على الرغم من أن جميع الأطفال لهم الحق في الحماية.. فإن ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم من كافة الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والفئات العمرية والأديان والثقافات يعانون يومياً العنف والاستغلال والإيذاء. وهناك ملايين آخرون معرضون للمخاطر. وهذه إحدى الحقائق المؤلمة التي عرضها المؤتمر العلمي السنوي الخامس لمركز ولجان الحماية من العنف الأسري والإهمال، والمنعقد بمجمع الملك فهد الطبي العسكري بالظهران والذي تشرّفتُ بالمشاركة فيه. فقد عمل «د. خالد دانيش» مدير مركز الحماية بالمجمع والمشرف على المؤتمر على اختيار فريق العمل بعناية لإيجاد شراكات استثنائية مع الجهات التنفيذية في هذا المجال، وذلك إيماناً بأهمية العمل الجماعي بين مختلف التخصصات للحدّ من ظاهرة العنف والإيذاء والتعاون معاً من أجل إيقافها، ومن أجل محاولة إيجاد بيئة آمنة ومتضامنة تتصدى للعنف الأسري، وهو الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على نوعية الأوراق العلمية المقدمة والمحاضرين لتفعيل ثقافة وطنية تحترم حقوق الأفراد وخصوصًا الفئات الأكثر عرضة للعنف كالأطفال والنساء وكبار السن وذوي الإعاقة. ولأن الأشخاص ذوي الإعاقة هم أكثر من غيرهم معرّضون للعنف والاستغلال والإساءة، فقد اخترتُ دون ترددٍ أن تكون ورشة العمل التي أشارك بها هؤلاء الأساتذة عن كيفية تمكين الأشخاص من حماية أنفسهم بأنفسهم، وذلك بدلاً من الوصول إلى مرحلة معالجة العنف ذاته وآثاره الخطيرة، حيث تشكل الإعاقة مصدرًا جاذبًا لتعرضهم لهذا النوع من الممارسات، ورغم كون هذه الفئة عنصراً أساسياً في المجتمع، ورغم ما يمتلكه الكثير منهم من قدرات تساعد على الاندماج في الحياة العامة، إلا أن الدراسات تشير للأسف إلى أن نسبة العنف ضد الأشخاص ذوي الإعاقة تتضاعف مقارنة بالعنف ضد غيرهم. ومع كونه المؤتمر الخامس الذي يقيمه مجمع الملك فهد الطبي العسكري بالظهران والذي افتتحه العقيد الدكتور خالد بن عبدالله الحديثي، إلا أنها المرة الأولى التي أسمع بها عن هذا الجهد المتميز، ربما هو تقصير مني في المتابعة، أو ربما لأن غالبية الحضور كانوا من ضمن الطاقم الطبي بالمجمع، وقد تكون هذه إحدى الملاحظات التي أجمع عليها بعض المشاركين من حيث الحاجة إلى فتح المجال للدور الإعلامي بشكل أكبر لتغطية مثل هذه الموضوعات الهامة والحساسة، وكذلك فتح المجال لعدد أكبر من الجمهور التربوي وأولياء الأمور المعنيين بالأمر. خاصة أن الحوارات المفتوحة مع صنّاع القرار في هذا المؤتمر أسهمت بشكل كبير في رفع مستوى المكاشفة وطرح السبل الكفيلة بتحقيق معادلة الأمان الأسري والحدّ من العوائق القانونية والاجتماعية والنفسية التي تحول دون تحقيق هذا الهدف.