال تعيش وضعا مضطربا. قد لا يحدث ذلك. ربما تقرر دي بي آر إس بأن البرتغال لا تزال في المرتبة الاستثمارية. لكن مع وجود عبء الدين الذي لا يزال يحوم حول 130 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مرتفعا من أصل 84 بالمائة في بداية العقد وضعف ما كان عليه قبل عشر سنوات، ومع وجود اقتصاد يبدو أنه لا يزال آخذا في التدهور، فإن هذا يُعد موقفا شجاعا.