على طول تاريخه الضارب في القدم، والممتد على مدى 135 عاماً، لم يشهد مجلس النواب المصري مثل هذا الاحتفاء بزعيم دولة مثل ما حدث ظهيرة يوم أمس في القاعة الرئيسية له بعد أن احتشد النواب ال 596 جميعاً منصتين لكلمة خادم الحرمين الشريفين التي بلغت خمس دقائق ونصف، تحيط بهم مشاعر من الغبطة لا تخطئها العين، غبطة لها ما يبررها وتتفهمها أذهان كل من يعي عمق العلاقات السعودية المصرية. لطالما كانت البرلمانات أصواتا صادقة وحقيقية للشعوب، وعندما يكرر النواب على اختلاف مشاربهم الوقوف أكثر من مرة في كلمة لم تستمر سوى 5 دقائق فإن ذلك يفسر قيمة تلك الكلمة والأهم قيمة من تحدث بها. في مصر كان خادم الحرمين الضيف الكبير الذي احتضنته أرض الكنانة كما يجب، فكان أن رد لها المعروف بشراكة حقيقية تعمل على نشر غيم خيرها على أرجاء القطر المصري بميزانيات لم تعترف بلغة الارقام بقدر ما كانت تركن الى لغة الأخوة والعون. أن يهتف نائب بصوته الجهوري مرحباً أو نائب آخر بقصيدة أكثر ترحيباً فهو ليس ما يبحث عنه خادم الحرمين الشريفين في زيارته، ولكنه يمنح بعدا آخر حول محاولة الناس لإظهار الامتنان لمن يحبون. كانت كلمة جعلت المستحيل ممكنا، وفسرت مفهوم المساعدة كما يجب، بعيدا عن حسابات السياسة وتحليلات ضيقة الأفق لتبرهن أن الاصل في علاقات الاشقاء هو الود والتفاهم. وعندما نرى ما يحدث في الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين فإننا نستحضر قوله تعالى (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) أما الزبد هنا فهو كل ما دار من باطل القول حول علاقة المملكة بمصر، وأما ما ينفع الناس فهو ما نراه أمامنا واقعا جليا ليمكث معلنا عن مستقبل أكثر إشراقا لكلا الشعبين.