رحَّبتُ برؤية المملكة 2030 في مقالتي السابقة قبل اطلاقها رسمياً من مجلس الوزراء لأن الجديد -في رأيي - يحرِّك ما سبق ويغيِّرُه. وعندما قرأتُ الرؤية أدركتُ أنَّها -باختصار- تطلقُ طموحنا وتطلعاتنا إلى مستقبل لا يعرف إلا الأمل والعمل والمحاسبة. إنَّ الرؤية بقيادة خادم الحرمين الشريفين -أيَّده الله- تُمثِّل أكبر حَدَث اقتصادي بالبلاد منذ اكتشاف النفط عام 1938م. لقد تخيَّلتُ الملك سلمان وكأنَّه يخاطب والده القائد والزعيم والمؤسس جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- مؤكداً له أنَّنا على العهد نتمسَّك بالثوابت وفي ظلِّها نأخذُ من العلوم ومعطيات العصر الجديدة ما يصلح لحياتنا. ارتكزت الرؤية على (1) استعداد شعبنا للوثوب إلى مستقبل أفضل. (2) موروثنا الديني سيما وأن بلادنا تحتضن مكةالمكرمة التي يتوجَّه إليها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم يومياً خمس مرات، وفيها المدينةالمنورة حيث مثوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن بلادنا انطلقت الدعوة الإسلامية. (3) موروثنا الثقافي فبلادنا مهد الأمة العربية وعليها ردَّد الشعراء العرب قصائدهم وملاحمهم وأمثالهم وخلاصة تجاربهم؛ وفيها تم اجتراح الخط العربي. (4) موقعنا الجغرافي استراتيجي فهو بطرقِه وممرَّاته المائية يجمع بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. (5) واقعنا المعاش موثقاً بالأرقام التي تبرز الإيجابيات والسلبيات. (6) أُخُوَّتنا التي نتقاسمها مع أشقَّائنا العرب وإخواننا المسلمين. (7) علاقاتنا وتعاوننا وتسامحنا مع إخواننا في الإنسانية في جميع قارات الدنيا. وتمحورت الرؤية حول (أ) تطوير الاقتصاد وتنويعه بحيث لا يبقى معتمداً على النفط. (ب) توسيع الدور الإنتاجي للمرأة بحيث لا تنحصر مهمتها في تربية الأجيال فقط. (ج) إعادة هيكلة الجهاز الحكومي وتوجيهه نحو الإنتاج بحيث لا يبقى هذا الجهاز مراقباً فقط على تنفيذ بنود الميزانية السنوية. (د) ترقية وضع المقيمين معنا من إخواننا العرب والمسلمين ليتمكنوا من أداء مهامهم بيسرٍ وسهولة. (ه) تحديد مواقع المسؤولية لمعرفة موقع الخطأ والدفع لتصحيحه. (و) قياس أداء القطاع العام (الحكومة) والقطاع الخاص (الشركات والمؤسسات وأصحاب المهن) والمجتمع المدني (أعمال التَّطوع والمشاركة الأهلية في برامج التنمية الشاملة) لتشجيع الناجحين والأخذ بأيدي من لا يستطيع مواكبة الحدث. إنَّنا مع مليكنا وولي عهده الأمين نشيد بمهندس الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان؛ ونحن جميع المواطنين نعلق الآمال بنجاح الرؤية على متابعة الأمير محمد لمسيرتها. إنَّ نجاح الرؤية يعتمد على معطيات كثيرة منها الصدق، وتطويع الأنظمة لتواكب الرؤية، والأخذ بنتائج قياس الأداء، وتطوير الشورى وتفعيل هيئة مكافحة الفساد. وعلينا نحن المواطنين الترحيب بالمبادرة وعدم الالتفات للمتشائمين والحاقدين والمغالطين، وعلينا التَّميُّز بالعمل المخلص كلٌّ منَّا في موقعه تيمُّناً بالتوجيه النبوي الكريم: (ما منكم من أحدٍ إلا وهو على ثغرٍ من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قِبَلِه). وعلى الله توكلنا..