الافتقاد للقدوة الصالحة موجود على أرض الواقع لا أقتنع بأسبابه مهما كانت الأسباب، ليس هناك مهم أهم من مسئولية الأمانة «كُلُّكُم رَاعٍ وكُلُّكُم مسئول عَن رَعِيَّتِهِ» عليك أفضل الصلاة والسلام يا رسول الله. تفريط الراعي بغياب القدوة الحسنة وإهمال الأمانة عوامل تدمير للمراهقين. في هذه المرحلة وما بعدها يجب احتواء الشباب ومتابعتهم المستمرة، خاصة في عصر التكنولوجيا التي لا ننكر فضلها في تسهيل حياتَنا اليومية وجعلتْها مُيسرة؛ وجعل العالم كله قرية صغيرة. لكن لا ننكر أيضاً سلبياتها، ومن سلبياتها أيضاً نحن الكبار. كيف؟ ببعدنا عن صغارنا تركنا مجالاً واسعاً لهوة عميقة تفصلهم عن واقعهم فاستسلموا للتقنية الواردة من خارج حدود البيت والأسرة والمدرسة مما سبب أزمة انتماء وعزلة عن الواقع والبيئة، فضعف الوازع الديني لدي أكثرهم وابتعدوا عن القيم والعادات والموروثات البيئية والهوية الوطنية. بعدنا للأسف أفرز شباباً حائراً فقد بوصلة حياته فتاه عن الاتجاه الصحيح، هذا ينحرف وذاك يُدمن وآخر يُعربد، وفتيات يهربن من بيوتهن،!! تناقضات أفعال الكبار وأقوالهم في بعض الأسر ولّدت شباباً ضل الطريق فذهب لأصدقاء السوء أو لمن يتلقفهم بأفكاره الخبيثة ويبث سمومه فيهم فيغسل أدمغتهم ليرتكبوا أفعالاً لا إرادية والشواهد كثيرة. الشباب يحتاج للتربية بالقدوة الصالحة عملاً وقولاً أعلى آلاف المرات من تربية الخطب والشعارات هذه التربية أثبتت تجربة أن "فعل رجل في ألف رجل خيرٌ من قول ألف رجل في رجل" أعرف آباء وأمهات لم تسمح لهم ظروف الحياة في التعليم أو بمعنى آخر آباء وأمهات أمّيون ولكنهم علماء كبار بالفطرة النقية التي فطر الله الإنسان عليها فلم تتأثر فطرتهم بماديات الحياة ومظاهرها، بالإضافة إلى دروس الحياة وتجاربها التي صقلتهم فاحتووا وصادقوا وغرسوا الحب المبني على الثقة الصادقة المتبادلة فأحسنوا التربية، بالفطرة كانوا القدوة الصالحة والمثل، استطاعوا من أن يبنوا سوراً منيعاً يحمي أبناءهم من الانحرافات والتوجهات السلبية والأفكار المضللة. أعرفهم تماماً من ذوي الدخل المحدود ومن "بند الأجور" بارك الله لهم وجازاهم خير الجزاء وجعل أبناءهم أعلاماً لكل علم نافع وخيراً في المجتمع ليس بالضرورة أن أذكر أسماءهم فالمجتمع أعلم بأعلامه وأدرى برقي وأمانة فئاته المسئولة وإخلاصها وأمثالهم كثيرون ممن أخلصوا لله والوطن فوفقهم الله. أكثر ما أخشاه ظهور جيل بلا قدوة "جيل اللاّ قدوة". لنقترب منهم وبحوار حضاري يعتمد أساساً على احترام الرأي الآخر وتقبله، لا حوار "الند للند" حوار يشعرهم بالأمان فيفرغون كل الطاقات والمشاعر السلبية التي بداخلهم لقلوب آبائهم الكبيرة، فتنشأ علاقة صداقة حميمة بينهم وتتكسر كل الحواجز والجسور فتُبنى الشخصيات الإيجابية التي تحسن اتخاذ القرار بمسئولية. هناك أمور أود توضيحها أيضاً لها علاقة بالقدوة، السلوك الشخصي لبعض للآباء وتناقض تصرفاتهم مع توجيهاتهم، مثلاً يرى المراهق أباه يدخن في الوقت الذي يأمره بعدم التدخين، أو بعدم الكذب وهو يكذب!! – أسهل كذبة يرتكبها الكبار أكبر درس سيئ يتعلمه الصغار. عندما يسأل شخص ما في الهاتف عن الأب ويجيب الطفل تأتيه إشارة بأنه غير موجود - وعدم انضباطهم في العمل أو في وفائهم بالوعود وفي مقاطعتهم لأرحامهم ويشرحون لأبنائهم دروس صلة الرحم في الحديث الشريف «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ» هذا على سبيل المثال فقط. ليعلم الكبار أن مخ الأطفال مثل كاميرات الفيديو تسجل أفعال وأقوال الآباء والأمهات بالصوت والصورة. لتكن أسوتنا ممثلةً في شخص الحبيب المصطفى، قدوةِ الخَلْق أجمعين صلوات الله وسلامه عليه. فلنقتدِ به وسنكسب ولن نخسر.